رقم الفتوى: 23
تاريخ الفتوى: الأربعاء 10 رمضان 1440ه الموافق 15 أيار 2019م
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصّلاةُ والسّلام على سيّدنا محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أولاً: صدقة الفطر:
الأصل في وجوبها: ما ثبت في «الصحيحين» عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً مِن تمر، أو صاعاً مِن شعير على الحر والعبد، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة).
وجاء في حكمة مشروعيتها: ما روى أبو داود في «سننه» عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهرةً للصائم مِن اللغو والرفث، وطُعمةً للمساكين، مَن أداها قبل الصلاة فهي زكاةٌ مقبولة، ومَن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقةٌ مِن الصدقات).
على من تجب: تجب زكاة الفطر عند جمهور الفقهاء على كلِّ مَن ملك صاعاً فاضلاً عن قوته وقوت عياله ليلة العيد ويومه، وإن كان محتاجاً بقيةَ أيامه، فيُخرج زكاة الفطر، وتجب عليه، ولو كان غناه بسبب ما يُعطى له مِن صدقات أو زكوات، ويجوز له الأخذ منها لحاجته، لذلك جاء في الحديث: (أمّا غنيكم فيزكيه الله، وأما فقيركم فيردّ الله تعالى عليه أكثر مما أعطى) رواه أبو داود، ومن وجبت عليه صدقة الفطر وجبت عليه عمن هم في عياله ومن تلزمه نفقتهم.
مقدارها: صدقة الفطر عند جمهور الفقهاء صاعٌ مِن أصناف معينة من الطّعام، والصاع مكيال لقياس الحجوم يساوي وزناً من القمح الجيد حوالي كيلوين ونصف في أرفق التقديرات، ويكون مِن الأصناف التي بيّنتها السنة فيما روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كنا نخرج زكاة الفطر صاعاً مِن طعام، أو صاعاً مِن شعير، أو صاعاً مِن تمر، أو صاعاً مِن أقط، أو صاعاً مِن زبيب)، والطعام فُسِّر بغالب قوت البلد، فمَن أخرج صاعاً مِن هذه الأصناف فقد أدّى ما عليه، ومَن اختار إخراجها طعاماً فينبغي له أن يخرجها مما يقتاته الناس مِن الطعام، ويخرج معها ما يصلحه للطبخ.
وبالنظر إلى تجويز السّادة الحنفية وعدد مِن الفقهاء الآخرين لإخراج القيمة في صدقة الفطر، ومراعاةً لمصلحة الفقراء والمحتاجين في هذه الأحوال والأزمنة فإننا نفتي بجواز إخراج القيمة، وبالاستئناس بمتوسط قيمة القوت الغالب لمعظم الناس، وبالأخذ بأرفق تقديرات الفقهاء: وجدنا أنّ الحد الأدنى الذي يُراعى فيه حال غالب الناس اليوم في سورية هو حوالي (500 ل س) للفطرة الواحدة، ويستحسن للمستطيع أن يزيد عن ذلك؛ لأنّ الأصناف المذكورة في الحديث متفاوتة القيمة، وربما تبلغ قيمةُ بعضها أضعاف قيمة غيرها .
وأما السوريون المقيمون في الدول المجاورة وغيرها فعليهم أن يتبعوا ما تحدّده دوائر الفتوى في تلك البلاد، ومَن شق عليه ذلك فيمكنه أن يرجع إلى تقديرها بقيمة صاع مِن أحد الأقوات في البلد التي يقيم فيها، ويزيد مَن وسع الله تعالى عليه.
وقت إخراج زكاة الفطر وجواز تعجيلها: ذهب جمهورُ الفقهاء إلى جواز تقديمها على ليلة العيد، وذلك لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تُخرجَ قبل صلاة العيد، ولم يُقيّد ذلك بغروب شمس اليوم الأخير مِن رمضان، والمختار جوازُ تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين؛ لما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (وكانوا يعطُون -أي الصحابة- قبل الفطر بيوم أو يومين) رواه البخاري.
كما يجوز التعجيل بدفعها للجمعيات والجهات الخيرية قبل ذلك بأيام لتتمكن مِن جمعها والعمل على إيصالها للمستحقين في وقتها، وهو توكيلٌ لها مِن الدافع تبرأ ذمته بذلك؛ لما ثبت في «الموطأ» عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أنه كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تُجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة). فإن رأت تلك الجهات المصلحة في تعجيل دفعها إلى مستحقيها فبها، وإلا فكلّما تأخر وقت الدفع واقترب من يوم العيد كان أفضل.
ونؤكّد على الفتاوى السابقة للمجلس في جواز إرسال صدقة الفطر مِن المقيمين خارج البلاد إلى الفقراء في سورية؛ لشدة الحاجة، بشرط أن تصل لأصحابها قبل العيد.
ثانياً: الفدية:
أما الفدية التي جعلها الله تعالى بدلاً عن الصيام لكبار السّن الذين يشق عليهم الصيام، أو للمرضى الذين لا يستطيعون الصّيام، ولا يرجى شفاؤهم: فهي طعام مسكين كما بين ربنا سبحانه وتعالى في قوله: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾، وروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في الآية : ( ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً)، فمَن أراد أن يخرجها مِن الأقوات فله ذلك، وعلى تقديرها بالقيمة على قول مَن أجاز ذلك، فإننا نرى أن أقل ما يجزئ عن اليوم الواحد في سورية حوالي (500 ل س)، ومَن أراد أن يزيد فذلك خير؛ لقوله تعالى: ﴿فمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فهو خَيْرٌ له﴾.
ويجوز أن تدفع يومياً في رمضان، أو تجمع لعدة أيام وتدفع، أو أن تدفع بعد العيد، مع أفضلية التعجيل ما أمكن.
وعلى السوريين المقيمين خارج سورية أن يتبعوا دوائر الإفتاء في محل إقامتهم، ومراعاة التقديرات فيها، ومن وسع الله تعالى عليه فليزد ما استطاع فهو خير له، والله تعالى أعلم.
وقد وقع على الفتوى من أعضاء المجلس السادة العلماء
1- الشيخ أحمد حمادين الأحمد 2- الشيخ أحمد حوى 3- الشيخ أسامة الرفاعي 4- الشيخ أيمن هاروش 5- الشيخ عبد الرحمن بكور 6- الشيخ عبد العزيز الخطيب 7- الشيخ عبد العليم عبد الله |
8- الشيخ عبد المجيد البيانوني
9- الشيخ علي نايف شحود 10- الشيخ عماد الدين خيتي 11- الشيخ عمار العيسى 12- الشيخ مجد مكي 13- الشيخ محمد جميل مصطفى 14- الشيخ محمد الزحيلي |
15- الشيخ محمد زكريا المسعود 16- الشيخ محمد معاذ الخن 17- الشيخ مروان القادري 18- الشيخ ممدوح جنيد 19- الشيخ موسى الإبراهيم 20- الشيخ موفق العمر
|