محمد علي النجار – محرِّر مجلة مقاربات
ثماني سنين عجاف مرَّت وتاسعة مكفهرة تحاصرنا ومعاناةُ شعبنا في ازديادٍ وبريقُ الأمل في عينيه إلى خفوت، لم يبق أمامَنا كثير لننقذ ما بقيَ من أملٍ في نفوسِ الكادحين الذين قدَّموا فلذات أكبادهم وكل ما يحبون ليروا وطنًا عزيزًا ترفرف راياته البيض عاليًا.
كثيرة تلك الدراسات التي تُوَصّف الحالة السورية الراهنة دون محاولة نفاذ إلى العمق، ومثلها تلك التي تكتفي برمي أمرنا على أعتاب الخارج وتبعد عن شعبنا كل مسؤولية، لكنَّ الحقيقة أنَّ ما حل بنا ليس سوى نتاج عقود طويلة من سكوتنا على الطاغية المجرم وعجزنا عن مواجهته؛ فعلينا أن نحمل مسؤولية ذلك علمًا أننا لا ننكر الدور الخارجي الدَّوْلي في تشتيت صفوفنا والوقوف ضد مطالبنا.
إن الثورة السورية لم تفسد المجتمع ولم تسبِّبِ الفوضى كما يدعي قومٌ، وإنَّما كشفت أمراضًا تشبَّع بها مجتمعنا السوري عبر عقود من حكم البعث أو الأسد الأب والابن، وإن الدراسة الوافية المتأنية لما عاشَه شعبنا السوري في العقود الماضية كفيلة بتقرير شكل الإصلاح الذي يحتاجه شعبنا في السنوات القريبةِ القادمة؛ فواجبنا اليوم دراسة أمراض مجتمعنا السوري بغية علاجها، وهذا أساسٌ أولُ لبناء الدولة السورية الشريفة التي يحلم بها كل أبناء الوطن وبُناته.
أمراض المجتمع السوري
إن الأمراض التي زرعها النظام الطائفي في بلادنا تستوعب الحياة السورية بكل جزئياتها وأشكالها وميادينها السياسية والعسكرية والإدارية والاجتماعية والاقتصادية، وإن توصيف أصول هذه الأمراض المهلكة أساس للحديث عن طريقة علاجها أو حصارها.
الأمراض السياسية:
هناك أمراض سياسية كثيرة نخرت في قلب الدولة السورية والحياة السياسية في بلادنا، وأهمُّها قتلُ مفهوم الدولة ومفهوم الوطن، استطاع حافظ الأسد عبر سني حكمه الأولى أن يحول الدولة في ذهن موظفي الدولة العسكريين والمدنيين من المعنى البسيط المعروف لكل شعوب الأرض السوية إلى شخصه، فأصبحت الدولة هي الأسد والأسد هو الدولة، ولا فرق بين خدمة أحدهما بل أصبح الأسد بمرور الأيام أكبرَ وأولى بالخدمة من الدولة نفسها، خاصَّةً أن الدولة بكل مؤسساتها أصبحت تخدم الأسد، وبصفتي مواطنًا سوريًّا أعيش في تركية أرى الشعب التركيَّ يتكلم عن خدمة الدولة وأُبوَّتها للمواطن ورعايتها له وفي ذهنه أبعاد واضحة لمفهوم الدولة، وعندما أنكفئ إلى نفسي باحثًا عن هذا الشعور في أعماق وجداني أُرَاني لا أجده، أين الدولة؟! تلك الأم التي ترعى شعبها وتعطف عليه، أو ذلك النسب الأصيل الذي تمنحه لأولادها فيقال ابن الدولة، أبحثُ وأبحثُ فلا أجد شيئًا من ذلك، تظهر أمامي صورة الأسد بكل ما تحمل من فساد وظلم وطغيان ودماء وبغي على القريب والبعيد ومتاجرة بقضايا الأمة، ثم ما تلبث أن تغيب حتى تظهر صورة الأسد الابن ومعها مئات آلاف الشهداء وملايين المهجَّرين.
وبالتوازي مع سقوط مفهوم الدولة انحدر مفهوم الوطن حتى غاب عن الأذهان، فأصبح الوطن هو ذلك الامتداد الجغرافي الجميل الذي يخدم الأسد، ولا يحق لنا أن نعيش فيه إلا وفق قوانين الظالم الذي يملك حق بيعه لمن يشاء ومنحه لمن أراد ومنعه لمن لا يواليه، وقد لخص شبيحة الأسد هذه المعاني عندما قالوا: سورية الأسد، تلك الكلمة التي فسرها عبيده في الثورة بقولهم: الأسد أو نحرق البلد، لقد أصبحت مقاييس الوفاء للوطن والدولة ترتبط مباشرةً بمقدار الولاء للأسد والتمحور حوله!
الوظيفة والمسؤولية:
إذا كانت عائلة الأسد ومن يلوذ بها من آل مخلوف وآل البعث يستثمرون الدولة والوطن لتعبئة جيوبهم فماذا يفعل الموظف الصغير؟ لم يعد يشعر في وظيفته بتلك المسؤولية التي يحس بها الموظفون في دول العالم الأخرى، بل أصبح يرى في المنصب ما يرى آل الأسد، إنه نوع من المكسب المادي والمعنوي؛ فيحق له أن يسرق الأموال العامة والخاصة وعلى الجميع أن يطيعه كما هو حال عرابهم الأكبر، لم تعد الوظيفة تعني خدمة الناس بل تعني أن يخدم الناس الموظف ويمنحوه من عرق جباههم ورزق أطفالهم ما يشبع نهمه وجشعه.
الجيش والشرطة:
عندما تسأل طفلا في أي بلد من بلدان العالم عن حلمه ويقول لك: أريد أن أصبح شرطيًّا أو جنديًّا، تتمثل في ذهنه كل معاني التضحية لجعل الوطن مكانًا أكثر أمنًا وانضباطًا وأرفع أخلاقًا من خلال حمايته من أعداء الخارج وملاحقة مجرمي الداخل، لكنَّ هذه الصورة المشرقة لرجل العسكر والشرطة لا وجود لها في ذاكرتنا السورية؛ فعندما تذكر كلمة شرطي تتبادر إلى الأذهان صورة ذلك الرجل الفاسد الذي يرتشي من الصغير والكبير، ذلك الكائن الطفيلي الذي يقتات على ما في جيوب الآخرين، وعندما تقول “عسكري” ترِدُ إلى الذهن مئات القصص عن الرشوة والفساد، وسرقة أموال المجندين وأطعمتهم ثم تعذيبهم وإهانتهم، كما تتوارد إلى الذهن صور ذلك الجيش الذي يدخل إلى أي مكان، فيكسر ويضرب ويقتل دون خوف من مساءلة كما فعل في حلب وحماة ومخيم تل الزعتر ومدن لبنان أكثر من عشرين عامًا.
الإدارات:
كان في الحكومة السورية كثير من الموظفين السُّنة وغيرهم، لكن مفاصل إدارة الدولة ومواضع القدرة على الضبط كانت دائما في يد الطائفة العلوية وبعض المقربين منهم من أبناء الطوائف الأخرى، بالطبع لم يحصل ذلك في يوم وليلة فقد قام به الأسد الأب والابن على مراحل، تذرَّع في بعضها بأنهم من الإخوان المسلمين، ومنها كان بحجة الخيانة، وبعضهم تخلص منه بيد العدو كما فعل بكثير من الطيارين السنة الذين تم قتلهم على يد إسرائيل في اجتياحها للبنان بتدبير من الأسد الأب، أمَّا مسلك القضاء الذي يُعَدُّ السلطة الأعلى في البلاد والمسؤول الأول عن ضبط باقي الإدارات فلم يكن أحسن حالًا، فقد غشيته الرشوة ونهبه الفساد حتى استجار بالفضيلة من الرذيلة، وأصبح القاضي -إلا ما رحم ربي- وبالًا على مجتمعه بدل أن يكون صورة مشرقة للفضيلة والعدالة.
الأمراض المجتمعية:
إن مجموعة الأمراض السابقة وسياسة الخوف التي حكم بها نظام الأسد أورثَتْ مجتمعنا أمراضًا اجتماعية شتَّى قامت الثورة السورية بالكشف عنها بجلاء، ولا بد من الوقوف على بعض هذه الأمراض الأساسية:
من أخطر أمراضنا الاجتماعية جهل الناس بحقوقهم وظنها صدقات يمن بها الطاغية عليهم، يدخل أحدهم السجن فيضرب ويهان بدون ارتكاب جريرة، ثم يحدثك عن إنسانية ورحمة عناصر فرع المخابرات الذين أحضروا له حبة دواء عندما وصل إلى حافة الموت، وكأنه لا يرى أنه ظلم عندما سحب من بيته إلى أماكن لا تعيش فيها الحيوانات!
ومن أمراضنا المزمنة القدرة على ممارسة الفساد في كل الظروف، ففي نير النظام الاستخباراتي دأب البعث على نشر الفساد والفتنة والفرقة بين شرائح المجتمع كافة، وأصبحت المؤامرات وكتابة التقارير هي القرابين التي يقدمها ضعفاء النفوس في سبيل الرقي في السلم الوظيفي؛ ونتيجة لذلك سيطر الخوف في المجتمع حتى أصبح عنوان حياتنا اليومية، إن تربية جيلين أو ثلاثة تحت الخوف جعل شعبنا غير قادر على العمل أو الإنتاج إلا تحت ظلِّ السيف، أما الحرية فقد أصبحت نوعًا من الأوبئة التي تؤذن بظهور وحوش نمت في دِمَنِ الاستبداد.
بل كانت الشعب الحزبية وبعض دوائر النظام الموبوءة أشبه بأكاديميات للفساد، يتعلم المنتسب إليها -إلا ما رحم الله- فن القدرة على تصميم الفتن والكيد للآخرين وإسقاط الناجحين، وإذا كان المنتسب إليهم أكثر انغماسًا في فكر البعث تسيطر عليه فكرة المؤامرة والخيانة الدولية التي كانت ركيزة من ركائز الحكم في سورية، وقد رأينا هذه القدرات في الثورة السورية، فما ظهر قائد إلا لاحقته المكائد واللعنات والاتهامات بالخيانة والعمالة.
أما أمُّ المشكلات الاجتماعية في بلادنا فهي عدم قدرة شعبنا على التلاقي والاجتماع، فقد قام الأسد الأب منذ توليه السلطة ببذل كل الجهود الممكنة لتفتيت أي حزب أو تنظيمٍ لا يتبعُ له بل إنَّه قام بتدمير منظمات المجتمع المدني أيضًا وقتل المعارضين في الخارج أو ملاحقتهم، فتم له تفتيت المجتمع السوري إلى جزيئات صغيرة غير قادرة على الاندماج مع بعضها وتكوين جسم ذي فاعلية، وكانت الثورة أبرزَ مثال على ذلك، وإن هذا لا يعني فقدان القدرة على الإبداع الفردي، فهي لا تزالُ قائمةً لدى شعبنا، لكن عندما تجتمع القدرات تتنافر وتتكسر بدل أن تزداد وتتفاعل بشكل إيجابي.
يلخص الكواكبي -رحمه الله- أمراض المجتمع تحت سلطة الاستبداد، فيقول: (الاستبداد يَضطرُّ النَّاسَ إلى استباحة الكذب والتحيُّل والخداع والنِّفاق والتذلل، وإلى مراغمة الحسِّ وإماتة النفس ونبذ الجدِّ وترك العمل…، وينتج من ذلك أنَّ الاستبداد المشؤوم هو يتولى بطبعه تربية الناس على هذه الخصال الملعونة، وبِناءً عليه يرى الآباء أنَّ تعبهم في تربية الأبناء التربية الأولى لا بدَّ أنْ يذهب عبثًا تحت أرجل تربية الاستبداد كما ذهبت قبلها تربية آبائهم لهم أو تربية غيرهم لأبنائهم سُدًى)([1]).
الدِّين في سوريا:
الدِّين من أساسيات الحياة الإنسانية، وهو في الشرق أكثر ظهورا منه في الغرب، وقد حاول الأسد تحريف كل ما يتعلق به عبر عدة إجراءات مقيتة، منها حصر الخطاب الديني في بعض جوانبه خاصَّةً الشكليةَ منها وتجاهل كلٍّ مِن قِيَمه في إصلاح المجتمع ودعوته إلى الأخلاق الحميدة والكرامة الإنسانية ومقاومة الظلم والفساد، فقد كان الخوف يقطع الجوف، وكانت المخابرات أقرب إلى فم الواعظ والمصلح من آذان السامعين، وغدا النمط الوحيد للتغيير المجتمعي هو الدعاء، فالقادر على التغيير هو الله إن أراد ذلك بشكل معجزٍ فقط لا بواسطتنا، وأصبحت الصلاة بجانب الدعاء الدواءَ الديني الأوحد لكل أمراضنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وأما ما عدا ذلك من أمر الدين بالعمل والإصلاح المجتمعي والتعاون على الخير كعبادات جماعية أصيلة في تعاليم الإسلام الحنيف؛ فقد أصبحت شيئًا من الخيال تحت سلطة فاسدة مفسدة حملت على عاتقها شعارات الدعوة إلى الإصلاح والتغيير.
كان ضغط المخابرات يؤدي ببعض الشباب إلى التطرف، ولم يوفر الأسد شيئا من ذلك، فقد حسب حساب الشاطر وقام بإيجاد حواضن جاهزة أو باختراق بعضها لاستضافة الشباب المتطرف واستخدامهم في مشاريعه المستقبلية، واستفاد من ذلك كثيرًا في فترة الأسد الابن خاصةً، فاستخدم شاكر العبسي في حرب الجيش اللبناني واستخدم علاقته بالتنظيمات التكفيرية لضرب الثورة، وفي التقارير الأوربية بيانات مهمة حول هذا الأمر لكنها تبقى ناقصة قياسًا بالواقع المخيف الذي أخفاه الأسد.
ومن أهم أهداف الأسد في تغذيته للجماعات المتطرفة إحراقُ الوحدة السنية الوطنية بهشيم الجماعات المؤدلجة، وإخافةُ الطائفةِ العلوية لجعلها متماسكة في خدمة مصالحه؛ إذ ربط مصيرهم بمصيره وأرغمهم على التضحية بزهرة شبابهم وبكل غالٍ ونفيس في سبيل بقائه، وكذلك فعلت إيران بدعمها للقاعدة وبناتها سنينَ عددًا بغيةَ إكراهِ شيعة العراق على الخضوعِ لأجندتِها.
الأمراض الاقتصادية:
سورية بلد غني بشعبه أوًّلا وبموارده ثانيًا، لكن منذ محاربة الأسد للإخوان قرَّر إفقار الشعب لينشغل بلقمة عيشه عن التفكير بحريته وكرامته وحقوقه الاجتماعية والسياسية، وبدأت سياسة التجويع والتفقير والتدمير، فانخفضت العملة وشاعت الرشوة، وبات انشغال الناس بلقمة عيشهم هو الشيء الوحيد الذي ينسيهم التفكير بحقهم في خزينة الدولة ومقدرات الوطن أو حقهم في العيش الكريم لهم ولأولادهم، وبمرور الأيام بدأ الناس يرون كيلو الأرز والسكر والشاي بسعره المخفض نعمة كبرى من الدولة لا يحصى حمدها ولا يطاق شكرها، ثم قام النظام بأمرين آخرين على المستوى الاقتصادي:
الأول: إهمال الكثير من قرى الطائفة العلوية وفتح الطريق أمام أبنائها إلى الجيش والمخابرات والدوائر المدنية وما فيها من مغانم عبر الفساد والسرقة والرشوة؛ وما ذاك إلا لإرغامهم على سكنى المدن وتدعيم موقفه لمواجهة الطوائف الأخرى في الحواضر الكبرى.
الثاني: تسليط مجموعة من المافيا على مقدرات الوطن لمنع الشعب من التحرر الاقتصادي، ظهرت هذه المافيا إلى السطح بشكل مقزز في زمن الأسد الابن عبر شركات رامي مخلوف ومجموعته؛ فبدأ الفقر يضرب أركان المجتمع بينما يشيع البذخ الصاخب في حياة مجموعة من التجار الفاسدين ورجال الدولة الكبار.
خطة الإصلاح
إن الأمراض التي حملها شعبنا في ظلام العيش تحت سلطة الاستبداد؛ عدو خبيث لا يدخل مجتمعا إلا أهلكه، وإن علاجها قبل أن تتحول إلى طبيعة لازمة لشعبنا واجب على قادة شعبنا وعقلائه، وإنما يتم هذا العلاج -بحسب دراسة الكاتب- عبر عدة خطوات:
الأولى: توصيف الفساد إلى درجة تجعله واضحا للعِيان، هذا وإن كنا قد نختلف في بعض الجزئيات فلْنَتجنبها بغية الشروع في العمل وتقديم الأَوْلى.
الثانية: إقناع شعبنا بأنه مريض وعليه أن يتعالج ويتحمل ألم العلاج، وهذه المرحلة تتم من خلال المقارنة البناءة بين سلوكياتنا وسلوكيات المجتمعات الأخرى بشرط أن يكون غرض هذه المقارنات التقييم والتقويم، وبشرط منعها من التحول إلى جلد للذات أو يأس وعويل. وعلى المعالجين أن يتحلَّوا بالصبر لأن حالتنا أشبه بحالة من أدمن المخدرات، فكم وكم يحتاج من العلاج ليبُلَّ من مرضه ويشفى، وكم يعاني من حالات الصرع والهيستيريا وهو يتخلص من السموم التي في جسده، وهكذا مجتمعنا: يجب أن نتوقع ردة فعله، ونضع كل ردة فعل في الحسبان قبل البدء بالعلاج.
الثالثة: بناء منظومة وطنية فكرية متكاملة تعيد تعريف الدولة والوطن والحكومة والسياسة والحقوق، والهدف هو جمع الشعب على كلمة واحدة وتنمية الإخلاص وحب الوطن الذي جبلت عليه قلوبهم، نعم هذه مصطلحات يسيرة يفهمها آحاد الناس بفطرتهم لكنَّ الفساد الذي ضربها قبل الثورة، والأدلجة التي عَرَضت لها من قبل إسلاميين وعلمانيين سواء بسواء أثناء الثورة؛ أدَّيَا إلى طمسها وتجهيل الناس بها.
الرابعة: إن التعليم بشكل عام والعالي بشكل خاص له قدرة كبيرة على إعادة المجتمع إلى إنسانيته المدمرة وطبيعته المفقودة، وهو السكة التي من خلالها تتم تغذية عقول الناشئة والشباب بمعاني الوطن والدولة والأمة.
الخامسة: تشكيل هيئات ومنظمات عمل مدني ذات طابع تطوعي بالدرجة الأولى تُمارَس فيها كل أشكال الإدارة والتنظيم والتنسيق بحرية مطلقة، ويقوم أعضاؤها بتداول السلطة والمسؤولية فيها وفق معايير خدمة المجتمع والقدرة على تحمل الأعباء؛ لتكون مرحلةً تدريبيةً لشعبنا في القدرة على العمل المشترك وتعلم نظم الإدارة التي تتمتع بها المجتمعات الإنسانية السوية.
وإن هذه الهيئات سيتحول بعضها بهيكليته الأَوَّليَّة إلى مؤسسات حكومية، وبعضها سيبقى في العمل الاجتماعي يرعى أرضية بناء الدولة والمجتمع.
بهذه الإجراءات اليسيرة المدروسة يتوقَّع أن يعود شعبنا إلى طبيعته خلال سنوات قليلة، فيتمكن من إزاحة كل المجرمين في بلادنا وبناء الدولة السورية الراشدة التي لا يقبل جسمها السليم تخريج عناصر دموية فاسدة كأمثال حافظ الأسد وابنه بشار ومن عمل عملهما في صفوف النظام والمعارضة على السَّواء، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
([1]) عبد الرحمن الكواكبي: طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، المطبعة العصرية – حلب، ص (122).