الحمد لله نصير المظلومين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فإن الأنباء تتواتر عن عزم هيئة تحرير الشام اقتحام بلدة (كفر تخاريم) بحجة منع أهلها الزكاة وطرد الجباة، وتقوم ما تسمى “حكومة الإنقاذ” التي من المفترض أن تحمي حقوق الناس وأن تكون في موقع الخدمة لهم لا سيما في هذه الظروف العصيبة التي اجتمع فيها على الناس الجوع والخوف والمرض وتربص العدو المحتل، والمجلس الإسلامي السوري حيال ما يجري يبين ما يلي :
أولاً: ليس لهيئة تحرير الشام سلطة شرعية معتبرة حتى ولو بحكم الغلبة، فهم ليسوا دولة معترفاً بها لا من قبل المناطق التي يسيطرون عليها، ولا من غيرها، ولا من قبل العلماء والوجهاء وأهل الرأي والمشورة، فهم مفتئتون على حقوق الناس متشبعون بما لم يعطوا، وليس لهم طاعة ولا سلطان، ومن يخضع لهم من الناس فاتقاءً لشرهم وخوفاً من بطشهم، ولقد رأهم الناس جبناء في الدفاع عن كثير من المناطق، فكم من بلدة سلموها وكم من منطقة خذلوا أهلها، لكنهم يستأسدون على أهلنا، ويحاصرونهم ويهددونهم بالاقتحام المروع للكبير والصغير وللمرأة والضعيف…. لقد روعوا المسلمين الآمنين بحجج واهية وشبه زائفة.
ثانياً: هؤلاء الذين يزعمون تطبيق شرع الله ويزعمون أنهم سيضربون بسيف أبي بكر أحرى بهم أن يتوبوا إلى الله، فأخبار المكوس التي يفرضونها على الناس لا تخفى على أحد، مكوس على الأفراد والبضائع والعبور، وفي الحديث الصحيح (لا يدخل الجنة صاحب مَكس ) ولعظم جناية المكس الذي هو بحقيقته أكلٌ لأموال الناس بالباطل وعن غير طيب نفس منهم، قال عنه عليه الصلاة والسلام في حديثه عن المرأة التي رجمت في الزنا (لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له)، فكان عليهم أن يردوا إلى الناس ما أخذوه من غير وجه حق، وأحرى بهم أن يتوبوا إلى الله من غدرهم الذي صار صفة ملازمة لهم وعلامة فارقة عليهم، فكم وعدوا وأخلفوا، وكم عاهدوا وغدروا، قال عليه الصلاة والسلام (ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة فيقال هذه غدرة فلان).
ثالثاً: كذلك إلزام الناس بزكاة الزيتون خلافاً لقول الجمهور الذين يوجبون الزكاة في كل ما يقتات ويدخر وييبس من الحبوب والثمار كالحنطة والشعير والذرة، وليس الزيتون منها، ولو فرض أن هناك من العلماء من قال بوجوبها في الزيتون وفي كل خارج من الأرض كالحنفية، فليس لهيئة تحرير الشام ولا لذراعها المزعوم حكومة الإنقاذ سلطة إلزام الناس بهذا القول، وقد علمنا أن أهل المنطقة شكلوا لجانا لأخذ زكاة أهلهم وأبناء بلدتهم طواعية وردها لفقراء البلدة نفسها، وهذا الأصل في الزكاة فقد قال عليه الصلاة والسلام في حديث معاذ (وأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) ومن أخرجها بهذه الطريقة تكون مجزئة ولا يكون بهذا مانعاً لها يستحق سيف أبي بكر !!!!
وفي الختام نخاطب من فيه أثارة من تقوى وورع أن يتقوا الله، ألا فاتقوا الله بعباد الله، لقد نفرتم الناس من دين الله ومن شرعه الحكيم المطهر، نسأل الله العفو والعافية، ونحذركم من فتنة الاقتتال مع المؤمنين التي أنتم ماضون لها وتعدون العدة لأجلها، فأنتم عادون معتدون، فقتيلكم صائل، والناس مدافعون يقاتلون عن أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، فقتيلهم شهيد، اللهم اجمع كلمة المسلمين واحقن دمائهم واحفظ أعراضهم وأموالهم، حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
المجلس الإسلامي السوري
9 ربيع الأول 1441 هـ الموافق 6 تشرين الثاني 2019م