الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
فإن الأخبار تتوالى من مناطق عدة في الداخل السوري ولا سيما في المناطق التي يحكمها النظام المجرم، بأن المظاهرات عادت إلى زخمها الأول، وفي الحقيقة هي لم تتوقف مطلقاً، بل كانت كجمرة متقدة تحت الرماد، تتقد وتتوهج كلما ألم بالبلاد حدث، أو ارتكب النظام جريمة مروعة من جرائمه التي لا تعد ولا تحصى، واليوم وقد تردى الوضع الاقتصادي لعموم السوريين، وبدا ذلك جلياً في التدهور الحاد لليرة السورية على نحو جعل الجميع في حيرة من أمرهم في شتى المواقع والمصالح، والنظام خانسٌ دافنٌ رأسه في الرمال، وبدلاً من أن يوفر القوت الضروري والحاجات الأساسية للشعب من الأموال التي سرقها منه، فإنه يعد العدة ويشتري السلاح ليقتل الشعب من جديد، وكأن الجوع والمرض والتشريد والدمار كل ذلك لا يكفي الشعب السوري، وفي الوقت نفسه يحاول الفاسدون من قادة النظام تهريب ما سرقوه خارج البلاد، ويذرون الرماد في عيون الشعب بمسرحية مكافحة الفساد، والناس جميعاً يعلمون أنّ هؤلاء المحاسبين هم الفاسدون بعينهم، بل رؤوس الفساد في البلد.
قد أثبت النظام المجرم خلال كل العقود والسنين الماضية أن معاناة الشعب لا تهمه من قريب ولا بعيد، فهو منفصل عنه تماماً، ومنعزل عن همومه ومشكلاته وتطلعاته، وهذا يؤكد أنه لا سبيل لخلاص شعبنا إلا بإسقاط هذا النظام المجرم ومحاكمة كل من أجرم بحق الشعب السوري أمنياً أوعسكريا أواقتصادياً.
والمجلس الإسلامي السوري حيال هذه الأوضاع المأساوية، وحيال هذا الحراك الشعبي المنبعث من جديد يبين مايلي:
أولاً: يثمّن المجلس ويدعم كل حراك شعبي ينادي بإسقاط النظام ومعاقبة رموزه وجلاديه، في أي رقعة من الأرض السورية الحبيبة، شمالاً وجنوباً، شرقاً وغربا، وفي كل المناطق والمحافظات، سواء أكانت تحت سلطة النظام أم سلطة غيره، كحوران والسويداء وضواحي دمشق والحسكة وغيرها، وهذا الموقف المبدئي من المجلس منطلق من إيمانه بوحدة الأراضي السورية ووحدة شعبها الثائر العظيم، وفي الوقت نفسه يطالب جميع المتظاهرين بوحدة الصف ووحدة الهدف المتمثل بإسقاط النظام.
ثانياً: في هذا الظرف الصعب الذي لم يشهد مثله شعبنا السوري على امتداد تاريخه الحديث مذ تأسست الجمهورية العربية السورية، حيث إنّ قرابة 85 % من الشعب تحت خط الفقر وعلى حدوده، والسجون تغص بالمعتقلين والمعتقلات، ولا يعلم عدد المفقودين إلا الله، والخراب والدمار يعم معظم المناطق، في هذه الأحوال لا يسع شعبنا إلا التراحم والتكاتف حتى يأذن الله بالفرج القريب، وتكتحل العيون بعلم الحرية يرفرف في ربوع سورية وتبتهج النفوس بالخلاص من هذا الطغيان الذي امتد عقوداً من الزمان.
ثالثاً: يناشد مجلسنا كل الخيرين في العالم بمساعدة شعبنا السوري على الخلاص أولاً من هذا النظام، وعلى تخطي المحنة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها، وشعبنا السوري في كل تاريخه كان دائما عونا لكل أشقائه في محنهم وما ألمّ بهم.
وفي الختام نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يعجل بهلاك الظالمين، وأن يكون عوناً لشعبنا في محنته، وأن يجمع شمله على كلمة سواء.
رحم الله شهداءنا وشفى مرضانا وجرحانا وفك أسر معتقلينا وردّ مفقودينا وأطعم الجائعين وكسى العريانين وآوى المشردين، إنه خير المسؤولين وأرحم الراحمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المجلس الإسلامي السوري
20 شوال 1441 هــ الموافق 12 حزيران 2020م