للشاعر: عماد الحُزَّانِي
دُجَىً نَـسَـجْتُ كَـلَامـاً مَـالَـهُ طَـرَفُ — بِـهِ الـطَّـبَـائِعُ وَ الأَجْـنَـاسُ تَلْتَـحِـفُ …
بِـالـسِّـرِّ زَرْكَشْتُهُ حَـتّـى غَـدَا حُبُكاً[1] — لَهَا الـعُـجَـابُ انْحَنَى وَالهَامُ وَالكَتِفُ …
أَنَـايَ حَـرْفـاً فَـحَـرفـاً صَـاغَـهُ فَبَدَا — عَلَى لِسَانِي صِـرَاطاً كُـنْـهُـهُ الحَنَفُ[2]
… فَـوقَ اللُّغَاتِ تَرَاهُ فِي المَدَى كَعَصَا — مِوسَى مِنَ النَّاحِيَاتِ السّتِ يَلْتَـقِـفُ
… مَا الأمرُ؟ مَا السِّرُّ حَتّى انْتَابَنِي وَلَهٌ — كَوَى الحَشَا، وَيْـكَـأَنِّـي عَاشِقٌ دَنِفُ
… تَجَاذَبَـتْـنِـي أَيَادِي الرِّيحِ، وَا جَسَدِي — كَأَنَّـنِـي غُـبْـرَةٌ قَـد تَـفَّـهَـا الجَدَفُ ..
. أَمشِي وَلَم أَلْتَمِسْ شَيئاً يُضِيءُ هُدَىً — إِذ كُنتُ فِـي أَسَفٍ مِـن فَوقِهِ أَسَـفُ ..
. فِـي الـجَـاهِلِيَّةِ قد حملقت عَن كَثَبٍ — وَ أَيُّ حَـمْـلَـقَـةٍ مِـمَّـا أَرَى تَـجِـفُ[3] ..
. أَرَى الجَزِيرَةَ فِي الأَدْنَاسِ سَـارِحَةً، — وَرَاءَ شَـهْوَتِـهَـا سُـرْعَانَ مَـا تَـزِفُ[4] …
هَـذِي قُرَيشٌ عَـلَى الأَصْنَامِ عَـاكِفَةٌ — فِي السِّر وَالعَلَنِ الفَحْشَاءَ تَـقْـتَرِفُ …
تَـرَى الـتَّـطَـيُّرَ وَ الأَزْلَامَ تَـبْـصِـرَةً — ظَـنَّـتْـهما رُشْدَهَـا لكنْ هُمَا التَّلَـفُ
… مَـعْـبُـودُهَـا هَنُهَا وَ البَطْنُ فُسْحَتُهَا — وَ الشِّـرْكُ دَيْدَنُهَا وَ الجَاهُ وَ الـتَّرَفُ …
ظَلَّتْ إِلَى أَنْ قَضَى الـقُدُّوسُ حِكْمَتَهُ — فَـجَـاءَ جِـبْرِيلُ وَ الإِسْلَامُ وَ الشَرَفُ
… حَـانَـتْ وِلاَدَتُـهُ فَـالــخَـلْقُ كُـلّـهـمُ — إِبَّـانَ مَـوْلِـدِهِ فِـي دَهْـشَـةٍ وَقَـفُوا …
فَأَسْـلَمُوا رَغْـبَـةً لَا خِـيْـفَـةً وَشَرَوا — فِدَاءَهُ رُوحَـهُـم مَـا شَـفَّـهُـم شَظَفُ[5]
… تَـاللهِ قَـدْ ذَكَـرَ الإنْـجِـيـلُ سِـيـرَتَهُ — كَـذَاكَ مِـنْ قَـبْـلِهِ التَّوْرَاةُ وَالصُّحُف
… دَنَوتُ شَـيئَاً فَشَـيئَاً وَ الرُّؤَى اتضحت — وَرَاحَ يُشْعِلُ نَـارِي الـحُـبُّ وَ الشَغَفُ
… وَإِذ بَعَينِ الجَوَى أَبْصَرْتُ طِـيـبَـةَ قَـد — تَـزَيَّـنَـتْ بِــحُــلِــيٍّ ظِــلُّــهُ يَــرِفُ[6] ..
. وَإِذ بَـأَحْـمَـدَ لِـلقَصْـوَاءِ مُـمْـتَـطِـيَـاً — وَالصَّـحْـبُ بِالحَمدِ وَالتَّكْبِيرِ قَد هَتَفُوا …
يَـا أَيُّهَا المُجْتَبَى وَالصَّحْبُ أَيـنَ؟ إِلَى — “بَدرٍ” إِلَى “أُحُدٍ”… عَلَّ الوَغَى تَهِفُ[7]
… إِلَى حُنَـيـنٍ إِلَـى ذَاتِ الـرِّقَـاعِ إِلَـى — فَـتـحٍ لَـهُ الـقَـلبُ بالإِخلَاصِ مُرْتَصِف
… فِـي جَيـشِـهِ الـوَحْيُ وَالأَمْلاَكُ أَجْنِدَةٌ — رَهْـنُ الإِشَـارَةِ مَا مَالُوا وَمَا انْحَرَفُوا
… كُلُّ الوَقَـائِـعَ غَـرْقَـى فِـي بُـطُـوْلَتِهِ — فِـإِنْ يُـرِدْ هَـدَفـاً يَـخْـضَعْ لَـهُ الهَدَفُ …
أَبُـوسُ مَـوضِـعَ نَـعْـلَـيـهِ وَ أَنْـشُـقُهُ — بِحُرْقَةٍ ذَابَ فِيهَا الـنَّـسْـلُ وَ السَـلَفُ ..
. فَـالـمَـاءُ مِـن رَاحِـهِ مِثل العُيونِ ضَفَا — كُلُّ الجُنُودِ ارْتَوَوا مِـن بَعدِمَـا الْتَهَفُوا[8]
… وَ الـضَّـبُ بَـيـنَ يَـدَيـهِ بَـعـدَ مِيـتَـتِهِ — عَادَت لَهُ الرُّوحُ إِذ فِي دِيـنِـهِ اخْتَلَفُوا …
يَـا خَيرَ مَـن أَرسَلَ الرَّحمَنُ مِـن بَشَرٍ — وَ مِـن مَـلَائِـكَـةٍ، هُم دُونَكَ، اعْتَرَفُوا،
… يَسْتَلُّ مِـنْـكَ الـهَـوَاءُ الرَّطْبُ نَسْمَتَهُ — وَ الغَيمُ مِـنْ وَجْنَتَيْكَ القَطْرَ يَرْتَشِـفُ
… وَمِن جَـبِـيـنِكَ قُرْصُ الشَّمسِ مَطْلَعُهُ — وَالجُودُ مِن كَفِّـكَ المِعْطَاءِ يَـغْـتَـرِفُ ..
. صَـلَّـى وَ سَلَّمَ رَبُّ العَرشِ مِـن أَزَلٍ — عَـلَـيـكَ فَـازْدَانَـتِ البَيدَاءُ وَ السُّقُفُ ..
. أَبْنَـاءُ قَـيْـلَـةَ قَـد أَطْـفَـأْتَ حَـرْبَـهُـمُ[9] — مِن بَعْدِ فُرْقَـتِـهِم فِـي ظِلِّكَ ائـتـلفوا …
” فَالذِّكرُ” سَمَّاهُمُ “الأَنْصَارَ” تَكْرُمَـةً — إذ فـي مناصرة الاسلام مـا ضعفوا
… نُـصِـرْتَ بِـالـرُّعْـبِ آيَـاتٍ وَ مُعْـجِزَةً — مَسِيرَةَ الشَّهْرِ مِنْكَ الكُـفْـرُ يَـرْتَجِفُ
… كَـلَّا أَنَـا لَيسَ لِي فِي الغَابِرِينَ هَوَىً — إِلَّاكَ فَـالغَـيرُ كَمْ فِي العِشقِ يَخْتَلِفُ
… لَـوْلَاكَ لَمْ أَدْرِ مَـا مَعْنَى الهَوَى أَبَدَاً — إِنَّ الهَوَى فِـي فُـؤَادِي رَوْضَةٌ أُنُفُ
… هَـذَا هُـوَ الـرَّحْمَةُ المُهْدَاةُ ذُو زَلَفٍ — مَا مِثْلُهُ إِيْ وَرَبِّي فِي الوَرَى زَلَـفُ
… تَــدُورُ سِــيْـرَتُهِ الغَرَّاء فِي خَلَدِي، — لله تُـحْـفَـتُـهَـا لَـمْ تَـعْـلُـهَا تُـحَـفُ …
مَـهْـمَـا أَتَـى شُعَرَاءٌ مَـادِحُونَ لَـهُ — فِـإِنَّـهُ فَـوْقَ مَـا قَالُوا وَ مَا وَصَفُوا …
[1] – الحبك: جمع حبيكة، وهي الطريق.
[2] – كنهه: أي جوهره، والحنف: الميل ومنه الحنيفية أي ملة إبراهيم المائلة إلى الحق والاعندال.
[3] – تزف: تسرع.
[4] – تحف: تضطرب.
[5] – الشظف: الضيق.
[6] – يرف: يتسع ويمتد.
[7] – تهف: تعصف.
[8] – التهفوا: احترقوا من شدة العطش.
[9] – أبناء قيلة: هم الأوس والخزرج وقيل هي جدتهم وينسبون إليها.