الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:
فإن من أوجب واجبات المسلمين الحفاظ على مقدساتهم ومساجدهم التي تمثل شعائر دينهم، وأهم مرتكزات هويتهم الدينية والثقافية، فكيف إذا كانت تلك المقدسات تمثل بعداً عظيماً من تاريخ الأمة وشرفها، إن القدس العربية الإسلامية بمسجدها الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام تعد من أقدس مقدسات المسلمين، وقد كان المسلمون بفضل الله في كل العصور يضحون بالغالي والنفيس في سبيل حمايتها والحفاظ عليها، وكان ذلك عنوان العزة والكرامة والتمكين لأمة الإسلام والمسلمين.
وتوالت المؤامرات على هذه المدينة الكريمة ومسجدها المقدس إلى أن وصل بها الحال إلى ما نراه اليوم، فهي ترزح تحت نير الاحتلال الصهيوني الآثم، بتواطؤ ودعم من قوى الاستعمار والطغيان، وغض الطرف من المنظمات الدولية، فغدا شعب كامل تحت الاحتلال، يعاني من التشريد وصنوف الأذى، مع انشغال كثير من ساسة وحكام العرب والمسلمين عنها، فقد أشاحوا بوجوههم عنها وأداروا ظهورهم لها، فضلاً عمن يتآمر عليها جهاراً نهاراً.
لكن بقيت هذه القضية بفضل من الله ثم بفضل المخلصين من أبناء الأمة حية في قلوب الشعوب الإسلامية ماثلة في أذهانهم، بل قضيتهم الأولى، يبعثها باستمرار قوله تعالى { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ } ويشحذ همم الأحرار والأبرار شهادة المصطفى عليه الصلاة والسلام وبشارته بقوله “لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة” وجاء في رواية “أنهم في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس”
ومن تلكم الجهود الموفقة ما قررته هيئة علماء فلسطين من إقامة مناسبة سنوية تحت شعار “أسبوع القدس العالمي” في شهر الإسراء والمعراج في آخر أسبوع من شهر رجب كل عام، ونحن في المجلس الإسلامي السوري نثمّن هذا الجهد بل نحن شركاء فيه، ونهيب بإخواننا العلماء والدعاة والخطباء في سورية خصوصاً وفي العالم الإسلامي عموماً أن يخصصوا الجمعة القادمة للحديث عن القدس ومكانتها عند المسلمين وقداسة مسجدها الأقصى، ويحذروا الأمة من خطر الصهاينة الذين يلتهمون أرضها شيئاً فشيئاً بإقامة المشاريع الاستيطانية الجائرة، ويهجرون أهلها عن طريق فرض الضرائب وتضييق سبل العيش عليهم، كما إننا نأمل من كل حر شريف أن يعلو صوته في نصرة قضية القدس وقضية إخواننا الفلسطينيين العادلة.
وفي الختام نوجه تحيتنا وتقديرنا للصامدين من أهل فلسطين الحبيبة ونخص منهم القائمين على حراسة المسجد الأقصى المرابطين فيه، نسأل الله أن يبارك في جهود العاملين، وأن نرى فلسطين وعاصمتها القدس في حوزة العرب والمسلمين، إنه ولي الصالحين، وناصر المستضعفين والمظلومين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المجلس الإسلامي السوري
21 رجب 1442هــ الموافق 5 آذار 2021م