الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن الثورة السورية تمر بمنعطف خطير بسبب العدوان الوحشي الروسي والإيراني السافر الذي استخدم ميليشيات الحقد الطائفية وحال دون سقوط النظام السوري الهالك المترنح، ومع التواطؤ الدولي والمكر العالمي وخذلان أكثر الأصدقاء وأخطاءٍ ارتكبتها مؤسساتٌ ثورية، آل الوضع إلى ما يراه الجميع من تشكيل خارطة سياسية جديدة وتغييرات عسكرية وديمغرافية على الأرض السورية، والمجلس الإسلامي السوري بعد متابعته لهذا الواقع يرى أنه لا بد من تقديم رؤية لتجديد روح الثورة وعقلها، تلك الثورة التي بذل الشعب السوري فيها كل غالٍ ونفيس، لا سيما بعد أن بدأت الآلة الإعلامية المغرضة ببث روح الانهزام وتسويغ الاستسلام والخضوع للأمر الواقع.
وقد سبق للمجلس أن أصدر وثيقة المبادئ الخمسة التي لاقت قبولاً واسعاً لدى الفصائل والكيانات الثورية المختلفة، لذا فإن المجلس يقدم رؤيته لإصلاح الشأن الثوري آملاً من كل الفعاليات الثورية دعمها وتوحيد صفوفها انطلاقاً منها:
أولًا: الحفاظ على وحدة سورية أرضاً وشعباً وصيانة استقلالها ووحدة شعبها ورفض جميع مشاريع التقسيم والمحاصصة الدولية تحت أي شعارات أو توافقات خارجية لا تراعي مصالح السوريين.
ثانياً: إسقاط بشار الأسد وأركان نظامه هو السبيل الوحيد لتحقيق الانتقال السياسي والبداية لإطلاق عملية إصلاحية شاملة لمؤسسات الدولة بما يضمن العدالة والكرامة والتمثيل المتكافئ لسائر السوريين.
ثالثاً: الإسلام هو تاريخ وثقافة وحضارة كل السوريين، وديانة غالبيتهم، وهو يشكل مَعيناً لقيمهم العليا ونتاجهم الفكري والثقافي، ولعلاقاتهم الاجتماعية وعيشهم المشترك، مع التفهم الكامل لتنوع المعتقدات والثقافات والعادات والتقاليد ضمن النسيج المجتمعي الكبير والواحد.
رابعاً: السوريون سواء في كافة الحقوق والواجبات أمام القانون.
خامساً: العملية الانتقالية ووثائقها هي نتاج رؤية سورية محضة، ولا يسوغ اختزال العملية الانتقالية في عملية “إصلاح دستوري” تحت مظلة النظام بهدف إعادة تأهيله ومنحه الشرعية المزعومة.
سادساً: إطلاق سراح جميع المعتقلات والمعتقلين وبيان مصير المغيبين، وضمان حق عودة اللاجئين والنازحين والمهجرين قسراً إلى بيوتهم وأرضهم وممتلكاتهم والعيش فيها دون قيد أو شرط، وإبطال قرارات وإجراءات مصادرة الممتلكات والتغيير الديمغرافي والتهجير القسري، وإلغاء جميع النتائج المترتبة عليها.
سابعاً: إعادة تشكيل المؤسسات الأمنية والعسكرية على أسس وطنية لتنحصر مهامها في الدفاع عن الوطن والشعب وحماية أمن البلاد والعباد، والحفاظ على استقلال الدولة وسلامة أراضيها، واتخاذ كل الإجراءات الضرورية لصيانة الأرواح والأعراض والممتلكات، ومنع سائر مظاهر الظلم والتعدي.
ثامناً: إخراج كافة الجيوش الأجنبية من سوريا وفي مقدمتها القوات الإيرانية والروسية وكافة الميليشيات الأجنبية، ومنع كافة أشكال التدخل الخارجي في شؤون البلاد، وإلغاء سياسات التبعية والانحياز التي أسسها النظام ورسخها.
تاسعاً: إحقاق العدالة ومحاسبة الجناة بحق السوريين وكف يد المجرمين؛ هو شرط لتحقيق الأمن والاستقرار، وردع نزعات الثأر والانتقام، مع ضرورة إنصاف الضحايا ورد المظالم إلى أهلها.
عاشراً: محاربة الغلو والتشدد بكل أشكاله ومصادره، والتصدي للمرتكزات والحواضن الفكرية والسياسية والتنظيمية التي تغذيه كالتطرف والطائفية والفساد والاستبداد.
وفي الختام لا بد من اجتماع جهود السوريين على مشروع وطني يقوم على أساس المواطنة الكاملة والسيادة السورية وحفظ موارد البلاد والسلم الاجتماعي والعيش المشترك.
نسأل الله تعالى أن يجمع السوريين على كلمة سواء تتوحد فيها جهودهم ويحفظون فيها ثورتهم ومكتسباتها التاريخية.
المجلس الإسلامي السوري
الأحد 27 شعبان 1439هـ الموافق 13 أيار 2018م