الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فقد تابع المجلس ما جرى مؤخراً في إدلب بالأدلة الموثقة من قيام مجموعة تابعة لما يعرف بالجهاز الأمني لهيئة تحرير الشام بفض الاعتصام الذي قام به أبناء شعبنا للمطالبة بحقوق مشروعة، وكان من المفترض أن يستمع إلى هذه المطالب المحقة ومناقشتها بدلاً من قمعها بالطرق الوحشية التي تذكرنا بتعامل النظام المجرم مع المظاهرات السلمية في أيام الثورة الأولى، مما كان سبباً لاشتعال الثورة في كل المدن والقرى والميادين والساحات العامة، وإن المجلس الإسلامي السوري إذ يدين هذا القمع يرى حيال ذلك ما يلي:
أولاً: إنَّ سياسة التغلب والقهر سوف تعود على الجميع بالضرر والوبال، والشعب السوري لم يقم بثورته ليستبدل ظالماً بظالم ولا طاغية بطاغية، وإنما قام لتحقيق مطالبه بالحرية والعدالة والعيش الكريم، وإن الاستخلاف في الأرض لا يعني تغيير الوجوه والأقنعة مع بقاء الظلم والاستبداد قال تعالى {قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}
ثانياً: إنَّ الذين يُقمعون في الساحات والاعتصامات هم شركاء في الثورة والتحرير ولهم الحق في المشاركة بإدارة شؤون المناطق المحررة بالطريقة التي تحقق العدالة والاستقرار بعيداً عن الأثرة والفوضى وانعدام الأمن، لكن على ألاّ تتخذ “شماعة الفوضى” ذريعة لقمع المصلحين وتكميم أفواه المطالبين بحقوقهم، وهذه الذريعة التي طالما دندن عليها النظام المجرم وزبانيته من المتملقين والمأجورين، وسياسة (الأسد أو نحرق البلد) تتكرر بأسماء ووجوه جديدة.
ثالثاً: على المشايخ وطلاب العلم والخطباء وكل الناشطين المدنيين أن يتحدوا ويتحركوا لهدف واحد هو رفع الظلم وإسقاط الاستبداد، ولا يتحرك بعضهم لمصالح خاصة، فإنهم إن تحركوا لأجلها فسيؤول أمرهم إلى حال من سبقهم، فإن العاقبة للمتقين، وليكن الهدف الصادق “إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت” شعاراً للجميع
رابعاً: على سلطة الأمر الواقع إذا كان لديها أثرة من حكمة أن تلبي المطالب العادلة لهؤلاء المعتصمين، وعلى رأس تلك المطالب إطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصيرهم، وإيقاف التعذيب في الأقبية والمعتقلات السرية، ومحاسبة المتورطين بهذه التجاوزات، وإقامة نظام قضائي عادل، وإيقاف الأتاوات والمكوس والاستئثار بالمال العام.
وفي الختام نثمّن ما يقوم به شعبنا الأبي الذي يثبت في كل موقف شجاعته بتمسكه بحقوقه المشروعة والتعبير عنها بطرق سلمية منضبطة، والحفاظ على مكتسبات الثورة ومؤسساتها، وعدم انجراره إلى دوامة العنف التي تخدم المستبد الذي لا يتورع عن الدماء ولا الحرمات، نسأل الله أن يهيئ لهذا الشعب الكريم أسباب العزة والنصر والتمكين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
المجلس الإسلامي السوري
07 ذو القعدة 1445هـ الموافق 15 أيار 2024م