بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل (إياكم والفرقة وعليكم بالجماعة) وعلى آله وأصحابه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين أما بعد:
فإنه مما أثلج صدورنا أن إخواننا في فصائل الشمال قد بدؤوا معركة حلب الكبرى لفك الحصار عنها ودحر المليشيات الطائفية المتكالبة عليها، نسأل الله أن يتمم فضله ويأذن بفتح مبين من عنده، وفي هذا الصدد نوصي إخواننا المجاهدين بتقوى الله وأن يستوصوا بأهلنا في حلب خيراً، فيحفظوا دماءهم وأموالهم وحرماتهم، وليكن شعارهم مع الأهالي (اليوم يوم المرحمة) وأما على المليشيات الطائفية ومن لفّ لفهم من الشبيحة والمجرمين فليس أمامهم إلا الملحمة، ولا ينفع معهم إلا قول الباري جلّ في علاه (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ).
وفي الوقت نفسه نتطلع إلى غوطتنا الشرقية بدمشق فنرى النظام ينتقصها من أطرافها ويستعيد بعض المواقع التي دفع المجاهدون دماءهم ثمناً في سبيل تخليصها وتحريرها من رجس النظام المجرم، وما ذلك إلا بسبب التفرق والتشتت والخلافات والفتن، والمجلس الإسلامي السوري ومن أوائل أيام ما حصل بين الإخوة في الجيش والفيلق حاول جاهداً رأب الصدع وحل المشكلات ولكنه اصطدم بعوائق كثيرة لا داعي لذكرها الآن، وتدخل كثير من الأخيار في الداخل والخارج وكانت النتيجة نفسها أيضاً، والمجلس الإسلامي السوري وهو يستشعر الخطر الداهم على الغوطة وانطلاقاً من شعوره بالمسؤولية وقياماً بواجبه الديني الذي يتحتم عليه وهو يسعى لتحقيق المرجعية الواحدة للأمة يعلن ما يلي:
أولاً: هناك لجنة شكلت من المجلس برئاسة رئيس المجلس، وقامت بالتواصل مع الفريقين على مستوى العلماء والهيئات الشرعية في كل الغوطة وعلى مستوى القادة في كلا الفصيلين، والجهود ما زالت مستمرة وحثيثة إن شاء الله، ومن توجهات المجلس ألا يعلن التفاصيل الآن حفاظاً على سير العمل ومنعاً للقيل والقال، وقطعاً لطريق المتربصين من الأعداء والحاقدين الذين يؤرقهم اجتماع الكلمة ووحدة الصف، ونسأل الله أن نصل إلى نتيجة إيجابية بحول الله وقوته تطمئن القلوب وتهدئ النفوس وتزرع الأمل من جديد، وهذا يحتاج إلى أمور أهمها الإرادة الحقيقية من جميع الأطراف للإصلاح وتحقيق الوئام، والله تعالى يقول في معرض الصلح مخاطباً الزوجين وحكميهما (إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا) وهذا ظننا بإخواننا الذين يبذلون دماءهم وأموالهم نصرة لدينهم وأمتهم، ونسأل الله أن يجعلنا كذلك.
ثانياً: يناشد المجلس العلماء والدعاة في الغوطة كافة وكذلك إخواننا في الداخل والخارج أن يسيروا في هذا الاتجاه التصالحي، فلا مكان للتجييش ولا وقت لإثارة الإحن، فلا بدّ أن نبتعد جميعاً عن كل ما من شأنه إثارة المشاعر السلبية من أخبار أو تصريحات أو مواقف سابقة هنا أو هناك، ولنكن جميعاً عونا لإخواننا على أنفسهم لا عوناً للشيطان عليهم.
ثالثاً: نذكر الجميع بقوله تعالى (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) وأمارات ذلك إن لم نتدارك واقعنا صارت ماثلة للعيان، فاللَهَ اللهَ في دماء شهدائكم، واللهَ اللهَ في جرحاكم ومعاقيكم وأهليكم وأعراضكم ومشرديكم، واللهَ اللهَ في أمة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم فلا يؤتين الإسلام من قبلكم، ولكم بملوك طوائف الأندلس عبرة وعظة، فقد ظنوا أنفسهم ملوكاً بحق فتسموا بأسماء معتضد ومعتصم واقتتلوا فيما بينهم بل واستعانوا بأعدائهم على بعضهم البعض، فكانت نهاية الجميع في أقبية ومقاصل محاكم التفتيش الرهيبة.
وفي الختام فإن المجلس الإسلامي السوري ليسأل الله أن تجد صرخته هذه آذاناً صاغية وأن تجد مبادرته قلوباً واعية، وأن نزف البشرى لأمة محمد عليه الصلاة والسلام بما يثلج صدورها ويبهج نفوسها، ويغيظ قلوب عدوها ويسوء وجوه الحاقدين والمتربصين من المنافقين وأذنابهم، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ورضاك نقصد، أنت ربنا رب الطيبين، ألهمنا رشدنا، وأعذنا من شرور أنفسنا، واجمع على الحق كلمتنا، ووحد شملنا وصفوفنا، وانصرنا على عدوك وعدونا، يا أكرم الأكرمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
المجلس الإسلامي السوري
29 محرم 1438 هجري، الموافق 30 تشرين الأول 2016م