كيف نقاتل الخوارج؟! جـ(2) والأخير
يونيو 20, 2015
الشورى
يوليو 6, 2015

القومية والتشيع في ايران

الكاتب: د . محمد العبدة – عضو أمناء المجلس الإسلامي السوري 
هل نختلف في توصيف حالة ايران وسياستها وهويتها، هل هي شيعية تستخدم  القومية الفارسية لمصلحتها، أم هي فارسية تستخدم التشيّع غطاءً لأهدافها؟ هل نختلف والواقع يقول إنها دولة تتبنى فكراً معيناً وعقيدة معينة، وتدفع المليارات لنشر التشيع في العالم، والمقصود العالم السني، وأذرعها في المنطقة العربية قائمة على التشيّع، ولاشك أن الفرس قديماً وحديثاً الذين غصّوا بالفتح الإسلامي وانهيار الامبراطورية الفارسية، هؤلاء يكنّون الحقد والكره للعرب الذين قادوا هذا الفتح، وما نشأت الشعوبية في العصر العباسي إلا نتيجة لهذا الحقد.
والمسلمون ليس عندهم تعصّب لجنس معين فالميزان هو الدين والتقوى، والفرس من أوائل من دخل في الإسلام من الأعاجم في فتوحات الشرق، وكان منهم علماء بارزون، ولكن الذين شرقوا بالفتح الإسلامي قاموا بعمل مضاد مثل إنشاء الجمعيات السرية الباطنية، وسلالة هؤلاء اليوم لاشك أنهم يحقدون على السنة ويحتقرون العرب، وعندهم النعرة الفوقية والتغني بأمجاد الفرس قبل الإسلام، وإحياء تقاليدهم (عيد النيروز وملحمة الشاهنامة) إنّ الذين يقولون أن المشروع الايراني هو مشروع فارسي بغطاء شيعي، ربما يتهرّبون من وضع العقائد والتوجّه الشيعي في مركزية الحدث.
وحتى لا توسم الأحداث بالمنحى الطائفي، إن مثل هؤلاء كمثل الذين يقولون إن الحروب الصليبية كانت لأهداف اقتصادية وأن هذه الموجات الإفرنجية كانت تتطلع إلى خيرات المنطقة الإسلامية وخاصّة بلاد الشام ففيها (العسل واللبن)، وهكذا يريدون إبعاد عنصر الدين في هذه الأحداث، مع أن الذي حرّك الشعوب الأوروبية للانخراط في هذه الحروب هي الكنيسة والناسك بطرس، وكان التحريض أن المسلمين لايؤمنون بوجود الله بل يعبدون محمداً، وهذا لا يعني عدم وجود اهداف أخرى كأطماع فردية. وهكذا يستمر التهرب ويقال عن كل تصرف أمريكي سياسي أن هدفه المصالح :
البترول، الموقع السياسي، ولا يدخلون في التحليل السياسي أوالمعادلة التوجه الديني لدى المحافظين الجدد مثلاً ومن يؤيدهم (كان الرئيس نيكسون يقيم قدّاساً في البيت الأبيض وكذلك بوش الابن).
إن من رؤوس الحكم في طهران الشيعي العربي والشيعي الأذري (خامنئي من العنصر الأذري)، وإن كان العنصر الفارسي هو الغالب، والذين يقتلون وينهبون أموال أهل السنة في العراق هم من الشيعة العرب. إن امتزاج الدين بالقومية موجود في بلاد فارس حتى في الحقبة الساسانية قبل الفتح الإسلامي، كانت الزرادشتية هي دينهم الوحيد، وكانت الطبقة السياسية والدينية متحدتان تماماً حول الزرادشتية (قومية دينية) وهي الآن كذلك امتزاج حميم بالتشيع، والقومية وحدها لا تستطيع أن تقدم هذا النفس وهذا الزخم لإيران  في محاولاتها للتمدّد والتوسّع على حساب أهل السنّة، ولولا التوجّه الشيعي لا تستطيع ايران أن يكون لها هذه الأذرع والتي من خلالها تفرض شروطها وتفاوض الغرب.
هل استطاعت القومية الطورانية (الاعتزاز بالعرق التركي والتمحور حوله) أنّ تقدم شيئاً مهماً للجنس التركي في العالم، وهل استمالت القوميات التركية الأخرى، وهل استطاعت القومية العربية التي كانت شعاراً لكثير من الأحزاب والدول أن تقدم نهضة للشعوب التي بقيت عشرات السنين تسمع وتنتظر ولم تر طحناً.
قد يقال أن السياسة في ايران تتغلّب أحياناً على التوجه الديني، وهذا صحيح فالبراغماتية المفتوحة جداً والتي شرعها وأسّس لها الملالي وعلى رأسهم الخميني تساعد على ذلك، وتقدّم المصالح على ما يعتقدون، ولكن كل مؤسساتهم من مجلس الشورى ومجلس تشخيص النظام ومجلس الخبراء يجمعهم إطار واحد هو الشيعة ونشر التشيع.