الحمدُ للهِ اللطيفِ الخبيرِ، والصلاةُ والسلامُ على البشيرِ النذيرِ، وعلى آلهِ وأصحابهِ ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وبعدُ:
فإنَّ الحفاظَ على الأنفسِ والأبدانِ من مقاصدِ الشريعةِ الإسلاميةِ، بل اعتُبرَ ذلكَ من الضرورياتِ الخمسِ التي تدورُ كلُّ أحكامِ الشريعةِ في فلكِها، ولا يخفى أنَّ فيروسَ (كورونا) آخذٌ بالانتشارِ، وأنَّ الإصابةَ بهِ في ازديادٍ كبيرٍ وسريعٍ، يبينُ ذلكَ إحصاءاتُ وإجراءاتُ كلِّ دولِ العالمِ ومنها دولُ الجوارِ السوري – لبنان والأردن والعراق وتركيا -، ولا يخفى عليكم الإجراءتُ الصارمةُ التي اُتُّخِذتْ في بعضِ الدولِ كمنعِ التجوَّلِ وإعلانِ حالةِ الطوارئِ، وإقرارِ العقوبةِ الصارمةِ لمنْ يخالفُ التعليماتِ، وقد سبقَ للمجلسِ الإسلاميِ السوريِ ومجلسِ الإفتاءِ التابعِ لهُ أنْ بيَّنا حكمَ الشريعةِ في ضرورةِ التوقي وأخذِ الحذرِ، والعملِ بكلِّ التعليماتِ التي يشيرُ إليها أهلُ الاختصاصِ لمنعِ تفشّي المرضِ وانتشارِه، وكما هو معلومٌ في المثلِ العربيّ (درهمُ وقايةٌ خيرٌ من قنطارِ علاجٍ) ومن أبرزِ هذهِ التوصياتِ منعُ الاجتماعاتِ والتجمعاتِ الكبيرةِ، لذلك يبيِّنُ المجلسُ لعمومِ السوريينَ في كافَّةِ الأراضي السوريةِ ما يلي:
أولاً: وجوبُ الالتزامِ شرعاً بهذهِ التوصياتِ حفاظاً على الأنفسِ والأبدانِ، وتركُ كلِّ ما يمكنُ أنْ يسبِّبَ المرضَ أو يزيدَ في انتشارِه كالتجمعاتِ الكبيرةِ في الأسواقِ والأماكنِ العامَّةِ، ومن ذلكَ المظاهراتُ والاحتفالاتُ وصلاةُ الجماعةِ في المساجدِ، وقد سبقتْ الفتوى بذلكَ من المجلسِ ومن شتَّى المجالسِ الشرعيَّةِ في العالمِ الإسلاميِّ من شرقِه إلى غربِه، لذا يهيبُ المجلسُ بالسوريين عموماً التزامَ المنازلِ وعدمَ الخروجِ منها إلا لضرورةٍ، كالحصولِ على الطعامِ والشرابِ أو الاستطبابِ والعلاجِ، ويتأكَّدُ ذلكَ في مخيماتِ اللُّجوءِ المكتظةِ بالسكانِ أصلاً، وينبغي على كلِّ الفعالياتِ الدينيةِ والاجتماعيةِ والطبيَّةِ توعيةُ الناسِ بكلَّ هذهِ الإرشاداتِ باستمرارٍ، وتحميلِ كلِّ منْ يخالفُ المسؤوليةَ أمامَ اللهِ تعالى في إزهاقِ الأرواحِ وإضرارِ الناسِ.
ثانياً: ضرورةُ اللجوءِ إلى اللهِ تعالى، والتوكلِ عليه، والتضرعِ إليه أن يكشِفَ الضرَّ عنَّا وعن جميعِ المسلمينَ في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها، ولا بدَّ أن يقترنَ ذلكَ بالتوبةِ إلى اللهِ وردِّ المظالمِ إلى أهلِها، ويُذكِّرُ المجلسُ عمومَ السوريينَ بضرورةِ التراحمِ والتعاونِ فيما بينَهم لا سيَّما في هذهِ الأزمةِ الجلَلِ.
وفي الختامِ نسألُ الله أن يحفظَ أمتَنا وشعبَنا من كلِّ مكروهٍ وأن يجعلَ عاقبةَ أمرِها خيراً ورَشداً.
وآخرُ دعوانا أن الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.
المجلس الإسلامي السوري
26 رجب 1441 هــ الموافق 21 آذار2020م