الحمد لله القائل ” إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ” والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل ” لا ينزع الله العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ولكن بقبض العلماء ” وعلى آله وأصحابه ومن اتبع هداهم إلى يوم الدين وبعد:
فقد توفي فجر هذا اليوم فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن لطفي الصباغ الميداني الدمشقي رحمه الله في إحدى مستشفى الرياض بالمملكة العربية السعودية بعد معاناة طويلة مع المرض أسأل الله أن يجعلها له طهوراً وكفارة ورفع درجات إنه رب الطيبين وولي الصالحين.
ولد فقيدنا الراحل في حي الميدان بدمشق عام 1930 م وتلقى العلوم الشرعية والعربية على مشايخ الشام الأعلام من أمثال الشيخ حسن حبنكة الميداني والشيخ خيرو ياسين وفقيه الشافعية الشيخ صالح العقاد وفقيه الحنفية الشيخ عبدالوهاب دبس وزيت، وأتقن القرآن الكريم على يد المقرئ الشيخ سليم اللبني، وتخرج من كلية الآداب بجامعة دمشق وواصل تحصيله العلمي (الأكاديمي) فنال شهادة الدكتوراه من جامعة الإسكندرية بمصر وكان موضوع رسالته “التصوير الفني في الحديث النبوي”، واصل الشيخ مسيرته الدعوية وكان له أدوار بارزة لا سيّما في مجال الخطابة فقد كان خطيباً مفوهاً فصيحاً، واضطر لمغادرة سوريا في الستينات من القرن الماضي وعمل في التدريس في الجامعات السعودية، درس خلالها علوم الشريعة كعلوم القرآن وعلوم الحديث، وكذلك علوم العربية كالنحو والبلاغة والأدب، وتولى بعد ذلك الإشراف على العديد من الرسائل الجامعية في الدراسات العليا وعهد إليه بمناقشة الكثير من الرسائل، وكان له نشاطات بارزة في عدة مجالات إسلامية عالمية، كلجنة اختيار المرشحين لجائزة الملك فيصل العالمية، والتوعية الإسلامية في الحج، وله مشاركات كثيرة في المؤتمرات العالمية التي تهتم بشؤون الدعوة وقضايا الأمة الإسلامية، وله برامج إذاعية وتلفازية كثيرة نشر من خلالها العلم والوعي الإسلامي، وكانت له مواقف واضحة في الثورة السورية المظفرة إن شاء الله إلى جانب الشعب المظلوم ضد النظام الظالم المستبد، امتاز الفقيد رحمه الله بغزارة إنتاجه العلمي، فقد رفد المكتبة الإسلامية بكثير من الكتب النافعة التي تنم عن وعي عميق وحرص عظيم على نهضة الأمة في المجالات الدعوية والعلمية والثقافية فكانت تربو على الخمسين كتاباً طبع الكثير منها، ومن أشهر كتبه رحمه الله :
وكان للشيخ عناية واضحة بشأن الأمة العام، يعرف ذلك كل جلسائه الذين استمعوا إلى حديثه الفياض عن هموم الأمة وقضاياها، يعبر عن ذلك بعبارات فصيحة وعاطفة جياشة، يجمع إلى ذلك الأدب والرقة وحسن الخلق، يعد الشيخ من الطبقة الرائدة التي نشرت الوعي الإسلامي في حقبتي الخمسينات والستينات في سوريا، نسأل الله أن يجعل كل ذلك في صحيفة حسناته، وأن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جنته، وأن يعوض أمتنا خيراً، والمجلس الإسلامي إذ ينعي إلى الأمة هذا العلم البارز ليعزي أسرة الفقيد وذويه ومحبيه من الأساتذة وطلبة العلم، إنا لله وإنا إليه راجعون.
المجلس الإسلامي السوري
7 صفر 1439 هـ الموافق 27 تشرين الأول 2017م