الحمد لله ناصر المظلومين وولي الصالحين والصلاة والسلام على إمام المتقين والمجاهدين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن السوريين يتابعون الحملة الهمجية الأخيرة على منطقة إدلب التي استهدفت الناس والشجر والحجر، واتبعت فيها هذه القوى الغاشمة سياسة الأرض المحروقة والإبادة والتدمير، على مسمع ومرأى من العالم الذي وصل به الحال إلى أن ضنّ حتى بالاستنكار، ولم يعد أحد يشعر حتى بالقلق حيال مقتل المئات وجرح الآلاف وتشريد الملايين، كان الله في عون شعبنا الذي هتف من الأيام الأولى لثورته “ما لنا غيرك يا الله” ولسان حالنا يجمله دعاء النبي عليه الصلاة والسلام “اللهم نشكو إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس، أنت ربنا ورب المستضعفين، إلى من تكلنا، إلى بعيد يتجهمنا أم إلى عدو ملكته أمرنا، إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالي، لكن عافيتك أوسع لنا” فرحماك يا ربنا بشعبنا وأهلنا ونسائنا وأطفالنا
إنّ المجلس الإسلامي السوري وهو يتابع المأساة التي يتعرض لها أهلنا يبين ما يلي:
أولاً: على المجاهدين شد الهمة والاستعانة بالله تعالى واثقين به ومتوكلين عليه وهو القائل سبحانه {إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} ومطمئنين إلى وعد الله لعباده المؤمنين بالنصر والتمكين حيث يقول {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} فعلى مجاهدينا رصّ الصفوف وجمع الكلمة وسد الثغرات، فلا عذر لمتقاعس ولا حجة لمتكاسل، وينبغي عدم الإصغاء للمخذّلين والمرجفين من الأعداء الحاقدين ومن المنافقين المتربصين.
ثانياً: يا أبناء شعبنا يجب علينا جميعاً التراحم، وأن نقف مع بعضنا في هذه المحنة الشديدة، وليكن شعارنا قول النبي عليه الصلاة والسلام “من كان عنده فضل زاد فليعد به على من لا زاد الله” ويجب على إخواننا في المناطق التي آوت وتؤوي إخوانهم المهجّرين أن يقتسموا معهم اللقمة والكساء والمسكن، ونحن نعلم يقيناً أنّ هناك بفضل الله من يعيد لتاريخنا الحاضر ماضينا المجيد ويرسم صورة الأنصار في استقبالهم وإيوائهم لإخوانهم المهاجرين، فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
وكذلك ينبغي على السوريين في كل المناطق حتى التي تحت نير النظام أن يهبوا في وجه هذا النظام الفاجر ويعبروا عن غضبهم على الظلم الواقع على الجميع وأن يكون يوم الجمعة يوم احتجاج وتظاهر ووقفات.
ثالثاً: نهيب بإخواننا أهل الدثور الذين ذهبوا في عصر الرسالة بالأجور لكثرة ما كانوا يتصدقون، نهيب بهم في هذا الوقت وقد عضت الحاجة بأنيابها الآلاف بل الملايين من أبناء شعبنا أن يتصدقوا بفضول أموالهم فالحاجة كبيرة وماسة، وليتذكروا إخوانهم الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في جو البرد القارس والشتاء الماطر، ونذكرهم بوعد الله تعالى للمنفقين إذ يقول {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}
رابعاً: نناشد إخواننا العرب والمسلمين شعوباً وحكومات ومنظمات أن يمدوا يد العون وهم يرون هذه المحنة والمأساة التي يدفع ضريبتها الشعب السوري دفاعاً عن الأمة وعن كرامتها، وقد تكالبت عليه وحوش الأرض من الحاقدين والطائفيين، فلا بد لإخواننا أن يقوموا بواجبهم حيال إخوة الدين والدم والنسب، وقد قاموا من قبل بجهد مشكور في إغاثة شعبنا المكلوم، نسأل الله أن يفرج عن جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
وفي الختام نسأل الله العلي القدير أن يهلك الأحزاب الجدد المعتدين، وأن يمزق شملهم، وأن ينصر شعبنا الصابر على الظالمين، وأن يرحم شهداءنا ويشفي مرضانا وجرحانا، ويؤوي مشردينا، إنه رب المستضعفين، والحمد لله رب العالمين.
المجلس الإسلامي السوري
5 جمادى الثاني 1441 هـ الموافق 30 كانون الثاني 2020م