ثقافة النصر
نوفمبر 25, 2019
القدس أرض رباط وجهاد إلى يوم القيامة
نوفمبر 25, 2019

إلى رسول الله

الشاعر: أنس الدغيم

شتّانَ بينَ المالكَيْنِ نِـصابا — ملكَ القلوبَ و يملكونَ رِقابا

و ملكتُ من هذا الغرامِ قليلَه — فاستفتَحا بقليلهِ الأبوابا

قلبي و عقلي، و القوافي منذُ أنْ — زمّلْتَها تتصيّدُ الكُتّابا

ما كانَ كلُّ الصّيدِ في جوفِ الفَرا — حتّى تمعّنَ واتِري فأصابا

هذا الفؤادُ أنا الذي خبّأْتُه — عن مقلتَيكَ فصادفَ الأهدابا

علّقتُ بينَ البُردتَينِ مدائحي — و سوايَ يَعلَقُ غادةً و كَعابا

لا ناعسَ الطّرفِ الذي بايعتُه — في النّومِ كنتَ، و لم أكُ السّيّابا

إنّي و ما عُلِّمْتُ منطقَ طائرٍ — أشدو بذكركَ جَيئةً و ذهابا

للهِ طبْعُ الوردِ يُخفي عطرَهُ — و يُقيمُ مِن ألوانهِ حُجّابا

حاولتُهُ فتحدَّرت مِنْ لا يَدٍ — قطراتُهُ، فَضَمَمتُهُ فانْسَابا

لامستُه أو كِدتُ لولا أنْ رأى — بُرهانَه قلبي فعادَ و تابا

وَصَفا إناءُ الحُبِّ، رقَّ زجاجُهُ — حتّى رأيتُ و ما رأيتُ شرابا

لكنّ ماءً سالَ أو كالماءِ مِن — وعلى حواشيهِ فشَفَّ و طابا

صُنِعتْ على عينِ الرّحيقِ كؤوسُهُ — فكأنّما شرَحَتْ بهِ الأسبابا

أرجعْتُ فيهِ الطّرفَ و استرجعتُهُ  — في كرّتَينِ فغابَ فيهِ وآبا

ما بينَ منبرهِ و موضعِ قبرِهِ — خطّ الجمالُ لقارئيهِ كِتابا

قرأتْ على يدهِ الشّعوبُ و لم يزلْ — في كلِّ سطرٍ يشرحُ الآدابا

………………..

في غارِهِ الجبليِّ لم يكُ خاليًا — كان المدى يتعلّمُ الإعرابا

مِن ( قُمْ فأنذرْ) لم يُدثِّرْ عينَهُ — نومٌ و دثّرَ عاريًا و مُصابا

حافٍ و ما مِن حبّةٍ في مكّةٍ — لم يحتمِلْ عنها دمًا و عَذابا

عارٍ عن الدّنيا و أوّلَ كلِّ ( بسـ — ـم اللهِ ) يفتحُ في المَعارجِ بابا

الأسودانِ على خريطةِ فَقرهِ — يتوزّعانِ مَآذِنا و قِبابا

نِعمَ الإدامُ الخَلُّ حينَ مُحاصَرٌ — في الشِّعْبِ يفتحُ للجياعِ شِعابا

ما كانَ عَدّاسٌ لِيؤمنَ قلبُهُ — لو لم يجدهُ السُّكَّرَ العُنّابا

سبحانَ مَن أسرى به ليلًا ومَن — أدناهُ مِن قوسِ الجلالةِ قابا

و ارتَدَّ مِن أعلى ليخصِفَ نعلَهُ — و يُطاعِمَ الفقراءَ و الأصحابا

خُلُقٌ كأنّ الوَدْقَ من أعطافِهِ — و خِلالِهِ يُهدي الوجودَ سَحابا

خُلُقٌ هو القرآنُ هذّبَ حُسنُهُ — عرباً و زكّى يُمْنُهُ أعرابا

و الحبُّ يَبدأ بالقلوبِ فكلّما — (بانتْ سعادُ) وجدتَ قلبكَ ذابا

……….

كان الطريقُ مُطوَّقاً بحمامةٍ — لم تبنِ عُشّاً بل بنَتْ محرابا

لا حُزنَ فيهِ معيّةُ المولى هنا — بدمِ الرّضا تتحسّسُ الأعصابا

يا ( مِن ثنيّاتِ الوداعِ ) ويومَها — يا راكبًا لا يُشبهُ الرُّكّابا

مَن صاغَ مِن تَمْرٍ سُواعًا لا كمَن — بالحُبِّ و الإيمانِ صاغَ شبابا

فكأنّ كلّ مهاجرٍ في أوْسِهِ — ( سعدٌ ) و ( يثربَ ) أصبحتْ خَبّابا

تتفاوتُ الأقدارُ بالتّقوى ولا — يتفاوتونَ نُهًى ولا أنسابا

و النّفسُ لا ترقى إذا لم تقترفْ — بقُباءَ مِن أثَرِ السُّجودِ تُرابا

………..

يومَ التقى الجمعانِ ضجّ رِداؤهُ — بدعائهِ و دعا الخصومُ سَرابا

بالعُدوةِ الدّنيا أقامَ عريشَهُ — و الرّكبُ أسفلَ منهُ خارَ  و خابا

و المجدُ لا يُؤتى لمَنْ لم يأتِهِ — قَدَرُ المعالي أن تُقادَ غِلابا

ما كان للطّلقاءِ أنْ يستقسِموا — مِن بعدِه الأزلامَ و الأنصابا

لمّا عفا و هو المُقَدِّرُ رحمةً — و بكى لهم و هو العزيزُ جَنابا

يا أيها الرّيمُ الذي لم يستترْ — عن طالبٍ لا يُشبهُ الطُّلّابا

ما حلّ أزرارَ  البنفسجِ زائرٌ — إلا وشقّ على الأريجِ ثيابا

يا سيّدًا و محمّدًا يا رحمةً — للعالمينَ و نِعمةً و ثَوابا

ما كانَ صدرٌ مثلَ صدركَ عامرًا — بالحُبِّ هم مَن صدّروا الإرهابا

كوثَرْتَ آيَ اللهِ في أرواحنا — و تخندقوا مِن حولنا أحزابا

أحييتَ بالقرآنِ إنسانيّةً — و تقاسموا دُنيا الورى أقطابا

لو أنّهم عرفوكَ لاعتاضوا عن الـ  — دّمِ ياسمينًا و الحرابِ حُبابا

و لأسّسوا للخيرِ أعظمَ دولةٍ — و لَصالحَ السيفُ الصّقيلُ قِرابا

——————–

جمّلتُ شِعري حينَ لم أختَرْ له — من غيرِ كأسِكَ سُكّرًا و رُضابا

يا ليتني أُحُدٌ أوَ انّي فوقَهُ — حجرٌ  يُحَبُّ، وحبّةٌ تَتَصابى

بالغتُ في هذا الدُّنُوِّ ولم ولا — كعْبًا بلغتُ و لا بلغتُ كِلابا

ما كان ربّي أن يُعذّبَ شيبةً — شابتْ بهِ و دمي بحُبّكَ شابا