فتاوى فقهية
نوفمبر 23, 2019
وقفات مع الهجرة النبوية
نوفمبر 23, 2019

مسلمو بورما واستعلاء الذئاب

الدكتور: حسن أحمد الخطاف

قد يرى البعض في حديثنا عن بورما المسلمة وما تتعرض له من إبادة وحشية هروبا من الواقع المحزن والظلم المرير الذي يتعرض له المسلمون السنة في كل من بلاد الشام والرافدين… ولاسيما من كاتب هذه الأسطر الذي  شهد معاناةَ أكبرِ كارثة إنسانية في التاريخ البشري الحديث.

وقد يستغرب البعض من حديثنا عن وحشية البوذيين ضد مسلمي بورما في حين يُقتَل السوريون والعراقيون من صفويي الشيعة المحسوبين على الإسلام، بأساليب لا تقل وحشية عما هو عليه في “بورما”.

وربما يصل العَجَب بالبعض غايته من حديثنا عن استعلاء “ذئاب العالم” الذين يناصرون أولئك البوذيين، أو – على الأقل – يقفون موقف المتفرج المسرور منهم… في حين لا نتحدث عن خِذلان جمهرة الساسة العرب للقضية السورية ومن بعدها العراقية وقبل ذلك الفلسطينية، بل وتآمر البعض منهم على هذه القضايا مناصرة للنظام أو للعدو الإسرائيلي.

ولعل ما يشفع لي أنّ الظلم الذي حاق بالسوريين صار أقرب إلى المعلوم من الدين بالضرورة على حدّ تعبيرات علمائنا المسلمين، ولو كان للحجر لسان وللشجر بيان وللطيور نطق؛ لشهِدت بما فعله نظام بشار ومرتزقته من صفوية إيران وحزب الشيطان بمباركة وتأييد من ذئاب العالم وعلى رأسها روسيا.

إن الحديث عن مسلمي بورما ليس نسيانا للمعتقلين والمعتقلات ولا تقليلا من دم الشهداء وصُراخ الثَّكالى ولوعة المغتصبات على أيدي من يتظاهرون بالإسلام ويستندون في سقوطهم الأخلاقي إلى فتاوى الإجرام.

نتألم لما يحدث لإخوتنا في بورما، ولعلهم في الوقت نفسه يجدون الصبر والسلوان عن مصائبهم وهم يتذكرون ما حل بإخوانهم في بلاد الشام… كما حصل لأبناء فلسطين الغالية الذين نسوا مصيبتهم بعدوّهم الإسرائيلي؛ عندما رأوا مصيبة إخوانهم في الشام بالنصيرية والصفويين الذين فاقت وحشيتهم مرات ومرات أكثر أنظمة العالم فاشية وإجراما.

فالحديث عن مسلمي بورما هو استمرار للحديث عن قضية الظُّلم الذي حاق بالمسلمين، وكُتُب التاريخ لا تنسى عهد التتار والحروب الصليبية وما بعدها، ولاسيما بعد انهيار الخلافة العثمانية.

وكنَّا نحسب – قبل ما حدث في سورية – أنَّ الظلم الذي حاق بِسُنّة أهل العراق هو الأسوأ والأكثر وحشية، قبل ان يفعل نظام بشار ومن معه ما فعلوه بسورية قدوة بإجرام أبيه ” ذُرِّية بعضها من بعض” .

من هنا يكون الحديث عن إقليم الروهينغا ومُسْلميه حديثاً عن وحدة آلام الأمة وآمالها، التي رسختها تعاليم القرآن الكريم والسنة المطهرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تَرَى المُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى» رواه البخاري، وهذا هو معنى التّاخي المُصرّح به في قوله تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]

فنسيان قضيةِ أي مسلم على وجه الأرض لا يتناسب مع المعايير الدينية والأخلاقية التي جاء بها الإسلام، بل هو خدش في كمال الإيمان.

فمن هي بورما؟ وما علاقتها بإقليم أركان؟ وهل سكان هذا الإقليم هم أنفسهم الروهينغا؟ وأين يقع هذا الإقليم جغرافيا ؟ومتى دخل إليهم الإسلام ؟ وما قضيتهم؟ وما موقف العالم الإسلامي منهم؟

إن الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها سيكون في بضع صفحات استنادا إلى الكثير من المواقع الإخبارية والمُهتمّة بهذا الشأن، وما أكتبه الكثير منه معلوم لدى الكثيرين ولكن أكتبه تذكيراً به، وتأكيداً على وحدة هذه الأمة من مشرقها إلى مغربها ومن شمال إلى أقصى جنوبها.

الموقع الجغرافي لبورما

تقع بورما أو ما يعرف اليوم بدولة (ميانمار) في الجنوب الشرقي لقارة آسيا، ويحدها من الشمال الصين والهند، ومن الجنوب خليج البنغال[1] وتايلند، ومن الشرق الصين ولاوس ( LAOS)[2] ومن الغرب خليج البنغال والهند وبنغلادش.

ويتركز مسلمو “ميانمار” في ولاية أراكان المتاخمة لدولة بنجلاديش وبالتحديد في القسم الجنوبي من مرتفعات أركان، وينتمون إلى شعب روهينغا.

وكلمة «روهينغا» مأخوذة من «روهانغ» – الاسم القديم لإقليم أركان – وقد اشتهر إطلاق هذا الاسم على المسلمين فيها نظرا كونهم المواطنين والسكان الأصليين لهذا الإقليم.

 

وصول الإسلام إلى بورما

تذكر المصادر التي تتحدث عن بورما أنَّ الإسلام قد وصل إليها في عهد مُبَكّر من تاريخ الإسلام، وذلك زمن الخليفة العباسي هارون الرشيد رحمه الله.

والجيوش الإسلامية لم تصل إلى تلك الأماكن، ولكن دخلها الإسلام عن طريق التجار المسلمين، كشأن كثيرٍ من بلاد المسلمين التي دخلت في دين الإسلام كنتيجة لتأثرهم بالدعاة والتجار المسلمين الذين استطاعوا بأخلاقهم الحميدة وصدقهم في المعاملة أن يؤثروا في السكان المحليين لتلك البلدان ويدخلوهم في الإسلام، ولهذا السبب نجد في تلك البلدان النائية بعض العوائل التي تنحدر من الأصول العربية أو التركية والمغولية…

وشيئا فشيئا تكونت هناك في بلاد ميانمار دولة إسلامية كبيرة استطاعت أن تستمر لأكثر من ثلاثة قرون ونصف وذلك حتى عام (1198هـ/1784م).

ولقد عرفت هذه الدولة ازدهاراً ثقافياً وحضارياً لم تعهده المنطقة من قبل، من ذلك أنه كان لها عملة خاصة مضروبة بالفضة وكتب عليها ” لا إله إلا الله “، ولقد تداول على حكم هذه الدولة المسلمة الكثيرُ من الملوك المسلمين واستمر هذا حتى سنة 1784م حيث سقطت هذه الدولة بيد البوذيين من خلال احتلال البوذي «بوداياي» لها بدعم من الاستعمار البرتغالي [3].

السكان والمساحة والحياة الاقتصادية

يبلغ عدد سكان ميانمار (55) خمسة وخمسين مليون نسمة تقريبا، ويقع إقليم أركان المسلم في الجنوب الغربي لبورما، وتشير الإحصائيات الرسمية في مينامار (بورما) إلى أنَّ عدد المسلمين فيها يقارب السبعة ملايين نسمة.

وتبلغ مساحة ميانمار (680) ألف كم مربع، كما تعرف بجبالها الشاهقة وغاباتها الكثيفة، حيث إن 70% من أراضيها عبارة عن غابات خضراء

تعتبر الزراعة من أهم موارد البلاد، حيث تعيش نسبة 75% من سكانها على الزراعة، وتعد ميانمار الدولة الرابعة على العالم في تصدير المحاصيل الزراعيّة والأسماك، وتحتوي أراضيها على معادن عديدة أهمّها الرصاص والبترول والفحم والرخام، وهي غنية بالثروات الطبيعية، وتنتج الحبوب وخاصة الأرز، كما تنتج أنواعا مختلفة من الفواكه والخضراوات، والتبغ وقصب السكر[4].

معاناة مسلمي بورما التاريخية

أ. سياسة بوداياي في أراكان:

قام بوداياي بضم الإقليم إلى بورما خوفاً من زيادة انتشار الإسلام في المنطقة، وقد أمعن في اضطهاد المسلمين، وقد دمّر البوذيون في تلك الفترة كثيراً من الآثار الإسلامية من مساجد ومدارس، كما قتلوا الكثير من العلماء والدعاة، وأطلق بوداياي العنانَ للبوذيين في اضطهاد المسلمين ونهب خيراتهم، فساموا أهلها سوء العذاب وأنزلوا فيهم أقسى أنواع الظلم… وسُوِّيَ فيها بالأرض كُلّ ما يخص الإسلام من حضارة أو آثار وأحرقت منازلهم ومزارعهم وأُسر فيها كثيرٌ من المسلمين واستُخْدِمُوا كعبيد وأرقاء سُخِّروا لأعمالهم من بناء المعابد وحرث الأرض دون أي مقابل مادي.

ب. سياسة إنكلترا الاستعمارية  في الإقليم:

احتلت بريطانيا الإقليم في سنة م 1824م وعملت على إضعاف مكانة المسلمين فيه، وفي المقابل عملت على دعم وتقوية مكانة البوذيين في كل المجالات، كما أن بريطانيا قامت بضم بورما إلى حكومة الهند البريطانية الاستعمارية، ولقد استمر هذا الوضع حوالي 100 سنة، وفي سنة 1937م جعلت بريطانيا من إقليم أراكان مستعمرة مستقلة عن حكومة الهند البريطانية الاستعمارية وعرفت آنذاك باسم حكومة بورما البريطانية.

ومن الجدير بالذكر أنّ المسلمين تصدّوا للاستعمار الإنجليزي قبل البوذيين، وألحقوا به العديد من الهزائم مما جعل بريطانيا تخشاهم، فبدأت حملتها للتخلص من نفوذ المسلمين حيث عملت على إدخال الفرقة بين الديانات المختلفة وأشعلت الحروب بين المسلمين والبوذيين، وعملت على إضعاف مكانة المسلمين في البلاد من خلال جملة من الإجراءات التعسفية تمثلت أساسا في:

1- طرد المسلمين من وظائفهم وإحلال البوذيين مكانهم.

2- مصادرة أملاكهم وتوزيعها على البوذيين.

3- الزج بالمسلمين وخاصة قادتهم في السجون أو نفيهم خارج أوطانهم.

4- تحريض البوذيين ضد المسلمين ومد البوذيين بالسلاح حتى أوقعوا بالمسلمين مذبحة كبيرة عام 1942م حيث فتكوا بحوالي مائة ألف مسلم في أركان.

5 – إغلاق المعاهد والمدارس والمحاكم الشرعية .

ج. الاستعمار الياباني الجديد لبورما وما جرى بعده من أحداث:

في بداية الحرب العالمية الثانية غزا الجيش الياباني بورما واحتلها لمدة 3 سنوات ( 1942م/1945م )، وقد عمل الإنجليز – كعادتهم في الخبث – على استمالة المسلمين للوقوف في صفهم في محاربة اليابانيين، مقابل وعدهم بالاستقلال بعد الانتصار على الجيش الياباني، ولعب المسلمون دورا رئيسيا في إلحاق الهزيمة باليابان نظراً لمعرفتهم بتضاريس البلاد، وإتقانهم حرب الأدغال حيث عجز الجيش الإنجليزي عن حسم هذه المعركة لولا مهارة المسلمين واستبسالهم في قتال الجيش الياباني.

*ولمّا انسحب الجيش البريطاني من بورما إلى الهند ارتكب اليابانيون والبوذيون البورميون المتحالفون مع الجيش الياباني أعمالاً وحشيةً ضد المسلمين، حيث قتلوا وأحرقوا 307 من قرى المسلمين، وشردوا أكثر من نصف مليون مسلم جراء هذه المجازر التي حصلت في  سنة 1942م.

ومن الملاحظ أنَّ بريطانيا قبل مغادرة أراكان سلّمت زمام أمور أراكان إلى الإرهابي البوذي “أوشوخائن” الذي ارتكب أبشع الجرائم ضد مسلمي بورما.

*وخلال ثلاث سنوات ما بين سنة 1942 إلى 1945 استُشهد في المجازر ما يقرب من 100 مائة ألف مسلم إضافة إلى خمس مائة ألف من المشردين.

*وفي عام 1947م عقد مؤتمر في مدينة (بنغ لونغ) البورمية للتحضير للاستقلال، ودُعيت إليه جميع الفئات والعرقيات إلا المسلمين (الروهينغا) لإبعادهم عن سير الأحداث وتقرير المصير.

*وفي يوم 4 يناير من سنة 1948 منحت بريطانيا الاستقلال لبورما شريطة أنْ تمنح بورما كُلَّ العرقيات الاستقلال عنها بعد عشر سنوات إن رغبوا في ذلك.

و لكن ما إن حصل البورميون على الاستقلال حتى نقضوا عهودهم وعملوا على إحكام قبضتهم على أراكان الإقليم المسلم، متجاهلين حقوق سكان أراكان التاريخية والدينية والثقافية والجغرافية واللغوية والعرقية.

* وعندما تسلم العسكرُ الحكم في بورما من خلال الانقلاب الذي قاده الجنرال “ني وين” في عام 1962م؛ تمّ تشريد أكثر من ثلاثمائة ألف مسلم إلى بنجلاديش المجاورة.

*وفي عام 1982 أُلغيت جنسية المسلمين بدعوى أنهم استوطنوا في بورما بعد عام 1824م (عام دخول الاستعمار البريطاني إلى بورما)  وليسوا من السكان الأصليين .

* وفي عام 1991م شردت بورما حوالي ثلاثمائة ألف مسلم إلى بنجلاديش مرة أخرى.

*كما كانت الحكومة قد أصدرت في عام 1988م بحظر تأسيس مساجد جديدة، أو  إصلاح وترميم المساجد القديمة.

قانونا الجنسية في بورما:

سنَّت الحكومة البورمية عام 1948م  قانونين كانا يكفلان الجنسية للمسلمين هناك، وبعد سنوات أشاعت الحكومة أن في القانونين مآخذ وثغرات، وقدمت في 4 يوليو 1981م  مسودة القانون الجديد الذي ضيق على المسلمين وصدر عام 1982م.

هذا القانون الجديدُ يقسم المواطنين إلى ثلاثة مراتب يكون المسلمون من مواطني المرتبة الثالثة حيث صُنِّفوا على أنهم أجانب دخلوا بورما لاجئين أثناء الاستعمار البريطاني.

وللفئتين الأولى والثانية التمتع بالحقوق المتساوية في الشؤون السياسية والاقتصادية وإدارة شؤون الدولة.

أما الفئة الثالثة: فالجنسية إنما تؤخذ بطلب يقدم للحكومة بشروط تعجيزية.

خلاصة المآسي التي يعانيها المسلمون من قبل النظام في بورما:

أولاً : إلغاء جنسية المسلمين الروهنجيا في أراكان بموجب قانون المواطنة والجنسية والذي وضع في سنة 1982م.

ثانياً: حرمان المسلمين من حرية السفر والتنقل داخل البلد وخارجه.

ثالثاً: اعتقال المسلمين وتعذيبهم في المعتقلات بدون محاكمة.

رابعاً: إجبار المسلمين على القيام بأعمال السخرة دون أجر كتعبيد الطرق وحفر الخنادق في المناطق الجبلية البورمية.

خامساً: تهجير المسلمين وتشريدهم وتوطين البوذيين محلهم.

سادساً: مصادرة أوقاف المسلمين وأراضيهم الزراعية لصالح البوذيين.

سابعاً: نهب أموال المسلمين ومنعهم من الاستيراد والتصدير أو ممارسة الأعمال التجارية.

ثامناً: أبواب الوظائف الحكومة مسدودة أمام مسلمي أراكان والنسبة الضئيلة منهم ممن تقلدوا الوظائف في عهد الاستعمار البريطاني أُجبروا على الاستقالة من وظائفهم.

تاسعاً: وضع العقبات والعوائق أمام تعليم أبناء المسلمين في المدارس والجامعات الحكومية.

عاشراً: عدم السماح للمسلمين بالمشاركة في المؤتمرات الإسلامية العالمية.

موقف العرب والمسلمين من قضية مسلمي الروهينغا:

لابد من الاعتراف أنَّ المآسي التي لَحِقت بالمسلمين في العقود المتأخرة ولاسيما في العصر الحديث بعد الاحتلال الغربي للبلاد الإسلامية والعربية أدى إلى تراجع دور المسلمين في نُصرة إخوانهم في أغلب بقاع الدنيا… وذلك كما حدث في عدم مناصرة المستضعفين في الصومال وبعض بلاد أفريقيا وكذا في البوسنا والهرسك ومسلمي الشيشان وأفغانستان وليست قضية فلسطين التاريخية منا ببعيدة …

وكذلك احتلال العراق من قِبَل أميركا وتسليمها للمحتل الإيراني، وأخيرا وقوف العالم الغربي مدعي حقوق الإنسان في وجه الشعوب العربية المُطالبة بحريتها فيما يُسمى بالربيع العربي، والدعم الغربي المستميت لبعض الحكام العرب وتسليطهم على شعوبهم كدعمه لانقلاب السيسي على شرعية الانتخابات التي قادها مرسي، ومناصرة حفتر، والسعي لتلميع بقايا النّظام في تونس، وما حصل للسوريين كأكبر مأساة شَهِدها التاريخ الحديث… كل هذا جعل نُصرة المُستضعفين في بورما وغيرها بعيدة المنال، ففاقد الشيء لا يُعطيه.

وقد اقصرت نصرة إخواننا البورميين من قِبل بعض المراكز الإسلامية على البيانات المنددة بالاعتداء عليهم، والدعاء لهم، وعلى العموم وبدافع الواقع المرير الذي تعيشه الأمة فهذا هو المستطاع، إذ ليس لهذه المراكز الإعلام الكافي لشرح القضية وتغطيتها من كل الجوانب فضلا عن قدرتهم على إرسال جيوش إلى تلك البلاد كما يطالب بعض المتحمسين، ولا ننسى في هذا السياق بيان المجلس الإسلامي السورية الصادر بتاريخ 15 من ذي الحجة الموافق لـ 6أيلول 2017 والذي دعا فيه الشعوب والحكومات إلى مناصرة إخوانهم هناك وعدم خذلانهم[5].

ولعل أكبر وأبرز جهد رسمي قامت به حكومة إسلامية لدعم القضية “البورمية” هو ما قامت به الحكومة التركية، حيث دعا السيد رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية وأكد في تاريخ /10-9- 2017م/ على أن على المنظمات الدولية، وخصوصا الإسلامية منها أن تقوم ببذل كل الإمكانيات لإنهاء هذا الظلم، والتكاتف والمكافحة معا من أجل إيقافه، وقد زار وفد حكومي تركي رفيع المستوى أماكن لجوء “الروهينغا” في بنغلادش للوقوف على أوضاع المشردين وتقديم الدعم المالي والغذائي والطبي اللازم لهم.

وكان من ضمن الوفد زوجة السيد رجب طيب أردوغان، و نائب رئيس الوزراء التركي، “رجب أقداغ” الذي ذكر أن بلاده قدمت للجانب البنغالي ثلاثة عروض، لإنشاء مركز إيواء ومشافي ميدانية، وحفر آبار لمياه الشرب من أجل خدمة اللاجئين “الروهينغا” في بنغلادش، حيث تضم هذه المراكز إلى جانب مساحات الإيواء، أقسامًا مخصصة لتقديم الخدمات الطبية، مشيراً إلى أن بلاده تخطط لبناء مستشفيين ميدانيين حول المركز.[6]

إيران ودورها الصفوي:

 

 

 

 

 

 

 

مما يؤسَف له أنَّ التَّشيع الصفوي استطاع أنْ يَصِل إلى هناك، وكان همه الأكبر إيصال الصوت الشيعي الصفوي  “حيث مارسوا طقوسهم في الحسينيات التابعة لهم هناك، بالإضافة إلى مسجد كبير لهم، وللمسجد مخازن موقوفة عليه متصلة به، وإضافة إلى هذا المسجد فإنّ للشيعة سبع حسينيات، ولهم جمعيتان: الهيئة العباسية، وجمعية الخوجا الاثني عشرية، ويمارسون طقوسهم في الشوارع في مسيرات جماعية دون أي معارضة أومنع من الحكومة البورمية ولا الرهبان البوذيين، كما يشارك عدد من الشيعة في مدينة “يانغو” و “بروم” في تلك المناسبات.

ويُذكر أنَّ المد الشيعي بدأ يغزو مسلمي بورما بعد أن عقد الرهبان البوذيون وشيوخ الشيعة اجتماعات متكررة في كل من بورما وإيران، وذلك بهدف التعاون على نشر التشيع بين أوساط مسلمي بورما السنيين.

وقد حذر عدد من الناشطين الروهينغا من هذا المد الشيعي، حيث طالبوا الدول الإسلامية بسرعة إقامة مراكز تعليمية في العاصمة البورمية “يانغون”  وفتح مجال الحصول على المنح الدراسية في الجامعات  الإسلامية، وإرسال العلماء والدعاة لإقامة دورات علمية وشرعية للمسلمين هناك”[7] .

مسلمو الروهينغا واستمرار تآمر المجتمع الدولي مع زعيمة ميانمار

لازالت الحرب الدينية البوذية على المسلمين مستمرة مع تأييد مُطلق من ذئاب العالم الذين يدعون الشرف والأخلاق، ولاسيما منصة مجلس الأمن التي لم تستطع إلزام زعيمة ميانمار” أونغ سان سو كي” بإيقاف المجاز وهذا يُذكرنا بحماية هذا المجلس نفسه لنظام بشار ومرتزقته.

ورد فعل منصات الأمم المتحدة الأخرى المعنية بحقوق الإنسان لا يتجاوز الكلام – في حال حصوله – وقد رفضت زعيمة ميانمار أونج سان سو كى تحقيق الأمم المتحدة في الجرائم التي تحدث ضد أقلية الروهينغا، وقالت إن قرار التحقيق “لا يتماشى مع ما يحدث على الارض” ومن الغرائب أنَّ هذه المُجرمة كانت مرشحة من قِبَل بعض المؤسسات لنيل جائزة نوبل للسلام.

مع التذكير بوجود دعم غير محدود من قِبَل إسرائيل التي رأت فيما يحدث فرصةً مناسبة لها لبسط نفوذها، وتغلغلها العسكري والتجاري، حيث العلاقات العسكرية بين إسرائيل وبورما ممتدة منذ الخمسينات حسب التقارير العسكرية، وذلك حين زارت بعثة عسكرية إسرائيلية بورما في عام 1954، وبعد تلك الزيارة بعام باعت إسرائيل لبورما ذخائر ومعدات قتالية وأسلحة خفيفة على مدى عشرات السنوات، .وتلاحقت بعد ذلك شُحُنات الأسلحة وتطوير مُعدّات الجيش البوذي البورمي[8].

ولعل في الصور القادمة من هناك ما يكفي لكشف فظائع الإبادة الممارسة في حق المسلمين من قتل وحرق وتقطيع للأطراف، وهي أشبه ما تكون بالجرائم التي ارتكبها نظام بشار في سجونه ونجد أنفسنا عن التعامل معها إلا بقدر واقعنا المرير.

وقبل الختام علينا ألا نستهين بأي تحرك – مهما ضعف – لدعم قضايا المسلمين حول العالم ولو بالكلمة، فإن الفكرة اليوم إذا اتفقت عليها الجماعات أدت إلى تغيير في الرأي العالمي الذي أصبح سلاحا لا يستهان به.

وإلى أولئك المحبطين الذين يسخرون من التحركات الضعيفة لنصرة إخواننا في بورما أقول: إن واقعة إغلاق المسجد الأقصى في الشهور الماضية منا ليست ببعيدة، فإن جهود الفلسطينيين في مواجهة العدو الإسرائيلي مع الدعم الإسلامي لهم ووقوف بعض الحكومات خلفهم، كل ذلك أدى إلى إرغام العدو الإسرائيلي وإجباره على فتح أبواب المسجد أمام المصلين…

وعلى دعاة الأمة اليوم أن يحافظوا على الشعور الجماعي للأمة وزيادته كنوع من الحفاظ على ثوابت الدين ونصرة المستضعفين، لعل الكلام يتحول يوما إلى أفعال، وتتحول الآمال إلى حقائق، ولا يضيرنا ضعفنا عن النصرة التامة لإخواننا فإن ما لا يدرك كله لا يترك جلّه، ولم يستطع أن يجاهد فلا أقلّ من أن يحدث نفسه بذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: « مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ » رواه مسلم.

 

وفي الختام نسال الله العلي القدير أنْ ينصر إخواننا المظلومين في بورما وفي كل بقاع العالم، ولاسيما في بلاد الشام “سورية ” وأن يفرج عن إخواننا المعتقلين والمحاصرين، وأن يوحد صفوفنا ويجمع كلمة المسلمين، نِعم من يُسأل ربنا وخير مجيب هو.

[1] – الخليج :تُحيطه اليابسة من كامل الجهات ما عدا جزءٍ ضيّقٍ منه ، خليج البنغال هو الخليج المائيّ الأكبر عالميّاً.

[2] – تقع في جنوب شرق آسيا ويبلغ عدد سكانه نحو 7 ملايين نسمة وعاصمتها فيينتيان يسيطر فيه الحزب الواحد على السلطة وأصبحت رسميا دولة شيوعية.  وتصل مساحتها الإجماليّة إلى 236,800 ،  تنتشر في دولة لاوس الديانة البوذية، مع ما يقرب من 30 في المائة من السكان لهم معتقدات وثنية أخرى ،اللغة الأجنبية الأكثر شهرة هي الإنجليزية.

[3] – مجلة البيان http://albayan.co.uk/article2.aspx?id=2177،  ميانمار، http://www.worldmapfinder.com/Ar/Asia/Myanmar/

المصدر : الجزيرة.

http://www.aljazeera.net/news/international/2007/10/1/%d9%85%d9%8a%d8%a7%d9%86%d9%85%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%b9%d9%84%d9%88%d9%85%d8%a7%d8%aa-%d8%a3%d8%b3%d8%a7%d8%b3%d9%8a%d8%a9.

[4] – انظر: الجزيرة نت

http://www.aljazeera.net/encyclopedia/citiesandregions/2015/5/24/%D8%B1%D8%A7%D8%AE%D9%8A%D9%86 ، ماودو http://mawdoo3.com/%D8%A3%D9%8A%D9%86_%D8%AA%D9%82%D8%B9_%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%B1#.D8.AC.D9.85.D9.87.D9.88.D8.B1.D9.8A.D8.A9_.D9.85.D9.8A.D8.A7.D9.86.D9.85.D8.A7.D8.B1

https://www.facebook.com/syrian.islamic.council/photos/a.781137371906199.1073741830.78104692858191 –  [5] 0/1682583055094955/?type=3&theater,

[6] – رنا بريس ،http://www.rna-press.com/ar/news/31823.html

[7] – بتصرف من وكالة أنباء الروهنغا http://www.rna-press.com/ar/news/29707.html.

وموقع المؤتمر الإلكتروني: http://www.almotamar.net/15707.htm.

[8] – بتصرف من الحوار:  http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=112692