بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله لا راد لحكمه ولا معقب لأمره والصلاة والسلام على نبينا محمد نبي الهدى والرحمة وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:
فقد مضى على الثورة السورية ست سنوات مرت بحلوها ومرها وبأفراحها وأحزانها، وكل يوم يمر يرتقي فيه شهداؤنا ويكبر سفر المجد وسجل البطولة والفداء، ويقدم السوريون ثمناً باهظاً لحريتهم وكرامتهم، قتلاً وجراحة وسجناً وتهجيراً وتدميرا، والمجلس الإسلامي السوري بهذه المناسبة يبين ما يلي:
أولاً: أثبت شعبنا الأبي أنه خليق بالنصر وجدير بنيل الحرية والكرامة، فما تحلى به من صبر وثبات صارا مضرب المثل لكل الشعوب المتطلعة للخلاص من الظلم والاستبداد، وبعد مضي ست سنوات ما زال وهج الثورة وقادا، وما زال رأسها شامخاً، وما زال شعبنا عند ثوابته التي رسمها بدمائه ورسخها بصموده، فنسأل الله أن يتقبل شهداءنا ويشفي جرحانا، ونحيي شعبنا العظيم بهذه المناسبة الشامخة.
ثانياً: لم يبق هناك وهم ولا شك بأن العالم بشرقه وغربه متواطئ على شعبنا ومتآمر على قضيتنا، لم يحرك قلبَ الحضارة الحديثة ولا منظمات حقوق الإنسان منظر الأشلاء في الأسواق ولا بقايا الكراسات في أنقاض المدارس، ولا الأطفال يستخرجون من تحت الأنقاض، ولا أنين الجرحى في المستشفيات المستهدفة مما زاد جراحهم جراحاً ومعاناتهم عذابا، وحيال ذلك ينبغي علينا جميعاً أن نلجأ إلى الله تعالى وألا نعول على قريب ولا بعيد وأن نتمثل بهتاف الثورة الشهير (يا الله ما لنا غيرك يا الله) فقد انقطعت آمالنا إلا من الله وخاب رجاؤنا إلاّ فيه سبحانه.
ثالثاً: إن النظام المجرم اتضحت خطته بأنها تقوم على تهجير الناس من البلد لأجل إنجاح مشروع التغيير الديمغرافي، فسياسة الحصار والتجويع ثم التهجير تمارس على الأرض التي خرجت عن سيطرته، وسياسة التفخيخ والتفجير في الأماكن الآهلة التي تحت سيطرته كجريمته بالأمس في القصر العدلي في دمشق، واستمرار الاعتقالات وقصف المرافق الحيوية كمشاريع تزويد المياه كل ذلك يصب في نفس الهدف، وفي هذا الصدد نرى أن على السوريين التشبث في أرضهم أرض الرباط.
رابعاً: ما تزال معضلتنا الكبرى في تشرذم الفصائل الجهادية وتفرق كلمتها رغم كل الدواعي التي استوجبت اجتماعها ومع كثرة المبادرات التي سعت لتحقيق ذلك إلا أنها تصطدم في كل مرة بأعذار واهية، ويدفع الجميع ثمن هذا التفكك والتناحر، وتمضي عليهم سنة الله التي لا تجد تبديلا (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) فهل آن الأوان لأن يتحمل هؤلاء القادة مسؤوليتهم ويحفظوا ما بقي من دماء شبابنا وقدرات أبنائنا؟
خامساً: ومع كثرة اللقاءات والاجتماعات التي ترفع شعارات الحلول السياسية، ونسمع لها جعجعة ولا نرى منها طحيناً، يدرك الجميع أن هدفها تزجية الوقت وإعادة تأهيل النظام وتحويل الثورة إلى معارضة يمكن المقايضة معها على حلول وسط، ومن الواضح أنه لا يوجد رعاة ولا ضمانات، بل روسيا هي الخصم والحكم، ومتى كان الذئب الضاري راعياً !!!
سادساً: نحيي ونشكر كل الشعوب الشقيقة التي وقفت مع ثورتنا وكذلك المواقف المشرفة من بعض الدول، ونقول للجميع إن أمتنا هي المستهدفة في كل ما يجري فليكونوا على قدر المسؤولية وليحملوا الأمانة بصدق، فإن العدو المتربص لن يرحم أحداً ولن تقف أطماعه عند حد.
وفي الختام نسأل الله الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء أن يجعل من هذه السنة نصراً لأوليائه وخذلاناً لأعدائه، وأن نرى الحق فيها ظاهراً والباطل زهوقا، وأن يحفظ بلادنا من كل سوء، وأن يبطل كيد المجرمين، ويمضي عزم المجاهدين، ويلهمهم السداد في القول والعمل، والحمد لله رب العالمين.
المجلس الإسلامي السوري.
17جمادى الآخرة 1438 هجري، الموافق 16آذار 2017