بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ولي الصالحين القائل في كتابه: (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ) والصلاة والسلام على إمام المتقين وقائد المجاهدين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فقد سبق للمجلس الإسلامي أن أصدر وثيقة المبادئ الخمسة والتي تنص على وحدة سوريا أرضاً وشعباً بكل مكوناتها الإثنية والدينية والطائفية ، ولقد لاقت هذه الوثيقة قبولاً عاماً عند أكثر الفصائل والهيئات والتجمعات والشخصيات السياسة البارزة في المشهد السوري ، وعلى هذا الأساس فإن الجميع سيقفون في وجه أي مشروع تقسيمي تحت أي ذريعة أو خديعة ، ومنذ الوهلة الأولى نرى أنّ من يسعى في هذا الاتجاه هم بعض الفصائل الكردية ، مع علمنا أن الأكراد إخوة لنا ونحن وإياهم شعب واحد يجمعنا الدين والتاريخ والوطن ، ونحن على يقين أن النظام المجرم قد أوقع الظلم عليهم وحرم كثيراً منهم الجنسية والحقوق المدنية وكان يتعامل معهم بقسوة ووحشية ، ويسلط الجيران بعضهم على بعض مطبقاً المبدأ الاستعماري (فرّق تسد) ، والجميع يعلمون أن النظام الظالم لم يعدل إلا في أمر واحد وهو توزيع الظلم على الجميع، فلا يخفى على إخواننا الأكراد ما أوقعه الطاغية حافظ الأسد على أهل حماة في الثمانينات من القرن الماضي من مجازر ومآسٍ يشيب لهولها الولدان ، ونحن جميعاً نتطلع إلى سوريا المستقبل القائمة على أساس المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وضمان الحريات، وعلى هذه المبادئ قامت الثورة السورية التي جاوز عدد شهدائها النصف مليون والجرحى أضعاف ذلك وزاد مشردوها ومهاجروها على عشرة ملايين، وما منظر الطفل (إيلان) غريقاً قذفته أمواج البحر بغائب عن ذاكرة السوريين ولن يغيب.
ونحن نناشد الشرفاء من إخواننا الأكراد أن يأخذوا على يد هؤلاء الذين بدا واضحاً للعيان أنهم يسعون في المخطط التقسيمي بدعم من جهات خارجية لا تريد لا للبلاد ولا للعباد خيراً، ولقد بدا ذلك واضحاً من تحركات هذه المليشيات في ريف حلب الشمالي منطلقة من منطقة (عفرين) – ولو تسمت بأسماء مختلفة كقوات سوريا الديمقراطية وضمت إليها من ليس منها – وفتحت جبهات جديدة على الفصائل المعارضة في المنطقة ، بعد أن تكالب على فصائل الشمال (داعش) من الشرق والمجموعات الشيعية الإيرانية والعراقية واللبنانية من الجنوب والنظام من مناطق عدة ، والطيران الروسي والسوري يقصفهم من فوقهم ، ولم يعد خافياً أنّ هذه المليشيات بدأت تزحف على مناطق الثوار بعيدة عن مناطق النظام كما تفعل (داعش) تماماً ، واحتلت في الآونة الأخيرة مجموعة من القرى منها (تنّب ، كشتعار ، شوارغة ، المالكية) وغيرها وصار الطريق الدولي الواصل من حلب إلى باب السلامة تحت نيرانها ، وهناك تهديد حقيقي على مدينة (إعزاز) وما حولها ، ولقد أصبح المخطط واضحاً لا يخفى على ذي لب ، فهناك هدفان واضحان لهذا التحرك، الأول: إفشال إقامة منطقة آمنة يأوي إليها السوريون من بطش النظام وأذنابه والاحتلال الروسي، والثاني: حصار حلب والسيطرة على الشريط الحدودي وجعل الدويلة الكردية واقعاً قائماً بدعم من القوى الدولية الروس والأمريكان ، وقد أكد هذا التوجه ما تم ممارسته من قبل في (تل أبيض) من تطهير عرقي لباقي الإثنيات ، والمجلس الإسلامي السوري يحذر هؤلاء وغيرهم من المضي في هذه المشاريع التآمرية التقسيمية ، ويطالبهم بالكف عن ذلك ، وفي الوقت نفسه يطالب فصائل المعارضة على اختلاف أسمائها وتوجهاتها بالاتحاد في وجه هذه الخيانة والوقوف صفاً واحداً لإفشالها ، كما نحث أبناء المنطقة من السوريين على الالتحاق بالفصائل الجهادية والجيش الحر ودعمها بكل ما تحتاجه من مقومات الصمود ، ونناشد الدول الداعمة للشعب السوري بالوقفة الجادة مع هؤلاء المدافعين وإمدادهم بالسلاح والعتاد والضغط سياسياً على المتآمرين ومن وراءهم.
وفي الختام فإن شعبنا لن يغفر لكل من أراد تمزيق نسيجه وتفتيت أرضه وسوف يأتي بإذن الله ذلك اليوم الذي سيحاسب فيه كل من تآمر على شعبنا، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
المجلس الإسلامي السوري
23 ربيع الأول عام 1437 هـ الموافق لـ 3 كانون الثاني 2016م