رقـــــــم الفتوى:30
تاريخ الفتوى: الإثنين 21 رجب 1441هــ الموافق 16 آذار / مارس 2020م
السؤال: مع انتشار مرض الكورونا واتخاذ الاحتياطات للتقليل مِن انتشاره مثل إلغاء التجمعات الكبيرة، فما حكم الاستمرار بأداء الصلوات جماعة في المساجد؟ وعقد الدروس الدينية فيها؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فإنّ مِن مقاصد الشريعة الكبرى الحفاظ على النفوس، وحمايتها مِن الضرر، والمنع مِن إيقاع الضرر بالآخرين، كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا ضَررَ ولا ضِرار» رواه ابن ماجه.
وقد قرّر أهل العلم سقوط صلاة الجمعة والجماعة في المسجد عمَّن كان له عذرٌ كالخوف على النفس أو المال أو العرض أو المرض، وفي أمثال هذه الأوبئة الخطيرة التي تهدد الأرواح فقد اجتمع المرض والخوف مِن انتشاره.
قال الإمام النوويّ في «روضة الطالبين»: (لا رخصة في ترك الجماعة، سواء قلنا سنة أو فرض كفاية؛ إلا من عذر عام أو خاص، فمن العامِّ: المطر ليلاً كان أو نهاراً، ومن الأعذار الخاصة: المرض، ولا يشترط بلوغه حداً يسقط القيام في الفريضة، بل يعتبر أن يلحقه مشقة كمشقة الماشي في المطر…. ومنها: أن يكون ممرَّضاً…. ومنها: أن يخاف على نفسه، أو ماله)، وقال الإمام الحجاوي في «الإقناع»: (ويُعذر في ترك الجمعة والجماعة: مريضٌ، وخائفٌ حدوثَه، أو زيادتَه، أو تباطُؤَه).
فإذا تفشّى المرض في مكانٍ ما، أو غلب على الظنّ انتشاره، أو خُشي مِن تفشيه لوجود مصابين في البلد؛ يرخَّص بترك صلاة الجمعة والجماعة في المساجد لمن أراد أسوة بترك بقية التجمعات؛ عملاً بالقواعد الفقهية: (الضرورات تبيح المحظورات)، (والحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة).
ويمكن تأدية الجمعة والجماعة في مجموعات صغيرة في البيوت ونحوها عند أمن المرض والأخذ بالاحتياطات والإجراءات اللازمة من التعقيم، وتقليل الخلطة، ونحو ذلك؛ حتى لا تُعطَّل الجماعات؛ فـ(الضرورة تُقدّر بقدرها).
أما مَن كان مريضاً أو وُجدت أمارات على وجود المرض؛ فلا يجوز له حضور تجمعات الناس ومجالسهم وأماكن صلواتهم؛ لأن ذلك من الإضرار بهم، وهو مُحرّم، ويجب عليه أن يلتزم بتعليمات الحَجْر التي تعطى له، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم بالطَّاعونِ بأرضٍ فلا تدخلوها، وإذا وقعَ بأرضٍ وأنتم بها فلا تخرجوا منها» متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يُورَدُ مُمْرِضٌ على مُصِح» رواه مسلم.
ومن لم يؤدِّ صلاة الجمعة في المسجد فيصليها ظهراً أربع ركعات، ولا يُشرع لمن ترك الصلوات في المساجد أن يقصرها أو يجمعها إلا إذا وجد السبب الشرعي المبيح لذلك من السفر وغيره.
كما نوصي بترك التجمعات الكبيرة لإعطاء الدروس ونحوها مؤقتاً، ويمكن التعويض عنها بعقدها من خلال وسائل التواصل المختلفة حين الحاجة.
وفي الختام: فإننا نوصي إخواننا المسلمين بحسن التوكل على الله تعالى والاعتماد عليه، واللجوء إليه في دفع هذا البلاء دعاء وتقرباً إليه بالطاعات والابتعاد عما يغضبه؛ فإن هذه الأمراض والأوبئة من قدر الله تعالى، ومن ذلك القنوت في الصلوات، قال النووي في «شرح مسلم»: (والصحيح المشهور أنه إذا نزلت نازلة كعدو وقحط ووباء وعطش وضرر ظاهر بالمسلمين ونحو ذلك؛ قَنتوا في جميع الصلوات المكتوبات). كما نوصيهم باتخاذ الاحتياطات الصحية اللازمة دون جزع أو هلع، وألا ينهمكوا في تتبع الأخبار وتناقل المعلومات.
نسأل الله أن يرفع البلاء، ويرحم العباد، والحمد لله رب العالمين
وقد وقع على الفتوى من أعضاء المجلس السادة العلماء | ||
1- الشيخ أحمد حمادين الأحمد 2- الشيخ أحمد حوى 3- الشيخ أحمد زاهر سالم 4- الشيخ أسامة الرفاعي 5- الشيخ أيمن هاروش 6- الشيخ عبد الرحمن بكور 7- الشيخ عبد العزيز الخطيب
|
8- الشيخ عبد العليم عبد الله
9- الشيخ عبد المجيد البيانوني 11- الشيخ عماد الدين خيتي 12- الشيخ عمار العيسى 13- الشيخ محمد الزحيلي 14- الشيخ محمد جميل مصطفى
|
15- الشيخ محمد زكريا المسعود
16- الشيخ محمد معاذ الخن 17- الشيخ مجد مكي 18- الشيخ مروان القادري 19- الشيخ ممدوح جنيد 20– الشيخ موفق العمر 21- الشيخ ياسر الجابر |