الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فقد تابع العالم بأسره نبأ ومجريات تحرير (كابول) وسائر المدن والولايات الأفغانية من المحتل الغاشم، وانتصار الشعب الأفغاني ممثلاً بحركة (طالبان) على المستعمر وأعوانه الذين مكنهم على رقاب البلاد والعباد بالقوة والنار، ورأى الجميع كيف يخرج المستعمر فاراً بجلده جاراً ذيول الخيبة متجرعاً مرارة الهزيمة، تاركاً عملاءه لمصيرهم المشؤوم، والمجلس الإسلامي السوري إذ يتابع هذا الحدث الكبير يبين ما يلي:
أولاً: يهنئ الشعب الأفغاني الحر الأبي على انتصاره العظيم، وتطهير أرضه من رجس المستعمر المحتل، وهذه نتيجة منتظرة ومتوقعة بالنظر إلى التضحيات الكبيرة والصبر الطويل والسعي الدؤوب الذي أظهره هذا الشعب المكافح في سبيل الوصول إلى هدف التحرير المنشود
ثانياً: يثمّن المجلس القرارات الحكيمة التي اتخذتها (طالبان) في تحقيق (السلم الأهلي) وتجلى ذلك في دخول العاصمة (كابول) والمدن والقرى الأخرى دون إراقة دماء بعيداً عن كوامن الثأر وغرائز التشفي والانتقام التي يصعب كبحها في مجتمع قبلي مختلف القوميات والأعراق، كما يثمّن المجلس قرار العفو العام الذي يفتح صفحة جديدة في تاريخ هذا الشعب الذي أرهقته الحروب وعانى من ويلاتها ، وكذلك إعطاء الأمان للجميع لإنهاء المشاهد المؤلمة المروعة في مطار كابول للأفغان الذين عزموا على الهرب طالبين من مشغّلهم وسيدهم المستعمر النجاة والفرار ولو إلى المجهول
ثالثاً: يأمل المجلس أن يعبّر العهد الجديد في أفغانستان عن روح التسامح والمشاركة والانفتاح على الجميع، لأن معركة البناء والتعمير أشق من معركة الكفاح والتحرير، فعملية البناء عملية طويلة ومضنية تحتاج إلى تضافر الجهود والطاقات وتحقيق الأمن والسلم الاجتماعيين، وروح الاعتدال المتمثلة في وسطية الإسلام القائمة على إقرار الحقوق التي كفلتها الشريعة بعيداً عن الغلو تعين على تحقيق ذلك، وينبغي الحذر من الذين سيحاولون جر القاطرة إلى الخلف ليفشلوا التجربة الوليدة
رابعاً: مدرسة التاريخ ناطقة شاهدة، تعكس سنن الله التي لن نجد لها تبديلاً ولا تغييرا، فعلى الجميع حكومات وشعوباً أخذ العبر مما جرى، ومن أبرزها أن المستعمر لا بد من رحيله وإن طال الزمن إذا وجدت شعوب تدافع عن حقوقها وتسعى لتحررها، وأن مصير أعوان المحتل الخزي والعار في الدنيا قبل الآخرة، ولا بد لمشاريع التحرير أن تعكس هوية الأمة وثقافتها ليلتف الناس حولها، وتعكس طموحات الناس وآمالها في غد مشرق
وفي الختام نسأل الله تعالى أن يكتب للشعب الأفغاني الشقيق السلام والاستقرار، والتقدم والازدهار، وأن يرفع الظلم عن الشعوب المقهورة المظلومة، وأن ينعم السوريون بالأمن والأمان في بلادهم بعد تطهيرها من رجس المحتل الإيراني والروسي وعملائهما (وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم) وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
المجلس الإسلامي السوري
10 محرم 1443هــ 18 آب 2021م