الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
فإن الثورة السورية تبلغُ في هذه الأيام عامَها العاشر، حيث انبلج فجرُها المشرق في منتصف آذار من عام 2011م، وما زالت مستمرةً حتى يومنا هذا، تزداد قوةً ورسوخاً في النفوس، وخبرةً وعزماً على الأرض، وقد أطال أمدَها تكالبُ قوى الشر عليها، فروسيا المحتلة جاءت لنهب الخيرات والثروات، وإيران أقبلت لتنفيذ مشروعها الطائفي المتمثلِ بتغيير وجه المنطقة، وكذلك من يدور في فلكها من المليشيات الطائفية المجرمة، ونرى بعض الأنظمة تسعى لتعويم النظام الفاسد كلما سنحت لها الفرصةُ مع ادعاءِ بعضها نصرةَ الشعب السوري.
إنّ شعبنا السوريَّ قدم تضحياتٍ جساماً، تمثلت في مئات الآلاف من الشهداء، ومثلهم من الجرحى والمعتقلين والمفقودين، والملايين من المشردين والمهجرين والأرامل والأيتام والمعاقين، فضلاً عن التخريب والدمار والسلب والنهب، كلُّ ذلك مارسه النظامُ المجرم على شعبنا الأبيِّ الثائر، وكلُّ هذه الممارسات جرت وسط صمتٍ دوليٍ مريب، وخذلان القريب والبعيد، فقد وجد شعبُنا نفسَه وحيداً أمام هذه القوى المتوحشة، حيث أطلق النظام العالمي يدها لتعبث بأرضنا دون خوفِ محاسبةٍ أو عقوبة، وبالرغم من كل هذا فقد قدم شعبُنا أنموذجاً رائعاً لكل الشعوب الطامحة التي تنشد الحريةَ وتسعى لنيل حقوقها من غاصب محتل أو متسلط عميل.
ومع مرور المناسبة العشرية لهذه الثورة المجيدة يؤكد المجلسُ الإسلاميُّ السوريُّ ما يلي:
أولاً: إن المجلس بكل مكوناته وعلمائه ومفكريه يجدِّدُ العهدَ بالثبات على المبادئ التي قامت الثورةُ لأجلها، وقد تمثَّل ذلك في المبادئ الخمسة التي أصدرها المجلس، وتم توافق كل القوى الثورية عليها، وفي مقدمة هذه المبادئ إسقاطُ النظام الأسدي المجرم ومحاكمةُ رموزه وعلى رأسهم بشار الأسد على الجرائم التي ارتكبوها بحق شعبنا السوري، ويؤكدُ المجلسُ على رفضه أيَّ موقف يسعى للتفريط بحقوق شعبنا السوري أو التنازل عن أهدافه المشروعة التي قامت الثورة لأجل تحقيقها.
ثانياً: يؤكد المجلس على وحدة سوريا أرضاً وشعباً، ويقف في وجه كل دعاة الشرذمة والانفصال تحت أي ذريعةٍ أو شعار عنصري أو طائفي، ويقف في وجه كل المشاريع التي تغذيها القوى المتربصة بأمتنا لتقسيم المقسّم وتفتيت المفتت.
ثالثاً: يحيي المجلس صمود شعبنا السوري في الداخل والخارج ومخيمات اللجوء والشتات، ويثني على تضحياته العظيمة، ومن واجبنا جميعاً أن نتواصى بما أمرنا الله تعالى بالتواصي به في قوله {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر} فالصبر مفتاح الفرج، وسلاح النصر والتمكين، فصبراً يا شعبنا الكريم، فلا بد للَّيلِ أن ينجلي ولا بدَّ للقيد أن ينكسر.
رابعاً: يشكر المجلس كل من وقف إلى جانب شعبنا السوري وقضيته العادلة، من شعوب وحكومات ومنظمات، ويثمّنُ جهدَ كل من ساهم في نصرة شعبنا بالمال أو بالقلم أو بالموقف، ونذكر بأن الشعوب الحرة الأبية لا تنسى من وقف معها في ساعة العسرة ووقت الشدة.
خامساً: يشدِّد المجلسُ على توحيد الجهود وجمع الكلمة، ونبذ الاختلاف والفرقة، في كل مؤسسات الثورة على اختلاف تخصصاتها، مذكراً الجميعَ بقول ربُنا جلّ وعلا {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} فلا بدَّ أن تكون البوصلة واحدةً والهدف واحداً.
وفي الختام نسأل الله للشهداء الرحمة والمغفرة، وللجرحى والمصابين الشفاء والعافية، وللمعتقلين والأسرى الفكاك والحرية، ونسأله سبحانه أن يلطف بعباده المشردين الذين يعانون برد الشتاء وقيظ الصيف، كما ونسأله سبحانه أن يعجل الفرج والخلاص لشعبنا الأسير، وأن نرى سورية الحديثة الحرة تبنيها سواعد السوريين الأحرار الشرفاء، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
المجلس الإسلامي السوري
01 شعبان 1442 هــ الموافق 14 آذار 2021 م