فتوى في صدقة الفطر وفدية العاجز عن الصوم لعام 1439هـ

بيـان إتمام عدة شعبان 1439هـ
مايو 15, 2018
توضيح مجلس الإفتاء لفتوى صدقة الفطر وفدية العاجز عن الصوم لعام 1439هـ
مايو 28, 2018

فتوى في صدقة الفطر وفدية العاجز عن الصوم لعام 1439هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

رقم الفتوى: 15
تاريخ الفتوى: الأربعاء 08 رمضان 1439هــ الموافق 23 أيار / مايو 2018م

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصّلاةُ والسّلام على سيّد المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعدُ: فهذه فتوى في كل من صدقة الفطر والفدية التي يؤدّيها العاجز عن الصوم.

أولاً: صدقة الفطر:

الأصل في وجوبها: ما ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (فرض رسول الله زكاة الفطر صاعًا مِن تمر، أو صاعًا مِن شعير على الحر والعبد، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة)، وجاء في حكمة مشروعيتها: ما روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهرةً للصائم مِن اللغو والرفث، وطُعمةً للمساكين، مَن أداها قبل الصلاة فهي زكاةٌ مقبولة، ومَن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقةٌ مِن الصدقات).

على من تجب: تجب زكاة الفطر على كلِّ مَن ملك صاعاً فاضلاً عن قوته وقوت عياله ليلة العيد ويومه، وإن كان محتاجاً بقيةَ أيامه، فيُخرج زكاة الفطر، وتجب عليه، ولو كان غناه بسبب ما يُعطى له مِن صدقات أو زكوات، ويجوز له الأخذ منها لحاجته، لذلك جاء في الحديث: (أمّا غنيكم فيزكيه الله، وأما فقيركم فيردّ الله تعالى عليه أكثر مما أعطى) رواه أبو داود، ومن وجبت عليه صدقة الفطر وجبت عليه عمن هم في عياله ومن تلزمه نفقتهم.

مقدارها: صدقة الفطر عند جمهور الفقهاء صاعٌ مِن الطّعام، ويساوي على أقل التقديرات كيلوين ونصف، ويكون مِن الأصناف التي بيّنتها السنة فيما روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كنا نخرج زكاة الفطر صاعًا مِن طعام، أو صاعًا مِن شعير، أو صاعًا مِن تمر، أو صاعًا مِن أقط، أو صاعًا مِن زبيب)، أو مِن غالب قوت البلد، فمَن أخرج صاعاً مِن هذه الأصناف فقد أدّى ما عليه.

وبالنظر إلى تجويز السّادة الحنفية وعدد مِن الفقهاء الآخرين لإخراج القيمة في صدقة الفطر، ومراعاةً لمصلحة الفقراء والمحتاجين في هذه الأحوال والأزمنة فإننا نفتي بجواز إخراج القيمة، ومَن اختار إخراجها طعاماً فينبغي له أن يخرجها مما يقتاته الناس مِن الطعام، ويخرج معها ما يصلحه للطبخ.

وبالنظر إلى تفاوت تقديرات الفقهاء للصاع، وتفاوت قيمة الأصناف التي تخرج منها الزكاة، وبالاستئناس بقيمة الخبز الذي غدا القوتَ الغالبَ لمعظم الناس، وبالأخذ بأقلّ تقديرات الفقهاء: وجدنا أنّ الحد الأدنى الذي يُراعى فيه حال غالب الناس اليوم في الداخل السوري هو حوالي (500 ل س) للفطرة الواحدة، ويستحسن للمستطيع أن يزيد عن ذلك؛ لأنّ الأصناف المذكورة في الحديث متفاوتة القيمة، وربما تبلغ قيمةُ بعضها أضعاف قيمة غيرها .

وأما السوريون المقيمون في الدول المجاورة وغيرها فيتبعون ما تحدّده دوائر الفتوى في تلك البلاد، ومَن شق عليه ذلك فيمكنه أن يرجع إلى تقديرها بقيمة صاع مِن أقلّ الأقوات قيمةً في البلد التي يقيم فيها، ففي تركيا مثلاً: قُدّرت في حدّها الأدنى بحوالي خمس ليرات تركية، ولذلك نرى أنه يسع فقراء السوريين اللاجئين فيها أن يُخرجوا هذا المقدار إنْ وُجد فاضلاً عن قوتهم وقوت مَن ينفقون عليه يوم العيد وليلته، ويزيد مَن وسع الله تعالى عليه.

وقت إخراج زكاة الفطر وجواز تعجيلها: ذهب جمهورُ الفقهاء إلى جواز تقديمها على ليلة العيد، وذلك لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تُخرجَ قبل صلاة العيد، ولم يُقيّد ذلك بغروب شمس اليوم الأخير مِن رمضان، والمختار جوازُ تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين؛ لما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (وكانوا يعطُون -أي الصحابة- قبل الفطر بيوم أو يومين) رواه البخاري.

كما يجوز التعجيل بدفعها للجمعيات والجهات الخيرية قبل ذلك بأيام لتتمكن مِن جمعها والعمل على إيصالها للمستحقين في وقتها، وهو توكيلٌ لها مِن الدافع تبرأ ذمته بذلك؛ لما ثبت في الموطأ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنه كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تُجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة. فإن رأت تلك الجهات المصلحة في تعجيل دفعها إلى مستحقيها فبها، وإلا  فكلّما تأخر وقت الدفع واقترب من يوم العيد كان أفضل.

ونؤكّد على الفتاوى السابقة للمجلس في جواز إرسال صدقة الفطر إلى الفقراء في سورية مِن المقيمين خارج البلاد؛ لشدة الحاجة، بشرط أن تصل لأصحابها قبل العيد.

ثانياً: الفدية:

أما الفدية التي جعلها الله تعالى بدلاً عن الصيام لكبار السّن الذين يشق عليهم الصيام، أو للمرضى الذين لا يستطيعون الصّيام، ولا يرجى شفاؤهم: فهي طعام مسكين كما بين ربنا سبحانه وتعالى في قوله: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾، فمَن أراد أن يخرجها مِن الأقوات فله ذلك، ومقدارُها نصف صاع عن كل يوم، وعلى تقديرها بالقيمة على قول مَن أجاز ذلك مع مراعاة اختلاف الفقهاء في مقدارها، وبالنظر الى تفاوت الأسعار بين منطقة وأخرى، فإننا نرى أن أقل ما يجزئ عن اليوم الواحد لمن يقيم في الداخل السوري حوالي (500 ل س)، ومَن أراد أن يزيد فذلك خير؛ لقوله تعالى: ﴿فمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فهو خَيْرٌ له﴾.

ويجوز أن تدفع يومياً في رمضان، أو تجمع لعدة أيام وتدفع، أو أن تدفع بعد العيد، مع أفضلية التعجيل ما أمكن.

وعلى السوريين المقيمين خارج سورية أن يتبعوا دوائر الإفتاء في محل إقامتهم، ومراعاة التقديرات فيها، وعلى سبيل المثال فإن تقديرنا للحدّ الأدنى للفدية لمن يقيمون في تركيا مِن المهاجرين السوريين هو حوالي خمس ليرات تركية، ومن وسع الله تعالى عليه فليزد ما استطاع فهو خير له،  والله تعالى أعلم.

                                                            وقد وقع على الفتوى من أعضاء المجلس السادة العلماء
1- الشيخ أحمد حمادين الأحمد
2- الشيخ أحمد حوى
3- الشيخ أيمن هاروش
4- الشيخ تاج الدين تاجي
5- الشيخ عبد العزيز الخطيب
6- الشيخ عبد العليم عبد الله
7- الشيخ عبد المجيد البيانوني
 
8- الشيخ علي نايف شحود
9- الشيخ عماد الدين خيتي
10- الشيخ عمار العيسى
11- الشيخ فايز الصلاح
12- الشيخ مجد مكي
13- الشيخ محمد جميل مصطفى
14- الشيخ محمد الزحيلي
 
15- الشيخ محمد زكريا مسعود
16- الشيخ محمد فايز عوض
17- الشيخ محمد معاذ الخن
18- الشيخ ممدوح جنيد
19- الشيخ موسى الإبراهيم
20- الشيخ موفق العمر