الحمد لله القائل في كتابه {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ} والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل “لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه” وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين وبعد:
فقد كثر في الآونة الأخيرة الشكوى من حواجز تنصبها بعض الفصائل فارضةً على الناس لدى عبورهم مكوساً وأتاواتٍ على محاصيلهم الزراعية وبضائعهم التجارية، وقد سبق أن أصدر مجلس الإفتاء التابع للمجلس الإسلامي السوري فتوى واضحة بينة مفصلة عن هذا الأمر، محذراً من مغبة هذا الفعل الشنيع في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا الهلاك والدمار كما أهلك الله قوم شعيب لتطفيفهم الموازين وأخذهم المكوس، وقد جاء في موعظة شعيب لقومه {وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ} فهو يتناول أصحاب المكوس كما قال المفسرون، وأما في الآخرة فقد عده العلماء من الكبائر كما في الحديث الصحيح “لا يدخل الجنة صاحب مكس” وفي حديث الزانية التي رُجمت ولعنها رجلٌ من الحاضرين فقال له عليه الصلاة والسلام: “لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس غفر له” فهذه المكوس من السحت الذي يأكله الناس أفراداً أو جماعات دون أي مقابل.
إنّ المجلس الإسلامي السوري إذ يذكر هذا الحكم للناس لا سيّما من يمارس هذا الشكل من الظلم يبين ما يلي:
أولاً: إن الناس في وضع وحالٍ يحتاجون معه للمساعدة فضلاً عن أن تؤخذ منهم أموالهم بالباطل وبغير وجه شرعي، والناس في مثل هذه الأحوال يتراحمون حتى يرحمهم الرحمن، لذا يوصي المجلس شعبنا في كل مناسبة بالتراحم والتعاطف والتعاون لاجتياز هذه المحنة الصعبة في هذا الوقت العصيب.
ثانياً: يقع على عاتق العلماء وطلبة العلم من شرعيي الفصائل بيان ذلك والقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويجب على قادة الفصائل الأخذ على يد هؤلاء الفاسدين ومنعهم عن ظلمهم ولو بالقوة.
ثالثاً: إن الثورة السورية لم تقم لأجل أن تستبدل ظالماً بظالم، بل قامت لاجتثاث الظلم والظالمين، والخطوة الأولى في هذا الطريق تتمثل في فضح الظالمين ثم منعهم والأخذ على أيديهم ومعاقبتهم.
وفي الختام نسأل الله أن يرفع البلاء عن شعبنا وأمتنا، ويزيح الغمة والظلم عن بلادنا، ويسبغ فضله ونعمته على عباده، ويمنّ علينا بالنصر القريب والفرج العاجل، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.
المجلس الإسلامي السوري
الاثنين 1 ذو الحجة 1444هـ الموافق 19 حزيران 2023م