بسمِ اللهِ الرّحمن الرّحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:
فبعد انعقاد مؤتمر الرياض لقوى المعارضة ظهرت أصوات مغالية تحكم بالكفر على كل من شارك في هذا اللقاء، والمجلس الإسلامي السوري يرى أن هذا العمل اجتهادي تحكمه المصلحة الراجحة للشعب السوري والتي يقدّرها أهل الاختصاص من أهل العلم والسياسيين وعلى كل الأحوال فالتقدير متردّد بين الصواب والخطأ والمصلحة والمفسدة، وأما الحكم بالكفر فهذا من المجازفة ومن منهج الخوارج الذين كفّروا الصحابة الكرام بشأن سياسي اجتهادي وهو قبول التحكيم، وغاب عن هؤلاء أن الرسول عليه الصلاة والسلام فاوض وصالح وجالس وحاور من هو لا يشك في كفره وشركه وعدوانه كقريش، وسمعنا المزاودات من البعض على الفصائل الجهادية المشهود لها بحسن البلاء وصدق التوجه ممّن شاركوا في المؤتمر وكان لهم دور إيجابي في الحفاظ على حقوق الشعب السوري في أي مفاوضات محتملة، وكذلك هدف هؤلاء المغالون بهذه الأحكام التكفيرية إغراء عناصر هذه الفصائل بقادتهم الشرفاء، وتكرّرت في الآونة الأخيرة ظاهرة السطو على بعض الفصائل الأخرى واحتلال مقراتها وسلب مقدراتها واعتقال أفرادها بدعاوى واهية كالحكم بالعمالة أو الردة أو ما شابه ذلك.
وأخيراً بدأت عمليات تصفية الدعاة واختطافهم بسبب مخالفتهم بالرأي في بعض المسائل، ولو كانت جمعتهم بهم الخنادق في وقت من الأوقات فلم يراعوا جهادهم ولا بلاءهم ولا الدور العظيم الذي يقومون به في تعليم الناس وتوجيههم وتثبيتهم، والمجلس الإسلامي السوري بعد اطّلاعه منذ زمن على أمثال هذه التصرفات آثر التريّث لعل الله يصلح الأحوال ويرعوي هؤلاء إن كان عندهم أثارة من دين أو علم مع حرص المجلس على وحدة الصفوف واجتماع الكلمة، لكن تبين لنا أنّ هؤلاء يعملون وفق مخطط مبرمج لابتلاع الآخرين وشيطنتهم قبل ذلك…
ونحن نذكّر الجميع بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) وبأن الغالّ الذي غلّ بضع خرزات من خرز يهود وقتل في صف المؤمنين أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه في النار فقد حبط عمله وبطل جهاده فكيف بمن يبغي على المسلمين المجاهدين ويسطو على أموالهم ويستحل دماءهم بتهم باطلة فضلاً عن أن تكون شبهاً واردة، فالله الله في المجاهدين.
إن المجلس الإسلامي السوري إذ يستنكر كل أوجه البغي والعدوان من أي فصيل على أي فصيل ليقرر أنّه في حالة الخلاف المحتمل ينبغي التحكيم المحايد العادل ولا يمكن أن يكون الخصم حكماً في الوقت نفسه ولو ادعى هذا الخصم أمام الملأ استقلالية قضائه ، ونحن نعلم أن الشرع فوق الجميع وعند الاختلاف والتنازع في الرأي فلا بدّ من الردّ إلى الله ورسوله ويقرر هذا فهم أهل العلم المعتبرين الذين شهدت لهم الأمة بالعلم والصدق والاستقامة ، وعند حدوث البغي وعدم قبول الاحتكام فالباغي يجب قتاله شرعاً بنص القرآن: (فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ).
وفي الختام فإن رص الصفوف ووحدة الكلمة ليسا مجرّد شعارين يرفعان للاستهلاك والضحك على الأتباع بل هما ممارسة ودين والتزام، نسأل الله أن يطهّر الصفوف من كل فاسد ومفسد ومن كل باغٍ ومعتد، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المجلس الإسلامي السوري
13 ربيع الأول 1437 هجري، الموافق 24 كانون الأول 2015م