بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وعلى أصحابه ومن اتبع هداه، وبعد..
فإن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الحجرات 10] .
في خضم الأحداث وتكالب الأعداء على الثورة السورية، وبعد هذه التضحيات الجسام التي قدمها الشعب السوري لنيل كرامته وحريته بإسقاط النظام الظالم المجرم فوجئ المسلمون بالاقتتال الدائر بين جبهة ثوار سورية وجبهة النصرة ، حيث ترافق ذلك مع اغتنام النظام الفرصة فبدأ بالتقدم على عدة جبهاتٍ وكان من المفترض أن تتراصَّ صفوف المجاهدين لسدِّ هذه الثغرات وتعزيز مواقع الجبهات ونسي الجميع أنَّ الله لن يمنحَ نصرهُ وتمكينه للمتنازعين المختلفين فبيَّن سبحانهُ أنَّ التنازعَ مؤذنٌ بالفشل وذهاب الريح ومبدد للجهود ومضيّع للمكاسب.
قد كثرت الأقاويل وتعددت الروايات عن دوافع وأسباب هذا النزاع ، وبغض النظر عن مصداقيتها فالمجلس يذكَّر الجميع بأنَّ الله يسمع ويرى ولا تخفى عليه خافية ، وهو لا يُصلح عمل المفسدين ونذكِّرهم بحرمةِ دم المسلم وبخطورة إراقته وبحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام ((لا يزال المسلم في فسحة من أمر دينه ما لم يصب دما ً حراماً))، والمجلس ليس بصدد الإشارة بأِصبع الاتهام لجهة دون أخرى ، بل يسعى لوأد الفتنة ورأب الصدع والاحتكام الى صوت الشرع ونداء العقل وداعي المصلحة وفي الوقت نفسه يدعم المجلس كلَّ جهدٍ بُذل وسيبذل في هذا الاتجاه عملا بقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة 2].
ويرى أن هذا من أعظم مهامه التي اُنيطت به، ومن الأمانة التي حُمِّلها، وهذا لن يكون على وجهه إلا إذا قام بالقسط، وقال بالحق، وهذا من الميثاق الذي أخذه الله على العلماء خاصة وعلى المسلمين عامَّة ، قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [النساء 135].
وقد اطَّلع المجلسُ على بعض المبادرات المطروحة لحل النزاع بين الفريقين و المتلخصة بالنقاط الآتية :
– وقف إطلاق النار بين الطرفين مباشرة والفصل بينهما في نقاط التماسّ ، وذلك بنشر فصائلَ محايدةٍ، ويتولّى التنسيقَ في ذلك أصحاب المبادرة.
– يلي ذلك انسحاب جميع الأطراف إلى المواقع التي كانت قبل نشوء النزاع.
– يترافق ذلك مع اطلاق جميع الأسرى وتسليم جثث القتلى نسأل الله لهم المغفرة.
وهناك نقاط أخرى تفصيلية يمكن للأطراف أن يتوافقوا عليها و يلتزموا بها، والمجلس يشجع كل هذه المبادرات ويسأل الله لها النجاح مخاطباً وازع التقوى في قلوب جميع الإخوة ويناشدهم بالله تعالى ألا يشمتوا بنا الأعداء ولا يكونوا من القوم الظالمين.
وفي الختام ينتظر المجلس من الجميع إظهار ما يدل على رضاهم دون تأخيرٍ وذلك بقبول التحاكم إلى محكمة شرعية محايدة يتفق الجميع عليها بسعي من أهل المبادرة، ونحن جميعا تحت حكم الشرع وهذا مما لا يخفى من بدهيات الدِّين ، وفي حال عدم الاستجابة من أي طرف فإِبراءً للذمة وقياماً بالواجب فلا بد من تجلية المواقف وتحميل المسؤولية.
نسأل الله تعالى أن يحقن دماء المجاهدين ويسدد رأيهم ويصلح أحوالهم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المجلس الإسلامي السوري
الجمعة 8 محرم 1436
31/تشرين الأول/2014