الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
فإنّ الله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}
وإن من تمام العدل أن يجازى المحسن بإحسانه وأن يجازى المسيء بإساءته، وأن يؤخذ المجرم بجريرة عمله، وألا يسمح للمجرمين المفسدين أن يروّعوا الآمنين والأبرياء.
يقول الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
وكانت العرب قديما تقول “القتل أنفى للقتل”، إنه لم يعد خافياً على أحد حجم انتشار الجرائم، وترويع الآمنين بعمليات التفجير والخطف والاغتيالات، ويعلم المطلعون أن هناك عشرات المجرمين من المحكومين بالقصاص لم تنفذ في حقهم الأحكام، وأودعوا السجون ليجد بعضهم سبيلاً للفرار أو الخروج بعد مدة ليعود إلى إجرامه من جديد، وقد قال الشافعي رحمه الله تعالى فيما روي عنه: “من أمن العقوبة أساء الأدب”.
إنّ المجلس الإسلامي السوري و هو يتابع حجم الانفلات الأمني ووقوع الجرائم الخطيرة والتقاعس عن إيقاع العقوبة الرادعة يؤكد على ما يأتي:
أولاً: إن مسؤولية المجرم عن جريمته لا تسقط بالتقادم ولن ينسى المظلوم من ظلمه ولو طال الزمان، ولا بد أنه سيسعى بشتى السبل للنيل من ظالمه وممن أعانه على ظلمه أو تهاون في عقوبته وهو يستطيع، وإن الناس الذين فروا من بطش نظام الأسد وعصاباته لا يمكن أن يستبدلوا ظلماً بظلم، بحيث يتاح للمجرمين العبث بأمنهم دون عقاب رادع.
ثانياً: يطالب المجلس الإسلامي السوري السلطة التنفيذية وعلى رأسها الحكومة المؤقتة والجهاز القضائي التابع لها بتحمل مسؤوليتهم في إيقاع العقوبة الرادعة على هؤلاء المجرمين، و خصوصاً القتلة والمفسدين في الأرض من عصابات التفخيخ والخطف، وأن يرجع أولياء الدماء إليهم في إيقاع القصاص وتحقيق العدل، وكذلك تقع المسؤولية عند الله في الدار الآخرة عليهم، وإلا مع استمرار هذا التقاعس و ازدياد الجرائم سيسعى كل مظلوم لنيل حقه في الانتقام من المجرم والقاتل والخاطف، ولا شك أن هذا المحذور لا تحمد عقباه ولن يكون في صالح أحد.
ثالثاً: إن بقاء هؤلاء المجرمين دون رادع أو زاجر حقيقي يقابل حجم الجريمة ضمن قاعدة الجزاء من جنس العمل، سيؤدي إلى مزيد من الجرائم، وإلى انفلات أمني يعطي الفرصة لنظام بشار وعصاباته لزرع عملائهم المخربين الذين يريدون تشويه صورة الثورة وتنفير الناس عنها، ومن ثمّ يسوقون للناس العودة إلى أحضان النظام المجرم الظالم الذي خرج الناس ابتداءً لإسقاطه والخلاص من ظلمه.
أخيراً فإننا نهيب بكل صاحب مسؤولية أن يضطلع بمسؤوليته، ويقف في وجه هؤلاء المجرمين، و يعمل على إيقاع أشد أنواع العقوبات في حقهم، ليأمن الناس على أرواحهم و أبنائهم و أموالهم و أعراضهم، و ليعود لهذه الثورة ألقها و أصالتها، وتحقق أهدافها التي خرج الناس لتحقيقها وعلى رأسها الحرية والكرامة والعدالة، وكذلك نشدد على أهمية تعاون الناس من كل فئاتهم على مكافحة الجريمة فالعلماء والخطباء يقومون بموعظة الناس وتخويفهم من عقوبة الله ويحذرون الناس من إيواء المجرمين والمحدثين والتستر عليهم، قال الله تعالى : {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} صدق الله العظيم.
المجلس الإسلامي السوري
22 محرم 1442هـ الموافق 10 أيلول 2020م