الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد :
فإن مما يؤلم كل حر شريف غيور على الثورة الشامية مسلسل الصيالة والبغي الذي تمارسه هيئة تحرير الشام على الفصائل الأخرى التي تقف في مواجهة النظام وقد أبلت هذه الفصائل في ذلك بلاء حسناً، فبالأمس كان الاعتداء السافر والغادر على أحرار الشام واليوم على الزنكي، ويتكرر المشهد بتفاصيله كل مرة، عدوان على فصيل بعد شيطنته إعلامياً ثم الإلقاء بحجج واهية يدرك من له أدنى اطلاع أنها لا أساس لها من الصحة والواقع، ثم استيلاء على المقرات والمستودعات وقتل وأسر وتشريد، ثم التسويف بقبول التحكيم وما وجدنا تحكيماً قد أنصف إلى اليوم فصيلاً واحداً من ثمانية عشر فصيلاً ابتلعتها الهيئة، وبالمقابل كانت الفصائل الأخرى تتفرج وتقف موقف الواعظ الساكت عن الظلم رغباً أو رهباً، وهي ترى شركاءها بالموقف نفسه يساقون إلى نفس النهاية بنفس الطريقة، ومن بقي ينتظر دوره ولا يعتبر حتى ينزل الاستئصال بساحته، ولات ساعة مندم، والمجلس الإسلامي السوري أمام هذه الحالة المتكررة وما يجري الآن على الساحة يبين ما يلي:
أولاً: ليس من سياسة المجلس أن يذكي نار الفتنة أو يؤلب فصيلاً على فصيل، فكل دم يراق في غير موقعه الصحيح يعد خسارة للأمة وتضحية في غير مكانها، بل ويخشى على ضحايا أمثال هذا الاقتتال من الوعيد الذي ذكره الصادق المصدوق في حديثه “إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قيل يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول ؟ فقال : لقد كان حريصاً على قتل صاحبه” لكن عندما يقع البغي والصيالة من طرف على طرف بغير وجه حق مع وجود كل وسائل فض المنازعة لو حصلت، وجهود المصلحين في إصلاح ذات البين ورد الحقوق إلى أهلها بعد اللجوء إلى التحاكم، ويصر الصائل على صيالته وبغيه مع ذلك كله، عندها لم يبق في القوس منزع، ولا بد من ردِ الصائل الباغي وهو حق مشروع، وهذا موقف المجلس المبدئي من كل فصيل يبغي على فصيل بغض النظر عن الاسم والمسمى.
ثانياً: يعتبر المجلس ما قامت به الهيئة على فصيل الزنكي صيالة وبغياً، بل وغدراً لفصيل كان حليفاً لها في العهد القريب، وليس له جرم إلا أنه فك هذا التحالف بعد أن رأى مالا يرتضيه في هذا الحلف من مثل صيالة الهيئة على فصيل أحرار الشام.
ثالثاً: في الوقت الذي رمانا فيه العدو عن قوس واحدة، واجتمعت جيوشه ومجموعاته الإجرامية في خندق واحد ضد أمتنا وشعبنا وثورتنا نجد مثل هذه التصرفات الرعناء تظهر بين الفينة والأخرى، وفي أحلك الظروف وأشدها وطأة، مما يضع كثيراً من إشارات الاستفهام حول هذا السلوك المشبوه، وفي الوقت نفسه فإن الفصائل التي ما زالت تعيش وهم القوة وتغتر ببعض مكتسباتها على الساحة السورية تتحمل كامل المسؤولية بتفرقها وتشرذمها مما أطمع بها كل الخصوم والمتربصين.
وفي الختام نسأل الله أن يجعل كيد الباغين في نحورهم، وينصر الحق وأهله ويجمعهم على كلمة سواء، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المجلس الإسلامي السوري
23 صفر 1439 هـ الموافق 12 تشرين الثاني 2017م