بيان حول بطلان إعلان الخلافة من قِبل تنظيم دولة العراق والشام
يوليو 6, 2014
بيان بشأن أحداث غـزة
يوليو 12, 2014

بيان الصبر والمصابرة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فإن الله تعالى يقول: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
أيها الشعب السوري الصابر الأبي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحييكم في هذه الأيام الفاضلة والليالي المباركة ونسأل الله أن يتقبل من الجميع الصيام والقيام وصالح الأعمال وبعد:
فإن المؤامرة على بلادنا المباركة في سورية لكبيرة وعظيمة، فقد اجتمع على البلاد والعباد أعداء الله تعالى من كل ملة وفرقة، من الكفرة والباطنية والرافضة والخوارج المارقين، مما جعل جهاد أهل الشام من أعظم الجهاد المعاصر، وصبر المقيمين والمرابطين المصابين على أرض سورية الحبيبة والمهجرين في بقاع العالم من أعظم أنواع الصبر وأفضله.
وفي خضم هذا الهجوم من الأعداء على إخواننا المجاهدين وعلى النساء والأطفال والمستضعفين وقتل البشر وتدمير الحجر وحرق الشجر، مع ضعف المعين وخذلان القريب، وطول المدة يتوجه المجلس الإسلامي إلى كلِّ إخوانه السوريين المعنيين بهذا البيان، سائلاً الله تعالى الفرج القريب والنصر العاجل.
أيها المجاهدون ويا أهلنا في كل مكان في حلب وريفها، في دمشق وغوطتها، في القلمون وجبالها ، في حوران وسهولها، وفي إدلب وحمص وحماة ودير الزور والساحل، وفي كل شبر من أرضنا الحبيبة ، يا نساءنا وجرحانا ، أيها المظلومون في كل مكان على ثرى وطننا الغالي سورية، أيها المعذبون في سجون الظالمين، أيها المهجرون أيها المحاصرون نناديكم جميعاً: الثبات الثبات والصبر الصبر، فإن المولى سبحانه يناديكم في قرآنه العظيم ويقول لكم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلحُونَ. وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ). ويقول أيضاً : ( وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ).
وقد جمعت الآيتان السابقتان من معايير وضوابط لقاء العدو ما يحقق النَّصر مع الفوز بعظيم الأجر إن شاء الله، فقد أمر الله سبحانه وتعالى الجميع بالثبات والصبر، وهو مدَدُ الظفر والنَّصر، وبالإكثار من ذكر الله تعالى؛ حتى لا نغفل في عملنا وجهادنا عن تعاهد إرادة وجه ربنا سبحانه وتعالى.
ثم أمرَ سبحانه وتعالى بالتزام طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك ملاكُ الأمر في العمل، وقوام الحكمة ، ونهى _ سبحانه _ عن التنازع والخلاف، وهما سَبَبُ الفشل واختلال الأمر لا محالة.
فعن عبد الله بن أبي أوفى _ رضي الله عنه _ أنَّ رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ في بعض أيامه التي لقي فيها العدو قال:” أَيُّهَا النَّاسُ: لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ”.
ولقد ابتلي الرسل وأتباعهم من الأمم السابقة كأهل الأخدود ونحوهم، وكذلك ابتلي سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وغيرهم من الأئمة، فما كان هذا الأمر مزحزحاً لهم عن الحق الذي يدعون إليه، قال تعالى: )وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
فالله يبتلي المؤمن ليعلم الصادق من الكاذبكما قال تعالى: (آلم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ).
فالصبر الصبر أيها المجاهدون، الثبات الثبات أيها المرابطون قال تعالى: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَاتَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ).
ثم التوكل على الله سبحانه فهو حسبنا ونعم الوكيل قال تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
والتضرع التضرع وخاصة حين التحام الصفوف قال تعالى: (وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلح على ربه في الدعاء طالباً نصره وهزيمة عدوه، كما في حديث خالد عن عبد الله بن أبي أوفى قال: “دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأحزاب فقال:” اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وزلزلهم” رواه مسلم.
ونذكركم بأنكم في شهر الصبر شهر رمضان المبارك والنبي عليه الصلاة والسلام قال:” واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسراً ” ولا يعني هذا أننا نستقل صبركم بل نحن على يقين بأنكم صبرتم صبراً لا نظير له ، وثبتم ثبات الجبال الراسيات ، ولكنها الذكرى التي تنفع المؤمنين .
ثم إننا نوصي إخواننا المجاهدين وكلَّ العاملين على نصرة الشعب السوري الحر باتخاذ كل سبب مقدور عليه سواء أكان من الأسباب المادية أم الشرعية قال تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ).
إخواننا وازنوا بين المصالح والمفاسد في التعاطي مع العدو، وكونوا صفاً واحداً ورأياً واحداً ولاشيء يخدمنا في معركتنا مع عدونا كوحدة الصف والكلمة ) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (.
أيها الأشاوس يا أبطال سورية قد تكون معركتنا مع العدو طويلة فكل شيء بقضاء وقدر، ولكل أجل كتاب، لكن لنعلم بأن عدونا في حالة ضعف وهزيمة، ولذلك يستعين بكل الطغاة والمجرمين ليقويَ صفه، ويسدّ عجزه، ولايغيب عنا أبداً قول الله تعالى: ) إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ….( شهداؤنا في الجنة إن شاء الله، وقتلاهم في النار أخزاهم الله.
اللهمّ منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزم من تحزب على المسلمين من الباطنية والرافضة والخوارج والكفرة وانصرنا عليهم نصراً مؤزراً، إنك سميع قريب.
والحمد لله ربّ العالمين.
الأربعاء/11رمضان/1435هـ
الموافق 9 / تموز / 2014م