السؤال: ما حكم صلاة الجمعة في المناطق التي تتعرّض للقصف ،وخاصة في منطقة حلب التي تتعرض لهجمة شرسة من الطيران الروسي المجرم، وهل هناك رخصة في ترك صلاة الجمعة ويصلي كل شخص في مكانه ظهرا؟! أفتونا مأجورين.
الجواب: الحمد لله رب العالمين،ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على سيد الخلق المبعوث رحمة للعالمين،وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
لا شك في أهمية الصلاة في ديننا والاجتماع لها ،وخاصة صلاة الجمعة التي دل الكتاب والسنة والإجماع على وجوب حضورها لكل مكلف إلا من عذر. قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [الجمعة: 9]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم :«من ترَكَ ثلاثَ جُمَع تهاوناً بها طبَع الله على قلبه» . أخرجه أبو داود والنسائي.
ولكن إذا كان حضور الجمعة والجماعة سيؤدي إلى قتل الأنفس وهلاكها، فحينئذٍ تسقط الجمعة والجماعة ويصلي الناس في بيوتهم الجمعة ظهرا ،إذ حفظ النفس من مقاصد الشريعة. وقد نص الفقهاء على أن الخوف على النفس والمال والأهل هو عذر مبيح لترك الجمعة. قال ابن قدامة رحمه الله في معرض كلامه عن الأعذار المبيحة لترك الجمعة والجماعة ، قال في “المغني” (1/ 451):” ويعذر في تركهما الخائف؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – :«العذر خوف أو مرض» والخوف، ثلاثة أنواع؛ خوف على النفس، وخوف على المال، وخوف على الأهل.
فالأول: أن يخاف على نفسه سلطانا، يأخذه أو عدوا، أو لصا، أو سبعا، أو دابة، أو سيلا، ونحو ذلك، ممّا يؤذيه في نفسه.
النوع الثاني: الخوف على ماله؛ بخروجه مما ذكرناه من السلطان واللصوص وأشباههما، أو يخاف أن يسرق منزله أو يحرق أو شيء منه أو يكون له خبز في التنور، أو طبيخ على النار يخاف حريقه باشتغاله عنه أو يكون له غريم إن ترك ملازمته ذهب بماله، أو يكون له بضاعة أو وديعة عند رجل إن لم يدركه ذهب.فهذا وأشباهه عذر في التخلف عن الجمعة والجماعات.
النوع الثالث: الخوف على ولده وأهله أن يضيعوا، أو يكون ولده ضائعا فيرجو وجوده في تلك الحال أو يكون له قريب يخاف إن تشاغل بهما مات فلم يشهده. قال ابن المنذر ثبت أن ابن عمر استصرخ على سعيد بن زيد بعد ارتفاع الضحى فأتاه بالعقيق وترك الجمعة. وهذا مذهب عطاء، والحسن، والأوزاعي، والشافعي” انتهى. ومن شرائط وجوب الجمعة عند الحنفية: “عدم حبسٍ وعدم خوف” كما في الدر المختار وعلق الطحطاوي في الحاشية بأنه يدخل فيه الاختفاء من السلطان والخوف من اللصوص.
وبناء على ما تقدم فيجوز للخائفين من التجمع في المساجد في الجمع والجماعات أن ينالهم القصف أن يتركوا ذلك ويصلوا في بيوتهم. نسأل الله عز وجل أن يرفع البلاء عن إخواننا في كل مكان وأن يهلك أعدائنا بقدرته وجبروته والحمد لله رب العالمين.
المجلس الإسلامي السوري
4 جمادى الأولى 1437 هجري، الموافق 13 شباط 2016م