الحمد لله القائل (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم) والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين وبعد :
ففي الوقت الذي يفرح فيه المؤمنون بفطرهم بعد صيام يوم من أيام رمضان كما قال الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام (للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه) واجتمعوا لصلاة المغرب في مسجد سعد الأنصاري بحلب قرر طيران النظام المجرم اللئيم أن يستهدفهم ببراميله المتفجرة في هذا الوقت الفضيل في هذا الشهر المبارك، فسقط البرميل على المصلين أثناء صلاة المغرب فقتل جمع من المصلين، واختلطت الأشلاء بالدماء وتحول المسجد إلى ركام وأنقاض.
لقد بلغ من جرأة هؤلاء الطغاة على الله ألا يراعوا حرمة لمسجد ولا لعبادة ولا لمصلين من راكعين أو ساجدين، فقد اعتدت الأيدي الآثمة على ما يزيد على ألفي مسجد في أنحاء سوريا حتى الآن، وأكثرها دمر دماراً كلياً.
والمجلس الإسلامي السوري إذ يستنكر ما وصل إليه النظام من انحطاط وانفلات من كل القيم والمبادئ الدينية والإنسانية، ليبشر هذا النظام بالهلاك والزوال فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن الله يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله) فكيف بمن يعتدي على بيوت الله وعلى ضيوفه فيها من العمار والعباد والصائمين والذاكرين، فغيرة الله على بيوته وضيوفه تأبى أن يفلت هؤلاء المجرمون من العقاب، فاللهم اجعلهم عبرة لكلّ معتبر.
ولا غرابة في سلوك هؤلاء الطغاة فقد سبقهم أسلافهم من الباطنية القرامطة في القرن الرابع الهجري الذين قتلوا الحجيج بمكة واعتدوا على قبلة المسلمين فخلعوا باب الكعبة وقلعوا الحجر الأسود واستاقوه لديارهم وبقي عندهم ما يزيد على عشرين سنة، فلم يراعوا حرمة الزمان ولا المكان ولا حرمة البيت ولا الدماء، ولقد أهلكهم الله وأخذهم بعد ذلك.
إنّ مجازر النظام وبراميله المتفجرة لم تستثن مسجداً ولا مدرسة ولا مستشفى ولا نقطة طبية ولا سوقاً شعبية ولا ساحة عامة، وذلك لأجل إيقاع العدد الأكبر من المدنيين الأبرياء بين قتيل وجريح ومصاب، فالمشتكى إلى الله في هذه الليالي المباركة ولتلهج الألسنة بالدعاء على هؤلاء الطغاة المجرمين ، ولا أمل في مجتمع الصمت الرهيب على هذه الجرائم المنكرة التي يراها ويسمعها ولا يتحرك له شعور ولا يسمع له موقف يا شعبنا المجاهد الصامد : عزاؤنا الوحيد أن هؤلاء مضوا شهداء بإذن الله في أقدس البقاع وأحبها إلى الله ألا هي المساجد، ولقد قضوا وهم يؤدون الصلاة بعد انقضاء صيامهم فطوبى لهم، تغمدهم الله برحمته وأسكنهم فسيح جنته وشفى الله المصابين والجرحى شفاءاً عاجلاً، وأعان أهالي الجميع على هذا المصاب الجلل، إنا لله وإنا إليه راجعون.
المجلس الإسلامي السوري
6 رمضان 1436 هجري الموافق 23 حزيران 2015 م.