بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيم
الحمد لله ولي الصالحين وناصر المظلومين والصلاة والسلام على نبينا محمد نبي الرحمة وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واتبع هداه إلى يوم الدين وبعد:
فأربع سنوات عجاف مرَّت على شعبنا السوري ولا زالت آلة القتل الأسدية تفتك بأطفاله ونسائه وشيوخه، فبراميل النظام تحصد الآمنين في الليل والنهار، والقتل يطارد الناس في الطرق والمساجد والمدارس والملاجئ والمستشفيات، ومن نجا من جحيم الحمم والقصف أصبح هائماً على وجهه في كل حدب وصوب ليفر من براثن القتل إلى مرارة التشرد، ومن ملاحقة عصابات الأمن إلى شبيحة المخيمات في بعض دول الجوار كلبنان، لتبقى المأساة وتتبدل المعاناة، لقد اجتمع على تسعة ملايين من الشعب السوري الذين شُرّدوا الجوع وبرد الشتاء والعراء وقلة الكساء والدواء، لقد أحدقت بهم المصائب وأصابتهم السهام من كل جانب ، وإنه ليصدق عليهم قول المتنبي:
رماني الدهر بالأرزاء حتى فـؤادي فـي غشــاء من نبــال
فصرت إذا أصـابتني سـهام تكسرت النصال على النصال
ومع هذه المأساة الصارخة التي وصفتها بعض المنظمات الدولية بأنها أعظم كارثة إنسانية تحل بالعالم منذ الحرب العالمية الثانية، فإننا نجد العالم يقف متفرجاً على شعب يسحق ويباد ويظهر هذا العالم – المتحضر- حيال ذلك عجزاً مصطنعاً ، مع أنه يجمع المليارات لما يسمى (الحربَ على الإرهابِ) المأساة تزداد والمشردون يزيدون وبالمقابل الدول والمنظمات تقلص مساعداتها، مما جعل الإنسانية تئنُّ أمام هذا الإفلاس الأخلاقي والانتكاسة في المبادئ والقيم.
إنَّ المجلس الإسلامي السوري ليناشد الضمائر الحية والأصوات الحرة في العالم ويستصرخ كل المنظمات الإنسانية والإغاثية لمد يد العون للشعب السوري المنكوب مذكرين الجميع بمبدأ القرآن الإنساني :
” وَمَنْ أَحْياها فَكَأنَّمَا أَحْيا النَّاسَ جَمِيعاً ” المائدة (32)
نناشدُ إخواننا في الدين، يا أمة الإسلام ويا أتباع محمد، يا أمة الجسد الواحد (إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)، يا أيها المحسنون الواثقون بوعد الله ” وَمَا أنَفْقَتُم مِنْ شَيئٍ فَهو يُخْلِفُه ” سبأ[39]،الشعب السوري الأبي المسلم يناشدكم الدين والجوار والقرابة والرحم.
نعم لقد طالت أزمة السوريين فلا تقابلوا طولها بتقصير، وزادت محنتهم وحاجتهم فلا تتعاملوا معها بنقص وتقتير، ولا تقابلوا إقبالهم عليكم بإعراض ولا حسن ظنهم بكم بجفاء.
الله الله في أهل الشام، لا تجمعوا إلى بطش العدو فيهم وشدة المحنة عليهم خذلانَ القريب لهم (الْمُسْلِمُ أخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ).
إنها صرخة استغاثة، انطلقت من الأفواه الجائعة من أجساد أعياها الجوع والمرض والبرد، اختلطت فيها صيحات الرضيع مع أنين الشيخ الكبير، ودموع الأم الحائرة، مع زفرات الأب الهائم.
نسألك اللهم يا أرحم الراحمين فرجاً قريباً ورحمة واسعة تسع هؤلاء جميعاً، أنت نصير المستضعفين.
المـجـلـــــس الإســــلامــــي الســـــوري
الأربعاء 18/2/1436هـ الموافق 10/12/2014م