د. موسى إبراهيم الإبراهيم
إنَّ إحياء رسالة العلماء في الأمة هي الخطوة الأولى في مسيرة الإصلاح، الإصلاح الشامل الذي يعيد الأمة إلى مكانتها الريادية، ويجعلها شاهدة على الناس حاملة لمشعل الهداية ومنهج الخلاص للبشرية جمعاء، وما لم تلتف الأمة الإسلامية حول علمائها وتتخذ منهم مرجعية عليا لها فإنها ستبقى تعيش رهن الهزيمة النفسية التي تجعلها ذيلاً لمقولات الغرب وأفكاره وفلسفاته، ولكن من يبدأ الخطوة الأولى؟ ومن الذي يعلِّق الجرس إن صحَّ هذا التعبير؟
هل الأمة هي التي عليها أن تفعل ما عليها أم أنَّ العلماء الربانيين هم من يجب أن يأخذوا دورهم ويَرُوْدوا أمتهم ويتقدموا الركب والمسيرة؟ لا شكَّ أنَّ العلماء هم من يتحملون المسؤولية؛ فعليهم أن يقوموا بدورهم، وأن يجعلوا من أنفسهم أهلًا لثقة أمتهم بهم من خلال الصدق والإخلاص والتضحية والوعي والتجرد وحمل همِّ الأمة والتفاني في حلّ مشكلاتها، ومن خلال رؤية واضحة للإصلاح وإعادة البناء بحيث يشعر جمهور الأمة بكفاءة قياداته العلمية والفكرية وصدقهم وإخلاصهم، وهنا تولد الثقة بل تفرض نفسها، وعندئذٍ يسلم الناس قيادهم عن طواعية وحب واختيار لمن منحوه الثقة ودخل قلوبهم، وكان منهم ملْءَ السمع والبصر، يومئذٍ تكون السفينة قد تهيأت للإبحار وتكون البوصلة قد حددت المسار.
لكي يؤثر العلماء في أمتهم لا بدّ أن يشعروا من أعماق قلوبهم بأن الأمة فيها خير كثير وعندها طاقات وإمكانيات كبرى؛ فالعالم أو القائد الذي لا يؤمن بقدرة من يدعوهم أو يقودهم لا يمكن أن يكون لدعوته أثر.
إن سلاح العلم والفكر هو الخطاب، وإن لشكل الخطاب وضوابطه الأثر الأكبر في قبول الفكرة أو ردِّها؛ فلا بد لنا من بيان معالمه ليكون المسلم على بصيرة من أمره، وهنا أشير إشارات سريعة إلى وجوهٍ للخطاب الإسلامي المعاصر تبدو معالمَ وعناوينَ تتسعُ لكثير من الإيضاحات والتفاصيل في ميدان العمل الدائب الطويل:
أولًا: الخطابُ الإسلاميُّ أسسُه ومنطلقاتُه
للخطابِ الإسلاميِّ خصائصُه الذاتيةُ التي تميِّزه عن باقي المناهج البشرية المصنوعة، وهذه أهمها:
1- ربانيةُ المصدر هويةً ومرجعيةً 2- عالَمِية الوجهة 3- وسطية المنهج 4- الإيجابية في الحركة بين الثوابت والمتغيرات مع فقه الواقع والموازنات 5- المرحلية والتدرج والواقعية 6- التصالح مع العاملين للإسلام والشعوب والحكام 7- الإخلاص والمصداقية بصفتهما أساسًا للنَّجاح.
هذه أهم سمات خطابنا الإسلامي العامة، فعلى المسلم أن يجعلها حقائقَ واقعية في الميدان لا كلامًا منمقًا مصفوفًا أو تنظيرًا في فراغ.
ثانيًا: خطابُ الإسلام لعلماء المسلمين
رفع الله من شأن أهل العلم فقال: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]، وأوجب الرجوع إليهم فقال: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، وامتدح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أهل العلم فقال: ((العلماء ورثة الأنبياء))[1]، وحملهم هُم والأمراء مسؤولية صلاح الأمة وفسادها فقال: ((صنفان إن صلحا صلح الناس وإن فسدا فسد الناس: العلماءُ والأمراء))[2]، وذكر بعض الشعراء ما رآه في زمانه من تقدم العلماء الربانيين في التأثير بواقع الأمة على أهل السياسة فقال:
إن الملوك لَيحكمون على الورى وعلى الملوك لَتحكم العلماء
إن العلماء هم من يصلحون الأمة ويحفظونها من الفساد، فإن فسدوا فأي خير يبقى في الناس، قال الشاعر:
يـا علماء الدين يا ملـح البـلد ما يُصلح الملح إذا الملح فسد؟
وللإسلام خطابٌ خاصٌّ بأهل العلم في الأمة الإسلامية يكوِّن بمجموعه الأسس والمنطلقات التي تضبط تحركهم أو علاقتهم بالأمة، وعلى أهل العلم أن يكون خطابهم فيما بينهم كما أرشد الشرع الحنيف: 1- التجردُ والإخلاص لله تعالى رائدُنا 2- إصلاحُ النفس والبيت والأمة واجبُنا 3- إيجادُ القدوة الحسنة لسائر الناس مهمتُنا 4- التأصيلُ الشرعي لحركة المجتمع مسؤوليتُنا 5- الثقة بالمستقبل الواعد أملنا 6- الاختلاف في الرأي لن يفرقنا 7- الهمة العالية والإتقان في العمل منهجنا 8- التسرع وحرق المراحل ليس من أخلاقنا 9- التآمر العالَمي على الصحوة الإسلامية يوحِّدنا 10- الصدع بالحق مهما كان مرًّا مطلبنا.
إن على علماء الأمة اليوم أن يعرفوا قدرهم ويتحملوا مسؤولياتهم، فالأمة بحاجة إليهم؛ فهم روادها وقادة الإصلاح عبر تاريخها الطويل.
ثالثًا: خطابنا الإسلامي إلى الحركات الإسلامية
إخوانَنا الأحبة العاملين في الساحة الإسلامية، أيتها القيادات الإسلامية المعاصرة، يا من رشحتم أنفسكم لتوجيه الأمة والنهوض بها لإعادة أمجادها وبناء حضارتها وإسعادها في ظلال الإسلام العظيم: اسمعوا منَّا يا أحبتنا، فهذا خطابنا إليكم مع كامل الاحترام والتقدير -وهو خطاب مستمد مما تعلمناه في دينِنا الإسلام-: 1- أنتم جماعات إسلامية وليس أحد منكم جماعة المسلمين، فجماعة المسلمين هي الأمة الإسلامية قاطبة حيث يرتفع الأذان وتدور الألسن بالشهادة لله بالوحدانية ولرسوله بالرسالة 2- تعاونوا وتناصروا ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم 3- الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية 4- اجتهادنا صحيح يحتمل الخطأ، واجتهاد غيرنا خطأ يحتمل الصواب 5- نتعاون فيما نتفق عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما نختلف فيه 6- رحم الله امرأً عرف زمانه واستقامت طريقته 7- التنظيم وسيلة وليس غاية 8- فقه الواقع وفقه الموازنات وفقه الأولويات ضرورات دعوية لا يجوز لمن يتصدر لقيادة الأمة أن يتجاهلها ويغامر بمن معه 9- الولاء والبراء للإسلام والمسلمين وليس للتنظيم ولا للحزب 10- الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل 11- الحوار الدائم لتقارب الأفكار وتوحيد الرؤى مطلب إسلامي لا غنى عنه 12- الساحة الإسلامية والعالمية تسع الجميع 13- أنتم جميعًا مستهدفون، فمتى تتحدون؟ 14- احترام أهل الفضل والسبق والتجربة والهيئات العامة جزء من الأدب الذي تعلمناه في ديننا 15- عليكم أن تستفيدوا من أخطاء الآخرين وأن لا تكرروا الأخطاء 16- ينبغي ألا يخلط الإنسان بين الانتصار للحق والانتصار للنفس 17- لا تعرفوا الحق بالرجال ولكن اعرفوا الحق تعرفوا أهله 18- الغلو والتنطع والتزمت وسوء الظنّ ليس من أخلاقنا 19- الصلاح قبل الإصلاح والإخلاص أساس النجاح، وأخيرًا وليس آخرًا: لا يصلح لهذا الدين إلا من أحاطه من جميع جوانبه بأدبٍ جمٍّ، فالأدب سمة الإسلام.
رابعًا: المرأة في الخطاب الإسلامي
المرأة في القرآن والسنة
قال الله تعالى مساويًا بين المرأة والرجل في قبول العمل: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: 195] وقال في المساواة بينهما في الحقوق: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((النساء شقائق الرجال))[3] وأوصى بهنَّ خيرًا ليرفع عنهنَّ ما حاق بهنَّ من ظلم المجتمعات، فقال: ((استوصوا بالنساء خيرًا))[4].
تكريم الإسلام للمرأة:
كرَّم الإسلام المرأةَ وقدرها واحترمها وأعطاها حقوقها أمًّا وزوجة وأختًا وبنتًا بما لا مثيل له في أي فلسفة أو دين أو نظام بشري قبل الإسلام ولا بعده، وهذه حقيقة نتحدى -نحن المسلمين- بها العالم كله وأدعياء تحرير المرأة من أي ملة كانوا، وتاريخ البشرية وحاضرها شاهد على ذلك، بل حتى عقلاء المفكرين الغربيين المعاصرين يعترفون بذلك ويعتقدونه.
عندما كان الإسلام يكرم المرأة ويرفع من شأنها كانت أوربة تعيش في الظلام، وكانت مجامعها الكنسية تبحث عن ماهية المرأة أهي مخلوقة من جنس البشر أم هي نوع من الجان؟! بل حتى الثورة الفرنسية التي حررت أوربا من ظلمات الجهل لم تعطِ المرأة معشار ما أعطاها الإسلام من الحقوق والتكريم، أما دعاة تحرير المرأة من الغرب ومن تأثر بهم من أبناء قومنا فالحقيقة أنهم لم ينصفوا المرأة بل أهانوها وحطوا من شأنها، وصارت المرأة في فلسفاتهم متعة وسلعة رخيصة تحت شعارات فارغة تنادي بالحرية والمساواة، وقد سقطت هذه الشعارات في الميدان، وكشفت الدراسات العلمية والجينية الفروق الجوهرية في أصل تكوين الرجال والنساء، حتى إن ألكسيس كاريل الفرنسي الحائز على جائزة نوبل في الطب عام 1912 يقول في كتابه القيم “الإنسان ذلك المجهول”: (إن كل خلية في جسم المرأة تحمل طابعها الأنثوي وتميزها عن الرجل، فعلى النساء أن ينمين مواهبهن فيما خلقن له ولا يزاحمن الرجال، فإن دورهن قد يكون أكبر وأعظم من دور الرجال).
أما القضايا التفصيلية في موضوع المرأة فلا يتسع المجال هنا لبحثها، لكن إجمالًا نقول: إن المرأة هي نصف المجتمع، ودورها في بناء الحضارة أساسي أصيل، ومشاركتها علمًا وعملًا في شتى المجالات الحياتية مرعية مقدرة، وكذا مشاركاتها التربوية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها، كل هذا محسوب مقدر في إسلامنا وفق آليات وضوابط تتيح للمرأة مشاركتها وتفجر طاقاتها وتحفظ حقوقها وكرامتها على أحسن ما تعرفه دنيا المبادئ والنظم والمناهج.
خامسا: خطابنا إلى الأقليات غير المسلمة في مجتمعاتنا الإسلامية
قال الله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أَلاَ مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوِ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))[5] وقد شهد التاريخ بحسن معاملة الإسلام للأقليات في مجتمعاته، وإن في قصة القبطي مع ابن عمرو بن العاص والي مصر خيرَ شاهد على ذلك، قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما ضرب ابنُ عمروٍ قبطيًّا سبقه في سباق الخيل: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟
ونقل لنا التاريخ قضاء القاضي شريح ليهودي من رعايا المسلمين على خليفتهم أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، إنها العدالة المطلقة التي لن يُعثر على تمامها وكمالها إلا في الإسلام واقعًا حيًّا لا نظريات في مجاهيل الخيال، ولم تخلُ المجتمعات الإسلامية والدولة الإسلامية منذ عهدها الأول عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقليات غير مسلمة تعيش بينها، ولم يحدث مرة في تاريخ الإسلام أن حلَّ بالأقليات غير المسلمة في الدولة الإٍسلامية ظلمٌ أو اعتداء، ولم يثبت أنها لم تُنصف إن حدث لها ذلك، بل إن اليهود قد رضوا أن يهاجروا أيام محاكم التفتيش الصليبية في الأندلس إلى بلاد المسلمين، إذ لم يجد اليهود يومها مأوى يأمنون به على أنفسهم إلا الدولة العثمانية الإسلامية، إنها أحداث ووقائع نذكِّر بها، وهي حالة لا يجهلها ولا ينكرها المنصفون من غير المسلمين.
وفي العصر الحديث لا يرى علماؤنا بأسًا بأن يمثَّل غيرُ المسلمين في المجالس النيابية بنسبة عددهم في الدولة كي يتتبَّعوا حقوقهم ويشاركوا في الرقابة على مسيرة الحياة العامَّة التي هم جزء منها.
سادسًا: خطابنا إلى الغرب شعوبه ومفكريه وقياداته السياسية
خطابنا للغرب خطابٌ للعالم غير الإسلامي قاطبةً، علمًا أننا نحتفظ بالفروق البينية ونقدرها، فمن واجب المسلمين اليوم أن يكون خطابهم للغرب وغيره ممن هم خارج عالمنا الإسلامي خطابًا متوازنًا متوافقًا مع مبادئ القرآن والسنة ومقاصد الإسلام السامية، لا خطابًا متطرفًا تغلب عليه العاطفة وردة الفعل من ظلم الآخر للمسلمين كما تفعل جماعات التطرف والتكفير، ولا خطابًا متميِّعًا مسحورًا بالغرب يثني على انحرافاته وأخطائه كما يفعل دعاة الحداثة الذين يحاولون بذل كل جهدهم للتذلل للغرب والتزلف له.
إن للإسلام خطابًا متوازنًا يقوم على عدة مرتكزات ومعالم كالآتي:
1- الأصل في العلاقات الدولية في مفهومنا الإسلامي هو السلام والأمن للجميع، وإننا إذ نؤمن بحوار الحضارات ولقائها وتفاعلها نقرُّ أيضا بصراعِ الحضارات أو تدافعها، وعندنا قيم وضوابط لهذا الصراع أو التدافع بحيث يسود الحق والعدل ويُرفع الظلم عن سائر الناس.
2- نحن المسلمين لسنا أعداءً للحضارة الغربية، فنحن نؤمن بدورة الحضارة، ونحن من وضع اللبنات الأولى لحضارة الغرب وأسسها العلمية التي قامت عليها.
3- نحن المسلمين أقمنا للدنيا حضارة سعدت بها الحياة والأحياء ردحًا من الزمن لم يفرق فيها بين مسلم وغير مسلم، فالكل أمام القضاء سواء.
4- نحن المسلمين نعترف لكل ذي فضل بفضله، والحكمة ضالة المسلم أينما وجدها فهو أحق الناس بالتقاطها، وكم استفدنا من ثقافة غيرنا وشكرناه على ذلك.
5- على غير المسلمين أن يعلموا أننا دعاة سلام وعدل وحرية لكننا في الوقت ذاته نأبى الذل والهوان والظلم والاستكبار.
6- للإسلام سياسته الخاصة في ضبط العلاقات بين المسلمين وغيرهم، فهو يدعو العالم إلى الحوار وإلى كلمة سواء بعيدًا عن الإقصاء وفقًا لمنظومة قيم تحفظ حقوق الجميع وتكفل كرامة الإنسان.
7- إن المسلمين اليوم يدعون شعوب العالم كله في الغرب وغيره إلى فهم الإسلام فهمًا صحيحًا بعيدًا عن تحريف المستشرقين وتشويه السياسيين المغرضين.
8- ونطلب من قادة الغرب اتخاذ المواقف العادلة من قضايا العالم الإسلامي الكبرى في فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال وسوريا وليبيا واليمن وغيرها، والتخلي عن الظلم والاستكبار، ووضع حد لتضليل شعوبهم ولمغامراتهم وأطماعهم بمُقدرات وخيرات عالمنا الإسلامي.
9- وندعو قادة الغرب إلى إنهاء حروبهم التي لم تهدأ ضد عالمنا الإسلامي خاصة، وليعتبروا بالحروب الصليبية وحروبهم العالمية التي لم تتوقف، ونقول لهم: ماذا حققتم لشعوبكم من هذه الحروب؟ قد فشلتم وخسرتم وورَّثتم الكراهية والأحقاد في أجيال العالم وأممه لكم ولشعوبكم، فهل أنتم منتهون؟
10_ نحن المسلمين نذكِّر قادة الغرب بالموازين المزدوجة التي يتعاملون بها مع قضايا العالم الإسلامي، وبأن هذا السلوك الظالم هو ما جعل شعوب عالمنا تكره الغرب وتحقد عليه، فمثلًا ما هي أسس التعامل مع قضية فلسطين والعراق وأفغانستان وسورية واليمن وليبيا؟ أهكذا تكون الديمقراطية والعدالة التي يدعيها الغرب؟
11- نحن المسلمين نقول للغرب قادةً وشعوبًا: أيها الناس، إننا نشفق عليكم ونشعر بالأسى على الحياة المريرة التي تعيشونها، لقد ضيعتم منهج الفطرة الإنسانية وغرقتم في المادة وأغرقتم في السقوط القيمي والأخلاقي، وإن شعوبكم تعاني وتشعر بفراغ عشَّش بكل ذرة في حياتها، وإن الإسلام هو من يملك منهج خلاص البشرية من شقائها وتيهها وضياعها، إنه منهج الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها، إنه الإسلام العظيم الذي سعد العالم في ظلاله أكثر من عشرة قرون متواصلة، فهل تفيؤون إليه؟
12- أيها العالم الغربي قادةً ومفكرين وشعوبًا! هذا هو خطابنا إليكم، سلام وحوار وعدل وحرية ونصح ونقد ومراجعات، فإن أبيتم إلا الاستكبار والطغيان والاستهتار بحقوقنا والتأليب علينا، وإن أبيتم إلا الروح الصليبية التي أحياها “بوش” من جديد فإننا لا نتمنى لكم ذلك، وإن أصررتم على العدوان فأنتم وذاك، ولا تنخدعوا بما تكسبون من معارك هنا وهناك، فإنكم ستجدون أمام طغيانكم جنودًا للحق يعرفون كيف يحمون حقوقهم، ويدافعون عن المظلومين ويردعوا الظالمين، وما ساحات فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال عنكم ببعيدة.
هذه مجموعة من معالم الخطاب الإسلامي إلى العالم بأجمعه مسلمه وغير مسلمه، وإن التركيز على هذه الأسس في الدعوة والتعايش مع الناس في هذه الحياة هو ما يكفل للعالم الإسلامي التوازن، وإن التقييم والتقويم الدائم لسلوكنا وخطابنا وفق مبادئ الإسلام هو ما يكفل لنا الاستمرار والبقاء والفعالية في هذا العالم المتقلب الذي لا يثبت على حال، والحمد لله رب العالمين.
[1] رواه أبو داوود والترمذي وابن ماجة وغيرهم من أهل السنن.
[2] رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
[3] رواه الترمذي وأبو داود.
[4] رواه البخاري ومسلم.
[5] رواه أبو داود والبيهقي.