الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فقد أتمت الثورة السورية في هذه الأيام ثلاث عشرة سنة كاملة من عمرها، ولا تزال العصابة المجرمة الظالمة الفاسدة متحكّمة في سورية، تستنجد بشذاذ الآفاق من الميليشيات الطائفية ودول الاحتلال روسيا وإيران؛ لتثبيت أركانها المهترئة، بعد أن فقدت كامل شرعيتها، يوم قال الشعبُ كلمته بإسقاطها؛ فلم تحتفظ بحقها في الردّ عليه؛ بل أجابته بالرصاص والبراميل المتفجرة، فدمَّرت المدنَ والقرى، وأهلكت الحرث والنسل، ولم تراعِ حرمةَ شيخٍ كبيرٍ ولا طفلٍ صغيرٍ ولا امرأةٍ ضعيفة، ولا يزال عشراتُ الآلاف من أبناء شعبنا معتقلين في غياهب السجون وأقبية المعتقلات، وكذلك الآلاف ممن غيب قسريا ولا يعرف مصيره حتى اليوم، فيما وقفت دول العالم والمنظمات الدولية التي تتشدَّق بحقوق الإنسان متفرجةً لا تحرِّك ساكنًا ولا تردع ظالمًا،
كما هو عليه الحال في مواقفهم حيال ما تفعله دولة الاحتلال في غزة وفلسطين من الظلم والقمع والاستبداد.
وإنَّ المجلسَ الإسلاميَّ السوري إذ يجدد الذكرى ويحييها يُبيِّن ما يلي:
أولاً: يحيِّي المجلسُ صمود شعبنا في الداخل السوري المحتل، وكامل المحرر، وفي كل الأصقاع والمنافي على ثوابت الثورة، فلا يزال شعبنا يرفض الظلم كل الظلم؛ ويلفظ هذه العصابة العاتية، التي استحوذت على مقدرات الشعب السوري واغتصبت خيراته، فانتشرت السرقات والرشاوى وراجت المخدرات والتجارة بالممنوعات، وغدا الانحدار السحيق في مستوى الخدمات الأساسية من كهرباء ووقود وتعليم وصحة ظاهرةً واضحةً جلية.
ثانيًا: إنَّ الحرية تنتزع انتزاعًا ولا تمنح منحًا، هذه سنّةٌ إلهيّةٌ ماضية، أثبتها التاريخ على امتداده الزماني والمكاني، فلا بدّ من مواصلة الطريق، ولا يفيد الوقوف في منتصفه شيئًا، والمعركة جولات، ولكنّ العاقبة لأصحاب الحقّ الثابتين على حقّهم، المدافعين عنه.
ثالثًا: لقد عرّت الثورة السورية الوجه البشع لما يسمى النظام العالمي، الذي تآمر على ثورتنا، وحاول خداعها بمسرحية كتابة الدستور وبإجراء مفاوضاتٍ عقيمةٍ كان الهدف منها تزجية الوقت وإضاعة الفرص، والتغطية على التخاذل وعدم القيام بالواجب، ومارس الضغط على أبناء شعبنا في بلاد اللجوء ليرضى بالحلول الممسوخة التي يحاول البعض فرضها عليه.
رابعًا: أثبت شعبنا في بقاع سوريّة كلّها، أنّه لا يزال حيًّا أبيًّا حرًّا كريمًا، وما زالت جذوة الثورة متّقدةً فيه، فهو يرفض الظلم اليوم أيًّا كان مصدره، ويأبى الضيم، ولا يركن لمستبدّ، حتى الخلاص بإذن الله تعالى، والوصول إلى أهداف الثورة وتحقيق غايتها النهائية التي قامت لأجلها.
خامساً: يشكر المجلس كل من دعم شعبنا الأبي واتخذ حياله موقفاً أخلاقياً نبيلاً من حكومات ومنظمات وشعوب، سائلاً المولى في هذه الأيام والليالي الفضيلة من شهر رمضان المبارك أن ينصر ثورتنا المباركة وأن يفرج عن جميع المظلومين في سوريا وفلسطين وفي أصقاع الأرض كلّها.
وفي الختام يترحّم المجلس على الشهداء الأبرار، ويسأل الله الشفاء للجرحى والمصابين الأطهار، والتحرير للأسرى والمغيبين الأخيار، والعون للاّجئين والمشردين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.
المجلس الإسلامي السوري
5 رمضان 1445هـ الموافق 15 آذار 2024م