حكم إجراء الطلاق والخلع في المراكز الإسلامية في الدول الغربية

أحكام تتعلق بكورونا في الصيام
أبريل 21, 2021
حكم بيع الوقف واستبداله
سبتمبر 8, 2021

حكم إجراء الطلاق والخلع في المراكز الإسلامية في الدول الغربية

بسم الله الرحمن الرحيم

رقـــــــم الفتوى: 41

تاريخ الفتوى: السبت 07 ذو الحجة 1442هــ الموافق 17 يوليو / تموز 2021م

السؤال: توجد في بعض الدول الغربية مكاتب تتعاطى مع مسائل الطلاق والخلع وفسخ الزواج، ويغلب عليها ضعف التأهيل الشرعي والقانوني للقائمين عليها، وعدم اعتراف كثير من المسلمين بها أو معرفة أهل العلم بهم، ونظراً لأن هناك من يقبل على هذه المكاتب للحاجة إليها من الجالية السورية فإننا نطلب منكم بيان حكم اللجوء إليها ومدى شرعية أحكامها؛ هل تملك هذه المراكز الولاية على المسلمين في تلك الدول بحيث تكون أحكامها ملزمة لهم؟ وهل يحق لها إجراء عقد التطليق أو المخالعة أو الفسخ دون علم الزوج؟

الجواب: الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على سيِّدنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ.

أما بعدُ: فإن المراكز الإسلامية التي يقوم عليها أهل العلم المعروفون وتعد مرجعاً للمسلمين في كافة شؤونهم: فإجراءاتها التي تتعلق بعقد الزواج والإصلاح بين الأزواج إلى إيقاع الطلاق أو الخلع أو الفسخ، هي إجراءات صحيحة.

أما المكاتب التي يقوم عليها أفراد غير معروفين بالعلم ولا معروفين لعامة المسلمين، والتي تختص بإجراءات الطلاق والفسخ دون إشراف علمي أو قانوني: فإجراءاتها باطلة، ولا يجوز اللجوء لها والا الأخذ بأحكامها، وبيان ذلك كما يلي:

أولاً: المراكز الإسلامية التي تعنى بشؤون المسلمين وتكون مرجعهم في أمورهم الدينية، وملجأهم في مختلف شؤونهم ومشاكلهم، ويشرف عليها أهل علم ودعوة، وتتضمن مرافق مختلفة ومنها مكاتب الإصلاح الأسري التي يقوم عليها مختصون مشهود لهم، وهي معروفة للسلطات الرسمية وقد يكون بينها وبين المحاكم الرسمية نوع تعاون أو تواصل: هي التي يكون الرجوع إليها لطلب إجراءات الإصلاح والتحكيم بين الأزواج، وما قد يصدر عنها من أحكام طلاق أو خلع أو فسخ، وقراراتها في هذه القضايا صحيحة يجب العمل بها، ويجب الرجوع إليها فيمن عرض له شيء من هذه المسائل دون غيرها من المراكز.

وتقوم هذه المراكز مقام القضاء الشرعي؛ إذ إن القاضي يُقيمه السلطان أو من يقوم مقامه من أهل الحل والعقد ووجهاء الناس؛ قال ابن نجيم في «البحر الرائق»: (أما في بلاد عليها ولاة الكفر؛ يصير القاضي قاضيًا بتراضي المسلمين)، وقال الونشريسي المالكي في «المعيار المعرب»: (كل بلد لا سلطان فيه أو فيه سلطان يضيع الحدود أو سلطان غير عدل؛ فعدول الموضع وأهل العلم يقومون في جميع ذلك مقام السلطان)، وقال: (بأن العُدُول يقومون مقام القاضي والوالي في المكان الذي لا إمام فيه ولا قاضي).

وعلى ذلك فتاوى أهل العلم المعاصرين؛ فقد جاء في (بيان المؤتمر الثاني لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا الشمالية المنعقد بكوبنهاجن- الدانمارك لعام 1425هـ – 2004م): (إذا تنازع الزوجان حول الطلاق؛ فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام القضاء الشرعي عند انعدامه).

وجاء في (قرار مجلس الإفتاء الأوربي في دورته العشرين لعام 1431ه – 2010م عن الخلع): (إذا رفعت المرأة المتضررة أمرَها إلى مجالس القضاء الشرعي للمسلمين في أوروبا حيث توجد تلك المجالس، طالبةً الاختلاعَ من زوجِها، فإجراءات القضاء تقتضي أن يكون من حق القاضي إلزامُ الزوج بقبول الفدية وخلع زوجته إذا ثبت له الضرر… )، وهو ما أشرنا له في فتوى (التقاضي لمحاكم غير إسلامية في قضايا الطلاق) ([1]).

ثانياً: أما المراكز التي يقوم عليها أفراد غير معروفين بالعلم الشرعي، ولا يشهد لهم عامة أهل العلم والدعاة بذلك، وليس لهم تأهيل ولا اعتبار قانوني، وليس على أحكام هذه المراكز إشراف علمـي ولا اعتراف قانوني: فليس لهذه المراكز سلطة قضائية على المسلمين ولا ولاية، ولا يجوز اللجوء إليها لإجراءات الفسخ أو الطلاق أو الخلع، ولا الأخذ بأحكامها، ولا يجوز لها إصدار أحكام بذلك، ولو صدرت فأحكامها باطلة.

ثالثاً: من أراد اللجوء إلى مراكز ولجان الإصلاح بين الزوجين، أو السير في قضية فسخ أو خلع: فيجب عليه أن يبحث ويتحرى عن المراكز المعروفة، والتي يقوم عليها فقهاء ومختصون معروفون بالعلم والصلاح وتحري الحق، وأن تكون معروفة لسلطات تلك البلاد، ولا يجوز له اللجوء للمراكز غير المعروفة، أو من يُجْهَلُ حالُ القائمين عليها، أو من تقوم بإجراءات شكلية للتطليق أو الفسخ أو الخلع؛ لأن أحكامها غير صحيحة ولا يعتمد عليها، ولا يجوز العمل بها، ولا تعد المرأة مطلقة من زوجها بهذه القرارات، وعلى من حصلت على حُكْمٍ بالطلاق أو الفسخ أو الخلع عن طريق إحدى هذه المكاتب أن تراجع أحد المراكز الإسلامية المعروفة وتعرض عليهم القضية ليوجهوها التوجيه المناسب، كما يبقى لزوجة المفقود أو الغائب أن ترفعَ أمرها لهذه المراكز الإسلامية، أو توكلَ من يترافع عنها أمام محاكم المناطق المحررة، كما بيَّنا في فتوى (أحكام زوجة الغائب والمفقود)([2])، والحمد لله رب العالمين، والله تعالى أعلم.

                                                        وقد وقع على الفتوى من أعضاء المجلس السادة العلماء

1- الشيخ أحمد حمادين الأحمد

2- الشيخ أحمد حوى              

3- الشيخ أيمن هاروش

4- الشيخ عبد العليم عبد الله

5- الشيخ علي نايف شحود

 

6- الشيخ عماد الدين خيتـي

7- الشيخ عمار العيسى

8- الشيخ فايز الصلاح

9- الشيخ محمد الزحيلي

10- الشيخ محمد زكريا المسعود

 

11- الشيخ محمد معاذ الخن

12- الشيخ ممدوح جنيد

13- الشيخ موفق العمر

 

[1]– الفتوى متوفرة عبر الرابط التالي: https://sy-sic.com/?p=5937

[2]– الفتوى متوفرة عبر الرابط التالي: https://sy-sic.com/?p=5495