الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فإن أحكام الشريعة الإسلامية تدور في فلك حفظ الضروريات الخمس وهي حفظ الدين والنفس والعرض والمال والعقل، هذا ما قرره علماء المسلمين، والنبي عليه الصلاة والسلام خطب في حجة الوداع قائلاً للناس : “إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذه”، وقال أيضاً : ” كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه”، فالدماء في الإسلام مصانة والأعراض والأموال والحقوق كذلك، بل وبينت النصوص الشرعية القطعية أن نعمتي الكفاية والحماية من أكبر النعم التي ينعمها الله على قوم فقال (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْت ◊ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) ولقد ابتلي شعبنا السوري بهذا النظام الفاجر الذي يتصرف بمنطق عصابة لا بمسؤولية دولة، فقد استباحت هذه العصابة المجرمة حرمات هذا الشعب العظيم، فقد رأى الناس عمليات السلب والنهب والاستباحة الكاملة (التعفيش) لممتلكات المواطنين السوريين الذين أخرجوا قسراً من دورهم ومدنهم وقراهم تحت وطأة القصف والتدمير والتنكيل، ووثقت هذه الممارسات بشهادات الشهود وبعشرات بل مئات المقاطع المصورة، بدءاً من حمص وأحيائها ثم داريا والغوطة الشرقية، وما يجري الآن في جنوب دمشق خير شاهد على ذلك، وأقيمت لهذه المسروقات أسواق سميت بأسماء طائفية عرفها الناس، فضلاً عن عمليات الخطف وطلب الفدية التي مارستها هذه العصابات المجرمة تحت أسماء ” الدفاع الوطني ” و ” اللجان الشعبية ” ، وهكذا فعلت المنظمات الإجرامية الإرهابية من أمثال (ب ك ك) و (ب ي د) في ممتلكات المواطنين في عدة مناطق في الشمال السوري كمنطقة ” تل رفعت ” على سبيل المثال، وللأسف بدأت هذه الظاهرة نتيجة الانفلات الأمني تظهر في بعض المناطق المحررة، فتشكلت عصابات مجرمة لا علاقة لها بشعب ولا بثورة، أخذت تمارس الممارسات الإجرامية نفسها من سرقة وخطفٍ وقطع طريق وترويع للناس، لكن الطامة الكبرى أن يمارس بعض عناصر الفصائل التي قامت أساساً لرفع الظلم عن الناس هذه الممارسات الظالمة، ولقد بلغنا في المجلس الإسلامي السوري حصول مثل هذه الممارسات على إخواننا الأكراد في عفرين وما حولها والمجلس بعد تثبته من بعض هذه الحالات يبين ما يلي:
أولاً: حرمة الاستيلاء على دور وأموال وممتلكات إخواننا أهل هذه المناطق تحت أي ذريعة كانت، ومن كان منهم مجرماً أو معتدياً فالمحاكم العادلة هي التي تقرر عقوبته وليس الفصائل ولا الأفراد، ولا يسوغ أن يبرر البعض هذا السلوك بمبدأ المعاملة بالمثل، فإن المنظمات الإجرامية الإرهابية لا تمثل الإخوة الكرد، بل إخواننا الكرد أكثر من اكتوى بنار هذه المنظمات، والله تعالى يقول: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ)
ثانياً: على قادة الفصائل والمسؤولين عن حفظ الأمن في تلكم المناطق ألا يتساهلوا في هذه الأمور، وأن يضربوا بيد من حديد على أيدي أولئك العابثين المفسدين
ثالثاً: يجب شرعاً إعادة هذه الممتلكات إلى أصحابها، وإذا لم يتمكنوا من ذلك لسبب ما فينبغي إعادتها للجهات المسؤولة في المنطقة، فهي تتولى إرجاعها أو تحتفظ بها حتى ترد لأصحابها
والمجلس الإسلامي السوري الذي يمثل علماء الأمة الذين أخذ الله عليهم العهد والميثاق أن يقولوا الحق ويبينوه للناس ولا يكتمونه دون تزييف أو محاباة ليعلن استنكاره ورفضه لهذه الأعمال من أي جهة كانت، ويعلن إدانته لكل من يقوم بها، ويذكّر هؤلاء المغتصبين بأحاديث المصطفى عليه الصلاة والسلام بهذا الشأن كقوله “من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين” وبحديث “من اقتطع حق مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة، فقال له رجل : وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله ؟ قال : وإن قضيبٌ من أراك” .
نسأل الله تعالى ألا يجعل لأحد في عنقنا مظلمة من دم ولا مال، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المجلس الإسلامي السوري
الخميس 09 رمضان 1439هـ الموافق 24 أيار 2018م