الحمد لله القائل (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين وبعد :
فإن المحتل الروسي يسعى حثيثاً لاستثمار عدوانه على شعبنا السوري سياسياً في فرض ما يسمى ” الحل السياسي ” فجدد دعوته لما يسمى ” مؤتمر سوتشي ” على مقاس مصالحه ووفق رؤيته، والمجلس الإسلامي السوري وبعد اطلاعه على تفاصيل الدعوة والتصريحات المرافقة وبعد اتصالاته بالفعاليات السورية المختلفة من سياسية وعسكرية ومدنية وبعد دراسة مستفيضة يرى ما يلي :
أولاً: روسيا ليست وسيطاً نزيهاً ومؤهلاً للحل، لأنها جزء من المشكلة ومنحازة تماماً للنظام وشريكة له في الجريمة، وتتبجح أنها هي التي حمت النظام عسكرياً إذ كان على وشك السقوط، وحمته سياسياً في المحافل الدولية فاستخدمت حق النقض ” الفيتو ” أكثر من عشر مرات لصالحه، وفي الوقت نفسه يتبجح العسكريون الروس بأنهم جعلوا من شعبنا ومدننا وقرانا حقل تجارب لأسلحتهم الجديدة، ويتباهون بعدد الأطنان من القنابل التي ألقوها علينا من البر والجو والبحر، وجاء تصريحهم الأخير قاطعا كل ظن أو تخمين أو احتمال إذ قال متحدثهم : ” من يريد أن يطرح مسألة رحيل الأسد فلا مكان له في سوتشي ” ويوقع الروس أنفسهم في تناقضات فهم يؤكدون أنه لا مجال لأي شرط مسبق وهم يضعون هذا الشرط المسبق !!!!
ولم تف بالتزاماتها السابقة بفك الحصار أوإطلاق سراح المعتقلين وتزعم أنها الضامن لما تم الاتفاق عليه.
ثانياً: وعلى هذا يكون ضمناً كل من قرر المشاركة والحضور رضي بشرط الداعي، ويكون مشاركاً في مسرحية هزلية لا تعدو مخرجاتها سوى إصلاحات شكلية وثانوية وتحويل الثورة السورية إلى قضية معارضة سياسية ذات مطالب إصلاحية قابلة للمساومة أو الالتقاء في منتصف أو ربع أو عشر الطريق، والمجلس ينبه كل الشرفاء السوريين أن من سيشارك في هذا المؤتمر سيحكم على نفسه بالانتحار السياسي، ولا يعدو حضوره عن دور شاهد الزور، ومهما أوتي بعد ذلك من ذرائع لا يستطيع أن يتحمل الدماء السورية وعذابات السوريين في المهاجر والمنافي، وأنين المغتصبات والمعذبين في سجون الأسد، إذ لا يعقل أنه حتى اللحظة وتحت ضمان الروس تمارس الإبادة الجماعية بكل صورها، فما زال الحصار المحكم مضروباً على مناطق بأكملها والنساء والأطفال والرضع يموتون من شدة وطأتها، وما زالت البراميل المتفجرة وكل أسلحة الإبادة تلقى على شعبنا، وقد هجر نصف الشعب ويضيّق عليه بكل حقوقه، وبعد ذلك يسوّق لهذا المجرم ليبقى ويعاد إنتاج نظامه، بل كان ينبغي محاسبته ومحاكمته على جرائمه الوحشية.
ثالثاً: إن ما تحاوله روسيا مع عميلها، هو الالتفاف على ما يسمى ” المرجعية الدولية ” وقراراتها التي صادق عليها ما يسمى ” المجتمع الدولي ” ثم يحاولون اللعب بالأولويات وصرف الأنظار عن مطالب الجماهير التي خرجت في ثورتها لأجلها، فهم يسوقون لكتابة الدستور وإجراء انتخابات، والمجلس يبين بصراحة ووضوح أنه لا يمكن إجراء انتخابات في ظل النظام المجرم، ولا يمكن كتابة دستور في ظل الاحتلال، فالمطلب الأساس هو رحيل الأسد وعصابته المجرمة بل ومحاكمتهم، وكل المطالب تأتي بعد ذلك.
رابعاً: يثمّن المجلس موقف كل الشرفاء من هيئات سياسية وفصائل عسكرية ومؤسسات مدنية الذين رفضوا هذا المؤتمر المشبوه، ويشد على أيديهم ويحثهم على الثبات، ويناشدهم رص الصفوف وألا تؤتى الثورة من قبل بعضهم، فإن تفرقهم أخطر على ثورتنا من مكر أعدائها.
وفي الختام: أيها السوريون لقد دفعتم ثمناً باهظاً لسلعة غالية، فالحرية على الأبواب إن شاء الله، وما النصر إلا صبر ساعة، ولنا وعد من رب العالمين بالنصر المبين (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) نسأل الله نصره المبين وفتحه القريب، وأن يجعل لنا ولكل المظلومين من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل عسر يسرا، والحمد لله رب العالمين.
المجلس الإسلامي السوري
الاثنين 7 ربيع الثاني 1439 هــ الموافق 25 كانون الأول 2017 م