الكاتب: د.عماد الدين خيتي – عضو أمناء المجلس الإسلامي السوري
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
في هذا المقال سنتعرف على خطة إعلان الإمارة كما حددها الجولاني، وعلى أهم ملامح هذه الإمارة.
تعهدات الجولاني السابقة في إدارة المناطق المحررة: تكرر في خطابات الجولاني الحديث عن عدم التفرد بحكم الساحة، كقوله في اللقاء مع تيسير علوني على الجزيرة بتاريخ 19-12-2013م: “كجبهة نصرة لن تتفرد في قيادة المجتمع حتى وإن وصلنا لهذه المرحلة، عندما نصل إلى مرحلة تحرير الشام … ففي هذا الوقت ستجتمع لجان شرعية ويجتمع أهل الحل والعقد وعلماء ومفكرين من الناس الذين ضحوا وشاركوا، ومن الناس الذين لديهم رأي، وحتى وإن كانوا من الخارج بهذه البلاد، يجتمع علماء أهل الشام مثلاً ويجتمعون فتعقد مجالس للشورى وتعقد مجالس لأهل الحل والعقد ثم توضع خطة مناسبة لإدارة هذه … فإذا تمت بهذا الشكل فرأينا نحن سيكون أحد الآراء الموجودة ضمن هذا الإطار المنظم.
الذي يتوافق معنا في هذه الشروط والضوابط فنحن يدنا بيده، نحن لا نسعى إلى أن نحكم البلد بل نسعى لئن تُحكم الشريعة بالبلد سواء كنا نحن حكام أم لم نكن حكام هذا لا يهمنا هذا الأمر” انتهى.
لكن هذا الكلام العام يحتاج لتوضيحات تبين كيفية تطبيقه على أرض الواقع، فمثلًا:
– ما ضوابط العلماء والمفكرين الذين ستستشيرهم النصرة؟ هل هم مراجع جبهة النصرة فحسب دون كافة أهل العلم؟ وهل ستقتصر على زعماء (تيار السلفية الجهادية) والمقربين منهم؟ وما مكانة سائر علماء بلاد الشام في هذه الاستشارات؟ وما موقفهم من هؤلاء العلماء لو خالفوهم؟
– من المقصود بالعلماء الذين هم من خارج البلاد؟ وما ضوابطهم؟ وما أثر دورهم في الحكومة القادمة وقراراتها؟
– ما المقصود بـ “الناس الذين ضحوا وشاركوا”؟ هل يعني هذا أنَّ من لم يحمل السلاح لن يكون له وجود في هذه المشاورات؟ أو أنه لن يشارك في إدارة البلاد؟(1).
– وما معنى قول الجولاني: “الذي يتوافق معنا في هذه الشروط والضوابط فنحن يدنا بيده”؟ هل يعني أن منهج تنظيم القاعدة هو معيار التوافق مع الآخرين فحسب؟
وما مصير من لا يوافقه على هذا المنهج أو المشروع؟ هل سيحرم من المشاركة؟ والأهم كيف سيكون التعامل معه؟
– والملاحظ أن هذه الإشكالات قد تكررت في مختلف إصدارات النصرة، ففي البيان الذي أصدرته الجبهة بعنوان (بيان توضيحي حول ما أشيع عن إعلان جبهة النصرة لإمارة إسلامية) وذلك بعد انفصالها عن تنظيم (الدولة) حيث جاء في الحديث عن الإمارة: “في اليوم الذي يوافقنا فيه المجاهدون الصادقون والعلماء الربانيون سنعلن عنها بإذن الله” انتهى.
فما معيار صدق المجاهدين ونحن نرى جانبًا من تخوين شخصيات وقادة جبهة النصرة وطعنهم في عدد كبير من الفصائل؟ ومن الذي سيحكم بأن هؤلاء صادقون وهؤلاء غير صادقين؟ ومن هم العلماء الربانيون إذا كان المعروف من منهج القاعدة وتيار (السلفية الجهادية) رفض كافة أهل العلم، ووصمهم بأشنع الأوصاف؟
لعل بعض الإجابات تتضح في الفقرات التالية:
تسجيل إعلان الإمارة المسرَّب للجولاني:
في شهر رمضان من عام 1435 للهجرة، الموافق 12/ 7/ 2014م تسرب أو سُرِّب تسجيل صوتي للجولاني يحمل إعلانًا للإمارة المرتقبة، وتفاصيل مخطط إنشائها.
ولهذا التسجيل أهمية بالغة لأمور، من أهمها:
1- كان التسجيل في لقاء رسمي عام جمع قيادات من الجبهة كالمتحدث الرسمي باسم الجبهة رضوان نموس (أبو فراس السوري) الذي تولى تقديم الجولاني للحضور، وغيرهم من تيار (السلفية الجهادية) كعبد الله المحيسني المشرف على مركز إعداد الدعاة، والذي ألقى كلمة في ذلك اللقاء، بالإضافة لعدد من قيادات وجنود الجبهة، مما يجعله صادقًا بعيدًا عن التصنع أو المجاراة.
2- توافق ما جاء فيه مع الخطوات العملية على الأرض بعد ذلك. فما أهم النقاط التي جاءت في التسجيل؟
من خلال التسجيل تتضح ملامح مشروع جبهة النصرة كالتالي:
1- مشروع جبهة النصرة إمارة على بقعة صغيرة من الأرض لا مشروع دولة مستقرة تتحق فيها كافة مقومات الدولة:
قال الجولاني: “قد آن الأوان أيها الأحبة لأن نقيم إمارة إسلامية على أرض الشام …”. وقال: ” ونسعى لإقامة إمارة إسلامية شرعية على منهاج النبوة”. وهو ما يتوافق مع البيان التوضيحي اللاحق والذي جاء فيه: “إننا نسعى لإقامة إمارة إسلامية” انتهى. وقد يقال: وهل في طلب إقامة إمارة تحكم بالشريعة أمر مستهجن؟ أليس هذا مطلب المجاهدين وغالب الشعب؟ وهل في اسم الإمارة ما هو مستنكر؟
والجواب: لا شك أن تحكيم الشريعة مطلب، وهو واجب العمل والسعي إليه، لكن عن أي شريعة نتحدث؟ وبمقياس من؟ ثم إن اسم الإمارة ليس مستنكرًا فالشارع لم يحدد اسم الدولة أو شكل نظام الحكم، وإنما المستهجن أنَّ المقصود بالإمارة هنا مشروع مؤقت لأهداف معينة للجبهة ليس منه بناء بلد مستقر آمن، وإعادة إعمار، كما سيأتي في الفقرات التالية وخاصة الأخيرة.
2- إعلان إمارة جبهة النصرة مقدَّمٌ على سقوط النظام: فالجولاني يستعجل إعلان المشروع تحت اسم (إمارة) حتى مع وجود نظام يتهدد وجودها، وعدم قدرتها على التحكم بجميع الأمور. قال الجولاني مخاطبًا الحاضرين: “مفتاح هذه الإمارة بأيديكم، أنتم من يستطيع إقامتها في هذه اللحظة، في غضون عشرة أيام لو أنكم سمعتم وأطعتم وأقررتم وملكتم الإرادة التامة لتقديم هذا الأمر” انتهى. وقال: “هذا المشروع سيبدأ بخطوات بإذن الله عز وجل. نبدأ من هذه اللحظة” انتهى. ثم ذكر وعدد الخطوات، مع أنَّ جزءا كبيرًا من الأراضي ما زال تحت احتلال النظام وتنظيم (الدولة).
3- إمارة جبهة النصرة غير محدودة بمكان، وستتوسع إلى خارج حدود الدولة السورية الحالية:
قال الجولاني: “هذه الإمارة أيها الأخوة سيكون لها حدود تماس من كل من يريد أن يتربص بالمسلمين شرًا، وهذه الحدود تمتد بطريقة واسعة منها مع النظام، ومنها مع الغلاة، ومنها مع المرجفين، ومنها مع البككة”. فهي إمارة ستقام على جزءٍ من الأراضي السورية، ولا ينتظر اكتمال تحرير البلاد. وهذا يوافق ما جاء في بيان جبهة النصرة الرافض لميثاق الشرف الثوري الذي أصدرته الفصائل المجاهدة، فقد جاء في بيان النصرة معددًا أسباب الرفض: “غياب مبدأ الأخوة الإيمانية وطغيان روح الأخوة الوطنية والترابية في بنود الميثاق جميعها، كما في النقطة الثالثة والخامسة والسادسة والثامنة فكلها تبث روح المواطنة والانتماء إلى التراب والوطن، وهذا مخالف لما قررته نصوص الوحي من الأخوة الإيمانية دون النظر إلى الوطن والجنس واللون ونحو ذلك”.
والمواد المقصودة هي: 1- تستهدف الثورة عسكريًا النظام السوري الذي مارس الإرهاب ضد شعبنا بقواه العسكرية النظامية وغير النظامية ومن يساندهم كمرتزقة إيران وحزب الله ولواء أبي الفضل العباس، وكل من يعتدي على أهلنا ويكفرهم كداعش، وينحصر العمل العسكري داخل الأرض السورية.
2- الحفاظ على وحدة التراب السوري، ومنع أي مشروع تقسيمي بكل الوسائل المتاحة هو ثابت ثوري غير قابل للتفاوض.
3- الثورة السورية هي ثورة أخلاق وقيم تهدف إلى تحقيق الحرية والعدل والأمن للمجتمع السوري بنسيجه الاجتماعي المتنوع بكافة أطيافه العرقية والطائفية” انتهى.
فكان من أسباب رفض جبهة النصرة لهذا الميثاق أنه يتحدث عن دولة سورية ضمن الحدود الحالية المعروفة؛ لأنه من الرضى بسايكس بيكو، كما يقولون، لذا فهم يرفضون إقامة دولة، بل مجرد إمارة ستمتد لخارج الحدود، وتحوي إدارتها كافة الجنسيات(2).
وفي التوسع خارج الحدود قال الجولاني: “المسلمون ينتظرونكم بفارغ الصبر لكي تنهوا مهمتكم في الشمال حتى تنتقلوا لقتال اليهود بعون الله عز وجل…قد آن الأوان أيها الأخوة بأن نفكر ملياً بأن نخلف وعد بلفور، لا بد أن نخلفه، وتنتصر الأمة ويحرر الأقصى وتحرر جميع مقدساتنا” انتهى. وسيأتي التعليق عليها.
4- إمارة جبهة النصرة هي امتداد لمشروع القاعدة في إقامة مشروع الدولة الإسلامية العالمية، لا مشروع الشعب السوري:
قال الجولاني: “قد حان الوقت أيها الأحبة، حان الوقت لتقطفوا ثمار جهادكم الذي مضى منه ثلاث سنوات على أرض الشام، وأكثر من 40 سنة من جهاد لتنظيم القاعدة في بلاد الأرض شتى”. وقال: “هذا مشروع أمة، هذا المشروع الذي ينتظره منكم اليوم أهل غزة الذين يضطهدون، ينتظره منكم أهل خراسان في أفغانستان، ينتظره منكم جهاد 40 سنة لتنظيم القاعدة مضنٍ” انتهى.
وفي هذا الكلام مصادرة ثورة الشعب السوري وإرادته، وجهاد الفصائل السورية، وفرض الوصاية عليه باسم الجهاد والتضحية، بل والأخطر: تجيير جميع ذلك لصالح مشروع القاعدة العالمي.
فبأي حق هذا الافتئات والمصادرة؟ إن هذا كلام وتخطيط في غاية الخطورة لا يمكن أن يمرَّ دون مراجعة ومحاسبة..
5- جبهة النصرة هي الجهة المخولة بالإمارة:
تكلم الجولاني في هذا اللقاء بكلام طويل عن إنشاء الإمارة، جعل أمر إقامتها موكولاً للجبهة، ومن كلامه:
“فأنتم من أثبت للعالم كله أنكم جنود الله عز وجل الأوفياء…أنتم من بثثتم في كل هذه الدنيا خلق المجاهد الفذّ البطل الشجاع الذي مرّغ أنف النصيرية بالتراب.
أنتم من عجزت أمريكا أن تجد حلاً لكم لاجتثاثكم.
أنتم من فتح العالم قلوبه أجمع لكم لتدخلوه دون استئذان.
أنتم من حيّرتم العالم كيف كسبتم أهل الشام في غضون سنوات قلال.
أنتم من بدأتم من أضعف ما يملك الإنسان، فاليوم ملككم الله عز وجلّ قلوب العباد وأرضها أيضاً…
قد حان الوقت أيها الأحبة، حان الوقت لتقطفوا ثمار جهادكم الذي مضى منه ثلاث سنوات على أرض الشام، وأكثر من 40 سنة من جهاد لتنظيم القاعدة في بلاد الأرض شتى. قد آن الأوان أيها الأحبة لتقطفوا هذه الثمار.
فقد جئتكم بشرى والله؛ بملف نقيم فيه شرع الله عز وجلّ في هذه الأرض. قد آن الأوان أيها الأحبة لأن نقيم إمارة إسلامية على أرض الشام … أيها الأحبة الكرام: مفتاح هذه الإمارة بأيديكم، أنتم من يستطيع إقامتها في هذه اللحظة… بيديكم هذا المفتاح لا ينازعكم فيه أحد سواء، لا في أرض الشام ولا غيرها. أنتم من تملكون هذا المفتاح في هذه الأرض…” انتهى. وسبق قوله في مقابلة تيسير علوني: “الذي يتوافق معنا في هذه الشروط والضوابط فنحن يدنا بيده” انتهى. فالجولاني يجعل جنود جبهة النصرة هم الأفضل والأتقى والأشجع، والأسلم منهجًا ودينًا، والأكثر إثخانًا في العدو؛ لذا هم الأحق بقطف ثمرة هذا الجهاد (3)! فأين بقية أهل الشام من مجاهدين، وعلماء، وشعب؟ وما دورهم في المشروع غير الموافقة عليه وتنفيذه، وجعلهم مختبر تجريب لهذا المشروع؟
6- إمارة جبهة النصرة المنشودة هي إمارة الطائفة المنصورة:
حيث يعتقد قادة جبهة النصرة أن جبهة النصرة هي الطائفة المنصورة _أو مقدمة لها- والتي وردت فيها النصوص الشرعية، وستمتد وتشارك في آخر الزمان. قال الجولاني: ” أنتم من اختاركم الله عز وجل لأن تكونوا في محطة صراع تاريخية ينتظرها المسلمون منذ أكثر من 1400 عام”. وقال: “نسعى لإقامة إمارة إسلامية شرعية على منهاج النبوة”. وقال: “إن الله عز وجل قد ذكر في كتابه أن بني إسرائيل سيفسدون في الأرض مرتين، ثم ذكر الإفساد الأول وذكر ما عُرف به، ثم ذكر الإفساد الآخر (فإذا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) فإذا جاء وعد الإفساد الثاني (لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا).
ذكر الله عز وجل في هذه الآية منذ أكثر 1400 عام أنه هناك جيش سيدخل إلى الأقصى ويقاتل اليهود. و(يتبروا) أي: يهدموا الأبنية العالية التي بنوها. فاسألوا الله عز وجل أن تكونوا من ضمن هذا الجيش”. وقال عن إعلان خلافة تنظيم (الدولة): “إعلان الخلافة الأخير الذي قام به هؤلاء الغلاة، خلافة تقام على هدم مشروع جهادي تحلم به الأمة منذ 1400 عام… أنتم أصحاب المشروع، أنتم من ضحى، أنتم من بذل الدماء، أنتم من عطف على الناس، أنتم من حرر الأماكن، فلا يزاودن عليكم أحداً”. وهذا الكلام راجع لاستدعاء نصوص آخر الزمان، والطائفة المنصورة، وتنزيلها على جماعتهم دون غيرهم من المسلمين، واستعجال الاصطدام والحرب مع اليهود لتحقيق الطائفة المنصورة في الجبهة! وفي هذا مخالفات شرعية وواقعية كثيرة.
ولهذه المعتقدات شواهد كثيرة في كلام الجبهة ورجالاتها قد تأتي الإشارة لبعضها في بقية المقالات، ومنها ما جاء في مقالة (أنا النذير العريان) لرضوان نموس (أبو فراس السوري): “لا ينتابني أدنى شك أن الطائفة المنصورة هي في الشام بإذن الله, وأسأل الله أن يجعلنا منها ومن الممهدين لدولة الخلافة القادمة إن شاء الله” انتهى.
7- كيفية إقامة شرع الله في إمارة جبهة النصرة المنشودة:
عملت الفصائل والهيئات الشرعية على إنشاء محاكم شرعية في المناطق المحررة لتنظيم أمور الناس، والفصل في أمورهم، وقد سعت إلى تطبيق الشرع بأفضل الطرق المتاحة، وقام عليها أفاضل من أهل العلم وطلبته، وبذلت جهود كبيرة في تطويرها ورفع مستواها، كما شهد لها الجميع بذلك.. إلا أن جبهة النصرة فاجأت الجميع بالانسحاب منها لما قالت إنها مخالفات شرعية فيها!
ثم قامت الجبهة بإنشاء محاكم خاصة بها، لأن على هذه المحاكم يقوم مشروع الإمارة كما سيأتي. قال الجولاني: “جئتكم بشرى والله؛ بملف نقيم فيه شرع الله عز وجلّ في هذه الأرض. قد آن الأوان أيها الأحبة لأن نقيم إمارة إسلامية على أرض الشام، نطبق حدود الله عز وجلّ، ونطبق شرعه بكل ما تقتضيه الكلمة من معنى، دون تهاون أو استهانة أو مواربة أو مداراة. قد آن الأوان أيها الأحبة لأن نقيم إمارة إسلامية على أرض الشام تحفظ حقوق المسلمين وتصون حرماتهم، وتصون مقدساتهم، تجبي الزكاة، وتقيم الحدود، وتفعل كل ما يأمرنا به الله عز وجلّ من الصغيرة إلى الكبيرة” انتهى. فهل يعني كلام الجولاني أن المحاكم الأخرى لا تقيم الشرع؟ وما حكم هذه المحاكم التي لا تحكم بالشرع؟ وكيف سيكون التعامل معها إذا قامت الإمارة؟ وخاصة إذا لم ترتض منهج الجبهة في تطبيق الشريعة؟ ثم ما المقصود بتطبيق الشريعة في (الصغيرة والكبيرة) و(كل ما في الكلمة من معنى)؟ وهل هذا من مراعاة الحال والانشغال بالأهم، خاصة أن البلاد محتلة، وما زال الناس في جهاد دفع لم تستقر لهم مدينة، ولم يندحر لهم عدو؟ وهم في لجوء وجوع وخوف؟
أم هو مجرد كلام لحشد الأنصار وجذب الأتباع؟
8- إمارة جبهة النصرة تجعل من الشعب كله تابعًا لها، ليس لهم وجود ولا رأي بدونها:
قال الجولاني مخاطبًا جنوده: “أنتم صاعق هذا الجهاد الذي حدث في الشام. أنتم من أشعل شرارته، وأنتم في المكان الذي تثبتون فيه تثـبّـتون الناس معكم، وفي المكان الذي تهتزون به تهتز كل زاوية معكم” انتهى. وهذا الكلام غير صحيح، وتزوير للتاريخ،، فالثورة قد أطلقها عامة الناس ولم تطلقها النصرة، ثم قام الجهاد بالسلاح واشترك فيه عامة الناس قبل تكون الفصائل وقبل اشتراك النصرة.
بل هو مخالف لما سبق أن قاله في مقابلته مع تيسير علوني: “توالت علينا ظروفٌ في العراق، ونحن أجسادُنا هناك، وقلوبُنا كانت معلّقةً في أرض الشّام إلى أن بدأت الثورةُ السّورية … الشّام لم تكن مهيأة لدخولها لولا الثورة السورية … هذه الثورة دفعت أو أزالت الكثيرَ مِن العوائق التي مهّدت لنا الطريقَ في الدّخول والوصول إلى هذه الأرض المباركة” انتهى.
فما سبب اختلاف الكلام والحقائق بين الكلام المعلن للعموم والكلام الخاص للأتباع؟
ثمّ بأي حق يغض الجولاني من جانب عامة الشعب ويجعله تابعًا للجبهة هكذا؟ وهل الناس الذين هزوا العالم لمدة خمس سنوات وأبطلوا مكائده بكلمة (لن نركع إلا لله) أصبحوا عند الجولاني مجرد أتباع إن ثبت الجبهة ثبتوا وإن اهتزت اهتزوا؟ ما هذا الاحتقار للخلق؟
– بل إن الجولاني قال في (مؤتمره الصحفي) بعد ذلك: “وهل سيعوّل أهل السنة في الشام على وعود أمريكية بالية كالوعود السابقة أنه سيكون هناك حرية وسيكون هناك من هذه التفاهات؟!”.
وهذا ما يبين حقيقة نظرته لمطالب الشعب بالحرية والكرامة وهي أول مطالب نادى بها وخرج في مظاهراته وكسر بها جبروت النظام واستبداده أنها (تافهة)! فما الذي له قيمة في رأي الجولاني؟ مشروعه؟ منهجه في الحكم و(تطبيق الشريعة)؟ ماذا بالضبط؟
وفي هذا المعنى قال عمر عثمان (أبو قتادة الفلسطيني) في (مقالات بين منهجين) [66]: “إذا وصلنا إلى التّمكين من خلال شوكة النّكاية لن نكون مضطرّين إلى احترام آراء التّعدّديّة السّياسية ولا الأحزاب الأخرى لأنّه لا وجود لها، لقد واريناها التُّراب قبل قليل، أو رميناها في قليب بدر… والوصول إلى التّمكين من خلال شوكة النّكاية المتكرّرة لن يجعل همَّنا إرضاءَ النّاس بتأمين السّكن والخبز والعمل لهم، ولسنا محتاجين إلى أخذ رضاهم فيمن يحكم أو بما يحكم؟
سيحكمهم أميرنا شاؤوا أم أبَوا، وسنحكمهم بالإسلام ومن رفع رأسه قطعناها؛ لأنّ التّمكين وصل إلينا بفضل الله وحده، فليس لنا أن نهتمّ إلا برضاه وحده..” انتهى!.
– قال الجولاني: “هذا المشروع الذي ينتظره منكم اليوم أهل غزة الذين يضطهدون، ينتظره منكم أهل خراسان في أفغانستان، ينتظره منكم جهاد 40 سنة لتنظيم القاعدة مضنٍ، جهاد قُتل فيه عشرات الألوف، شرّد فيه الآلاف، هدمت كثير من البيوت، نزح الملايين أيها الأخوة، تورطت أمة بأكملها معنا لكي يسلموا الرسالة لكم اليوم فتؤدوها بأكمل أمانة” انتهى.
فأين ذهب جهاد طالبان، وحماس، والشيشان، والبوسنة، وغيرهم كثير؟ وكيف اختصر جهاد الأمة خلال أربعين سنة في تنظيم القاعدة فقط؟ ولماذا أهل غزة الذين يعيشون تحت حكم حماس (الإسلامية!) هم المضطهدون من بين جميع فلسطين المحتلة؟ ومن يعيش في الضفة تحت حكم فتح (العلمانية!) هم على أحسن حال؟
– قال الجولاني: “والمسلمون ينتظرون هذه اللحظة منذ أن أعلن وعد بلفور عام 1920 إلى هذا اليوم والأمة تذوق الذل والهوان من جرّاء هذا الوعد الذي تخاذل فيه المسلمون في ذاك الوقت. واليوم أنتم حُملتم هذه الأمانة، والمسلمون ينتظرونكم بفارغ الصبر لكي تنهوا مهمتكم في الشمال حتى تنتقلوا لقتال اليهود بعون الله عز وجل” انتهى.
إذًا جميع المسلمين منذ وعد بلفور في ذل وهوان وتنظيم القاعدة هو من سيرفعه عنهم؟ لماذا يرفع التنظيم فوق الناس ويجعله القائد المسير، والبقية مجرد أتباع، أو عجزة غير قادرين؟وهل عمل الشعوب فقط هو المعاناة والتضحية لأجل هذا التنظيم: “تورطت أمة بأكملها معنا لكي يسلموا الرسالة لكم اليوم فتؤدوها بأكمل أمانة” انتهى.إن هذا الكلام نابع من اعتقاد الجماعات (الجهادية) أنها جماعات نخبة وأنها الأعلم والأفهم بدين الله، وأن بقية الناس جهلة لا قيمة لهم إلا تنفيذ مشاريعها والتضحية في سبيلها.
9- وسائل إقامة جبهة النصرة لإمارتها المنشودة: بين الجولاني أنَّ مشروع الإمارة يقوم في المناطق المحررة على ذراعين: إنشاء جيوش، وتأسيس محاكم، ثم إعلان إمارة في كل منطقة يتوفر فيها هذان الذراعان، ثم العمل على ربط الإمارات بعضها مع بعض.
قال الجولاني: “هذا المشروع سيبدأ بخطوات بإذن الله عز وجل…سيبدأ تقسيم الأخوة إلى كتائب وسرايا، وسيبدأ تقسيم القسم الآخر سيكون جيشاً متنقلاً متحركاً أينما ضربنا به سيغدو معنا، وأما القسم الآخر فسيكون لنظام الشرطة والحواجز والقوى التدخل السريع لمحاربة المفسدين أو الناس السيئين الذين يعتدوا على المسلمين…وستقام محاكم شرعية بإذن الله عز وجل. في غضون هذا الأسبوع ستقام محاكم شرعية في بعض المناطق المحررة …سنبدأ أيها الأخوة بعد كلمة للشيخ المحيسني إن شاء الله تعالى سنبدأ بتقسيم الإخوة عسكرياً…سيكون هناك جيش في حلب، سيكون هناك أيضاً جيش في إدلب على مستوى المنطقة الشمالية، وإخوانكم في درعا سيلتحقون بكم أيضاً سينشؤون جيشاً و إمارة أيضاً هناك. وكذلك بإذن الله أيضاً في الغوطة المحاصرة. ثم سنضع استراتيجية لجمع هذه الإمارات في إمارة واحدة، بحيث نفتح الطرق فما يفصل وحدتنا عنها سوى الطرق التي يمتلكها هؤلاء الغلاة أو الطرق التي يحاصرهم فيها النظام” انتهى.
فأما المحاكم: فقد أسست جبهة النصرة محاكم خاصة بها بعد الانفصال عن المحاكم الشرعية.
وأما الذراع العسكري: فإن جبهة النصرة لم تستطع إقامة جيش مستقل يمكنه القيام بالسيطرة الكاملة على الأرض؛ لذا فقد دخلت مع عدد من الفصائل في الشمال في مشروع (جيش الفتح)، وعن طريقه استطاعت الاستقلال بإدارة مناطق شاسعة من محافظة إدلب؛ لذا فإن المنطقة المؤهلة لإعلان الإمارة هي منطقة إدلب وما حولها، ثم حاولت استنساخ تجربة (جيش الفتح) في عدد آخر من المناطق لكنها لم تنجح لأسباب عديدة..
– وقد أقر الجولاني أن المشروع هو إمارة في حلب، وإمارة في الغوطة …إلخ ثم يتم توصيل هذه الإمارات مع بعضها البعض، فكيف ستكون هذه الإمارة الكبرى الناتجة عن تجميع الإمارات؟ خاصة أن النظام والغلاة مازلوا موجودين حسب كلامه. وما الخطوة التالية لذلك؟ وأين خطة إعادة الإعمار وإعادة المهجرين؟ وكيفية النهوض بالبلاد من جديد؟
نجد أن كافة بيانات وكلمات جبهة النصرة تخلو من ذلك،، فكما سبق: ليس المقصود إنشاء دولة فيها مقومات الدولة المستقرة..
10- علاقة إمارة جبهة النصرة بالدول الإقليمية والعالمية:
لم يشر الجولاني في التسجيل المسرَّب إلى علاقة الإمارة المزمع إقامتها مع بقية دول العالم، عدا حديثه عن أن من أولويات الإمارة تحرير الأقصى وجميع المقدسات، وتحدي أمريكا. قال الجولاني: “اليوم أنتم حُملتم هذه الأمانة، والمسلمون ينتظرونكم بفارغ الصبر لكي تنهوا مهمتكم في الشمال حتى تنتقلوا لقتال اليهود بعون الله عز وجل… قد آن الأوان أيها الأخوة بأن نفكر ملياً بأن نخلف وعد بلفور، لا بد أن نخلفه، وتنتصر الأمة ويحرر الأقصى وتحرر جميع مقدساتنا” انتهى. فمتى سيكون هذا التوجه؟ قبل توحيد (الإمارات)؟ أم بعدها؟ وقبل زوال النظام بالكلية أم بعده؟
أما قراءة الجولاني للواقع في ضعف أمريكا وعدم قدرتها الدفاع عن (إسرائيل) بقوله: “اليوم الفرصة بين أيديكم، أمريكا تراجعت مائة سنة إلى الوراء بعد حرب أفغانستان والعراق واليمن والصومال، أمريكا لم تعد تجرؤ لأن تدوس أرض المسلمين بعد اليوم بريّاً، وقد أضعفها هذا مئات السنين إلى الوراء.
لم تقع أمريكا في ضعف مثل ما وقعت به في هذا العصر، وكلّ هذا على أيديكم وثمرة جهادكم وثمرة الراية التي تحملونها: تنظيم القاعدة، وقد خُلّي بيننا وبين اليهود اليوم، ولا يحجزنا أن نصل إلى اليهود سوى النظام النصيري أو بعض ما تبقى من النظام النصيري وهؤلاء الغلاة، فلا بد من التخلّص منهم قبل أن نصل إلى اليهود” انتهى.
فهو كلام واضح البطلان وعدم الصحة؛ إذ هو تقدير غير صحيح لقوة أمريكا، وجهل بدورها في المؤامرة على الثورة السورية حيث إنها هي من منعت دخول السلاح للمجاهدين وحاصرتهم، وضغطت على الدول الأخرى لمنعهم من دعم الثوار، وعملت على دعم كل ما من شأنه إضعاف الثورة بالسماح لإيران باحتلال البلاد بميليشياتها، وتيسير أمور تنظيم (الدولة)، ودعم انفصاليي الأكراد، ومؤخرًا السماح لروسيا بالاحتلال الهمجي للبلاد، وغير ذلك من الجهود الاستخباراتية الكبيرة لإجهاض الثورة والتأثير فيها.
ثم إن في هذا الكلام اغترارًا بما حصلت عليه الجبهة من بعض السلاح بحيث أصبحت تظن أنها ستقارع العالم به، وهو يماثل ما ذكره الجولاني في (مؤتمره الصحفي) الذي عقده لاحقًا بتاريخ في ربيع الأول 1437 هـ – ديسمبر 2015 م، فقال: “ما تملكه الفصائل المسلحة في المناطق المحررة من سلاح ودبابات وأسلحة متنوعة هو أكثر مما يملكه النظام” انتهى.
مع ما يعلمه الجميع من ضعف تسليح الثوار، وما يملكه المعسكر المقابل من أسلحة لا يملك الثوار ما يردون عليه، وأحداث الأيام الأخيرة من احتلال النظام للعديد من المناطق المحررة خير شاهد..
– وفي مناسبات أخرى –سيأتي الإشارة إليها- بينت جبهة النصرة معاداتها ورفضها لعامة الدول الإقليمية والمحيطة، فقد انسحبت النصرة من الحدود التركية عند الحديث عن إنشاء منطقة آمنة، وأصدرت بيانًا بينت فيه السبب: “لا نرى جواز الدخول في هذا الحلف شرعًا لا على جهة الانخراط في صفوفه ولا على جهة الاستعانة به ولا حتى التنسيق معه”.
كما أنَّ عداوة تنظيم القاعدة لعموم البلاد العربية والإسلامية وحكمه على حكوماتها وجيوشها بالردة والكفر معلوم، مع قيامه بعمليات تفجير في العديد منها، وإن أضيف إلى ذلك العلاقة مع دول الغرب، فالسؤل المتبادر: كيف ستكون علاقة هذه الإمارة بدول العالم؟ وما المشروع الذي تحمله النصرة لسوريا في التعامل مع دول العالم؟
بل كيف ستتعامل جبهة النصرة مع الفصائل والجهات التي تتعامل مع الدول الأخرى ومؤتمراتها مع ما نشهده من تخوين وطعن في كل من له علاقة بذلك من قادة جبهة النصرة ومن الذين ارتضتهم مشايخ لها ومحل شورى كعصام البرقاوي (أبو محمد المقدسي)، وعمر عثمان (أبو قتادة الفلسطيني)؟
11- موقف جبهة النصرة من المخالفين لمشروع الإمارة:
حملت كلمة الجولاني تهديدًا عاماً بالقتال لكل من عارض المشروع، أو شكل عليه خطورة، قال الجولاني: “لن نسمح لأحد كائناً من كان أن يقطف ثمار جهادكم مهما بلغ بنا الحال، ولو لم يبقى منا قطرة دم واحدة. لن نسمح لا لمشاريع علمانية، ولا لمشاريع إنبطاحية، ولا لمشاريع خارجية غالية، لن نسمح لأحد كائناً من كان أن يقطف ثمار جهادكم مهما بلغ بنا الحال”. وقال: “ونسعى لإقامة إمارة إسلامية شرعية على منهاج النبوة … لسنا نسأل عن رأي غرب أو شرق أو داخل أو خارج أو أي من هؤلاء المنبطحين” انتهى.
فهل يشمل هذا التهديد المجاهدين والعلماء المعارضين ولو كانوا يعملون على إقامة نظام حكم إسلامي مخالفٍ لمشروع القاعدة؟ ثم ما معيار (الانبطاح) الذي لم يسلم منه أحد من الفصائل المجاهدة وأهل العلم كما جاء في مقالي رضوان نموس (أبو فراس السوري) (أنا النذير العريان) و(مفلسون)، ولقاء الجولاني الأخير الذي هاجم فيه الفصائل المشاركة بمؤتمر الرياض؟ وكيف سيكون التعامل مع هؤلاء (المنبطحين)؟
بل كيف سيكون تعامل الجبهة مع من تتهمهم بالعلمانية؟ وقد لخص الجولاني في (مؤتمره الصحفي) موقفه من مختلف القوى الثورية السورية التي تدخل في مشاريع أخرى تخالفها الجبهة بقوله: “هذه خيانة كبيرة جدًا لدماء هؤلاء الشباب الذين ضحّوا…”. وعندما سأله أحد المذيعين: أن الاتهام بالخيانة شيء كبير جداً عقب بقوله:
“من يضع نفسه في موضع الشبهات فلا يلوم إلا نفسه.. معظم الفصائل التي ذهبت إلى هذا المؤتمر ليس لديها سيطرة فعلية على جنودها على الأرض؛ لأن هذا الطرح مرفوض من صغار الناس في الساحة. فحتى لو أعطوا كلامًا بالموافقة فلا أعتقد أن لديهم القدرة على تطبيق هذه الموافقة على الأرض. فلذلك من السابق لأوانه أن نتكلم عن مسائل القتال” انتهى.
إذًا هو تخوين عام، وتحريض لجنود تلك الفصائل على التمرد على قادتها، ثم إن القتال مع هذه الفصائل أمر وارد إن لزم الأمر! فما الموقف الرسمي لجبهة النصرة من هذا الشريط المسرب؟ وهل يعارض ما جاء فيه مبادرة الجولاني الأخيرة؟ وما علاقة مشروع إمارة جبهة النصرة بمشروع (إدارة التوحش)؟
إجابة هذه الأسئلة وغيرها في المقال القادم بمشيئة الله تعالى..
يتبع،،،
————————————————————————————————————–
(1) تكثر الجماعات (الجهادية) من الحديث عن موضوع الداخل والخارج، وهذا الكلام غير صحيح لأمرين:
الأول: أن الانحراف الأكبر والخطر الأعظم على الثورة إنما جاء من (مشايخ وعلماء) الداخل المتمثلين بتنظيم الدولة، ولم يأتِ من مشايخ الخارج.
الثاني: أن هذه الجماعات غير صادقة في ادعائها: لأنها إن أرادت رد كلام بعض أهل العلم قالت هم في الخارج بعيدون عن الواقع لم يشتركوا بقتال فليس لهم كلمة، وإن أرادت الأخذ بمن على منهجها رفعت شعار رفض سايكس-بيكو وادعت أن هؤلاء علماء مجددين عاملين لا يسع تجاوز أقوالهم!
(2) من شؤم الفهم الخاطئ لمفهوم الخضوع لسايكس-بيكو أنَّ هذه الجماعات أصبحت مشاريع تقسيم للبلاد الإسلامية وتفتيتها بعكس ما ينادون به، علموا أم لم يعلموا، فلأجل عدم التزامهم بهذه الحدود فإنَّهم يعمدون إلى إعلان إمارات أو ولايات داخل هذه الحدود، أو عابرة لها، مما يؤدي إلى زيادة الانقسام، واستعداء الأعداء، ومن ثم فشل هذه الجماعات كما هو مشاهد معروف؛ لعدم صلاحية مشاريعها للتطبيق.
(3) ينظر مقال: (قطف الثمرة).. فكرة تلخص مسيرة الجماعات (الجهادية(، للكاتب.