المهديُّ بينَ الشِّيعة وأهلِ السُّنة
ديسمبر 1, 2019
“لِتَعَارَفُوا” خطوة نحو المشترك الإنساني
ديسمبر 1, 2019

مَنْهَجِيَّةُ التَّعامُلِ مَعَ أَحادِيثِ الفِتَنِ

د. معاذ الخن – رئيس مجلس الإفتاء السوري

مقدمة

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على نبينا محمد الهادي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعدُ:

فنظرًا للاضطرابات والفتن والحروب التي تعيشها الأمة الإسلامية اليوم وجد كثير من الناس أنفسهم يبحثون في أحاديث الفتن ومرويّاتها، ويلقون السمع لمن يحدثهم بها؛ لعلهم يجدون فيها ما يروي ظمأَ استشراف البشر للمستقبل والتطلع لمعرفته.

وبالنظر إلى الجهل الذي يضرب مجتمعاتنا اليوم أصبحت مرويات الفتن مادة دسمة لكل صاحب هوى وبدعة، يتخذ منها ستارًا يخفي خلفه ولاءه لأهل الظلم والفسق والفجور، أو يسوق من خلالها أهواءه السياسية، بينما وجد فيها أهل الدعة والراحة حجة في القعود عن العمل واتباع أوامر الله، في حين تجد فريقا آخر قد أوغل فيها حتى أصابه اليأس والقنوط.

ومن أعظم المصائب ما نراه في الفضاء الإعلامي من اشتغال بعض الجهلة في تفسير هذه النصوص وإلصاقها بكل حادثة يرونها قصدًا للشهرة وإرضاء لشغف عامة الناس بهذا النوع من المرويات… وذلك هو ما دعا لبيان قواعد أهل السنة في تفسير نصوص الفتن وأشراط الساعة باختصار غير مخلٍّ، يسلِّطُ الضوء على جوانب هذه المسألة لعلها تُعنى بمزيد من الدرس والتفصيل لإعادة الأمور إلى نصابها ولجم الجهل بلجام العلم والمعرفة، وقد تم هذا المختصر من خلال الحديث عن خمس مسائل تغطي جوانب هذا الموضوع، وهي:

المسألة الأولى: معنى الفتنة، المسألة الثانية: الحِكم التي ذكرت من أجلها نصوص الفتن، المسألة الثالثة: ضوابط التعامل مع أحاديث الفتن، المسألة الرابعة: المناهج المخطئة في التعامل مع أحاديث الفتن، المسألة الخامسة: موقف المسلم زمن الفتن.

 

 

معنى الفتنة

وردت هذه اللفظة “الفتنة” بتصريفاتها في الكتاب والسنة على عدة معان([1])، أهمها:

  • الشرك والكفر كما في قوله تعالى {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} [سورة البقرة: آية 193] قال ابن عباس وغيره من التابعين: (أي: شرك)([2])، وقوله تعالى: {ألا في الفتنة سقطوا} [سورة التوبة: آية 43] أي: (في الكفر)([3]).
  • العذاب، قال تعالى: {يوم هم على النار يفتنون} [سورة الذاريات: آية 13] أي: (يعذَّبون، قاله ابن عباس ومجاهد والحسن)([4]).
  • صرف الإنسان وصده عن دينه بالقوة أو بالإغواء، قال تعالى: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك} [سورة الإسراء: آية 73] أي: (يصرفونك)([5]) وهذا المعنى من أكثر المعاني استعمالًا في القرآن الكريم.
  • الضلال والانحراف، قال تعالى: {فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم} [سورة الصافات: آية 161 – 163] أي: (ما أنتم عليه بمضلين)([6]).
  • الابتلاء والاختبار، قال تعالى: {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم} [سورة العنكبوت: آية 2 – 3] أي: (يبتلون ويختبرون، ولقد اختبرنا من قبلهم)([7]).
  • اختلال الأمور: ما يحدث من اختلال في الأمور وابتلاءات عامة قبل قيام الساعة، فيكون من أشراطها -أي: علاماتها- كخروج الدابة والدجال والاقتتال…إلخ، وعلى هذا بوَّب المحدّثون للفتنة في كتبهم كما في (كتاب الفتن) من صحيح البخاري، وكذلك (كتاب الفتن) في صحيح مسلم وغيرهما من أمهات كتب الحديث.

مما سبق تبين أن الأصل في معنى الفتنة لغةً الاختبار، ثم استعملت في المعاني الأخرى، قال ابن حجر: (إنّ أصل الفتنة الاختبار، ثم استعملت فيما أخرجته المحنة والاختبار إلى المكروه، ثم أطلقت على كل مكروه أو آيل إليه كالكفر والإثم والتحريق والفضيحة والفجور وغير ذلك)([8]).

وإن المعنى المراد ببحثنا هو الأخير أي ما يحدث من أمور كبرى فيها اختلال وتنازع واقتتال، ويعبر عنها بالفتن، وهي التي تكون بين المؤمنين -أي داخل مجتمعاتهم- بينما الملاحم تكون بين المؤمنين وغيرهم من الأمم([9])، وإن كان يدخل فيها معان أخرى كالابتلاء والصد عن سبيل الله والمعاني الأخرى، كما أن الفتن التي يدور حولها بحثنا الفتن العامة لا الفتن الخاصة التي لا يخلو منها أحد.

 

 

الحكم التي ذكرت من أجلها نصوص الفتن

كثيرون أولئك الذين يتساءلون عن الحكمة من ذكر القرآن والسنة لأمور المستقبل التي سيراها المؤمنون في قادم أيام الدهر، ويتساءلون عن الحكمة من الإخبار بفتن آخر الزمان والنص على بعض أسبابها ومعالمها، وسأذكر الآن -بما يسمح به المقام- من حكم الشرع ما يشفي صدور قوم مؤمنين:

  • ترسيخ عقيدة الإيمان بالغيب: ومن أهم ذلك الإيمان باليوم الآخر، قال تعالى: {ألم، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين، الذين يؤمنون بالغيب} [سورة البقرة: آية 1 – 2] والفتن من علامات قرب يوم القيامة ومن الغيب الذي أخبرنا به ويجب علينا الإيمان به.
  • الدلالة على قدرة الله تعالى: فقد أخبر القرآن الكريم عن الدّابة في قوله تعالى: {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابّة من الأرض تكلمهم أنّ الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون} [سورة النمل: آية 82] فهي آية من آيات الله للدلالة على قدرته، فالدابة لا تعقل ولا تنطق عادة، وهذه الدابة التي يخرجها الله تعالى آخر الزمان تعقل وتنطق، فهي كما جاء في الآية تكلم النّاس، وقد ورد في الأحاديث الصحيحة أنها تَسِمُهم، قال ابن عباس: (كلًّا تفعل، أي المخاطبةَ والوسمَ)([10]).
  • التدليل على صدق القرآن والسنة: هذه النصوص هي حديث عن المستقبل، فإذا وقعت كما أخبر عنها كانت دليلًا على مرجعية الرسالة وبرهانًا على صدق الرسول عليه الصلاة والسلام، ومثاله قوله تعالى: {ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانًا وتسليما} [سورة الأحزاب: آية 22].
  • كيفية التعامل معها إذا وقعت: من فوائد ذكر أحاديث الفتن إرشاد الناس إلى كيفية التعامل معها إذا وقعت:
  • فقد يكون النص توجيهًا كقوله عليه الصلاة والسلام: ((يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا))([11]) وزاد في صحيح مسلم: ((فإذا سمع به الناس ساروا إليه، فيقول من عنده: لئن تركنا الناس يأخذون منه ليُذهبنّ به كله، قال: فيقتتلون عليه فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون))([12]) فالحديث جمع إخبارين: انحسار الفرات عن جبل من ذهب وحصول مقتلة كبيرة عند ذلك، وذكر توجيهًا بعدم الأخذ والمشاركة، قال القسطلاني: (فلا يأخذْ منه شيئًا بجزمِ “فلا يأخذ” على النهي، وإنما نهى عن الأخذ منه لما ينشأ عن الأخذ من الفتنة والقتال عليه)([13]).
  • وقد يكون حكمًا شرعيًّا، جاء في أحاديث الدجال: ((يمكث في الأرض أربعين يومًا، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كأسبوع، وباقي أيامه كسائر أيامكم، فقالوا: يا رسول الله هل يكفي في اليوم الذي كسنةٍ صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره))([14]) قال النووي في شرحه للحديث: (ومعنى اقدروا له قدره: أنه إذا مضى بعد طلوع الفجر قدر ما يكون بينها وبين الظهر كل يوم فصلوا الظهر، ثم إذا مضى بعده قدر ما يكون بينها وبين العصر فصلوا العصر… إلخ)([15]) ويمكن تقدير ذلك في هذه الأيام عن طريق التقويم وضبط الوقت بواسطة الساعة.
  • وقد يكون تجلية لحقيقة قدريَّة كما جاء في الحديث ((ويح عمار تقتله الفئة الباغية))([16]) وقد ورد أن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه كف سلاحه يوم الجمل حتى قُتل عمار بصفِّين، فسلَّ سيفه فقاتل حتى قتل وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تقتل عمارًا الفئة الباغية))([17]).
  • وقد يكون عهدًا خاصًّا كما جاء في الحديث عن حصار عثمان رضي الله عنه: ((قال عثمان يوم الدار: إن رسول الله قد عهد إليّ عهدًا؛ فأنا صابر عليه))([18]) وهذا العهد ألا يسلّ السلاح ولا تراق بسببه محجنة دم كما في بعض الروايات.
  • التنصيص على خاصية بعض البقاع مثل:
  • بيان فضل بعض الأماكن عمومًا، وذلك كفضل المدينة عمومًا وفي الفتن خصوصًا كما جاء في بعض الأحاديث: ((والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون))([19]) وحديث ((إنَّ الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها))([20]).
  • وبيان فضل بعضها على وجه الخصوص أي وقت وقوع الفتن؛ فليست أفضلية عامة من كل وجه، فبلاد الشام عمومًا وبعض مدنها خصوصًا كدمشق مثلًا هي فسطاط المسلمين يوم الملحمة الكبرى، والأحاديث في فضائل الشام في الملاحم والفتن كثيرة، منها حديث عبد الله بن أبي حوالة الذي جاء فيه أن النبيَّ عليه الصلاة والسلام قال: ((ستجنّدون أجنادًا بالشام وأجنادًا بالعراق وأجنادًا باليمن، فقلت: خر لي يا رسول الله، فقال: عليكم بالشام، فمن أبى فليلحق باليمن وليَسْقِ من غُدره، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله))([21]).
  • والتحذير الخاص من بعض المناطق دون ذم مطلق لها، منها جهة المشرق كالعراق وما يليها من بلاد العجم كبلاد فارس وكانت تدعى عراق العجم، فقد جاء في الحديث قوله عليه الصلاة والسلام ((الفتنة من ههنا -كررها وأشار إلى المشرق- من حيث يطلع قرن الشمس))([22]) وفي رواية ((قرن الشيطان)).
  • إرواء حاجة التطلع إلى المستقبل من مصدر أمين: إن التطلع إلى المستقبل حاجة بشرية مُلحَّة، وإن ثقافة التساؤل واستشراف المستقبل أحد أهم أسباب البحث والتقدم العلمي والاختراع، وهي من أهم ما يشغل أفكار الأمم الإنسانية جمعاء، وإن الأخبار النبوية عن بعضها تقطع الطريق على السبل الفاسدة لاستقراء المستقبل والإخبار به كالعرافة والتنجيم وادعاء علم الغيب، وإن من أبرز ما يُظهر إلحاح الإنسان لمعرفة المستقبل ما رأيناه من اهتمام غربي كبير بنبوءات المنجم اليهودي (ميشيل نوسترا داموس)، فهذا الاسم برز بشكل ملحوظ مؤخرًا خاصة مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر إذ حظيت كتاباته بانتشار كبير، وشاع طرح تنبؤاته في مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة.
  • فتح باب الأمل، ومنه:
  • الاستبشار بحسن العاقبة: فهو يزود المؤمنين بطاقة كبيرة للإنجاز والاستمرار والصبر، فقد نزل قوله تعالى في يوم بدر {سيهزم الجمع ويولون الدبر} [سورة القمر: آية 45] فرفع المعنويات وثبت الأقدام، ومن ذلك حديث قتال المسلمين لليهود آخر الزمان: ((لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله! هذا خلفي يهودي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود))([23]) فهذا الوعد يدل على أن النّصر سيكون بكرامة خارقة للمؤمنين، وقد يكون ذلك لتمكن اليهود وانحياز العالم لهم وقلة المؤمنين الصادقين الذين يقاتلونهم، وهذا النطق حقيقيٌّ وليس مجازيًّا؛ لأنه لو حمل على المجاز لم يبق لاستثناء شجر الغرقد أي معنى، ولما كان لانتصار المؤمنين على اليهود بطريقة تقليدية عادية أي دلالة على قرب الساعة، فقد قاتلهم المؤمنون مرارًا وانتصروا عليهم لكن ليس على هذا النحو.
  • والاستبشار بقدرة المؤمن على مواجهة فتنة الدجال في حديث الرجل الذي يقتله الدجال ويقطعه جزلتين، فيخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن الرجل المؤمن يقول: ((أشهد أنك الدجال الذي حدثنا عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه))([24]) فقد أعانت أحاديث رسول الله عن الفتن والدجال هذا المؤمن على معرفة الدجال والصبر والثبات في الفتنة الكبرى.
  • وكذلك حديث فتح القسطنطينية الذي كان حافزًا لكثير من الخلفاء في وقت مبكر لتجهيز الجيوش والتوجه لفتحها حيث جاء في الحديث ((لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش))([25]).

 

 

ضوابط التعامل مع أحاديث الفتن

الضابط الأول: يبنى العلم على التثبت، ويبنى التنزيل على الحلم والروية.

إن الواجب على المشتغل بعلم علامات الساعة ووقائعها أمران اثنان:

الأول: التثبت من صحة النّص معتمدًا على قواعد المحدثين في التصحيح والتضعيف.

الثاني: التريث في تنزيل الخبر على الواقع لئلا يكذِّب الله ورسوله، فقد يلزم من تنزيله الحديث على واقعة ما من غير تثبت مواقف وأحكام، وحمل الناس على العمل بغير هدى، كما قد يتسبب تنزيله الخاطئ للأخبار بإراقة دمائهم واستباحة أموالهم، وقد امتدح النبي صلى الله عليه وسلم أشج عبد القيس فقال: ((إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة))([26]) وإذا كانت هاتان الخصلتان ممدوحتين في كل شأن فإنهما في الفتن تكونان أشد مدحًا وأكبر أثرًا، ولعل في حديث المستورد ما يشير إلى قدر الحلم والأناة كما في صحيح مسلم: ((أن المستورد القرشي تحدث بوجود عمرو بن العاص رضي الله عنه فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تقوم الساعة والروم أكثر الناس)) فقال له عمرو: أبصر ما تقول، فقال: أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمرو: لئن قلت ذلك فإن فيهم لخصالًا أربعًا: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرّة بعد فرّة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك))([27]) فقوله ((إنهم لأحلم الناس عند فتنة)) يعني أنهم لا يتعجلون ولا يغضبون ولا يُستفزون، بل يحافظون على عقولهم وحسن تفكيرهم، فيجنبون قومهم القتل والفتن، ويتخذون الموقف الصحيح السليم، ولعله يكون سبب حفظهم واستمرارهم، ولقد وصف حذيفة الفتن فقال: ((تُشْبِه مقبلةً وتبيَّن مدبرةً))([28]) ولقد سأل حفص بن غياث سفيانَ الثوري عن المهديِّ فقال له: ((إن مرّ على بابك فلا تكن منه في شيء حتى يجتمع الناس عليه))([29]).

وإن التريث لا يمنع أن ينزل العالم الخبر على الواقعة إذا تحققت معالمها الواضحة أو كانت متسلسلة بأن سبقها ما يثبتها على وجه اليقين، ومما ذكره النبيُّ عليه الصلاة والسلام مرتبًا ظهور الدجال قبل نزول المسيح، وكلاهما قبل يأجوج ومأجوج، فلو حصل أحدها فسوف يتبعه الآخر، ومثله انحسار الفرات عن جبل من ذهب فإنه لو حصل يمكن للقائل أن يقول: إن مقتلة كبيرة سوف تقع، ويمكن أن ينبه النّاس ألا يشاركوا فيها وألا يأخذوا منه شيئًا كما في الحديث.

الضابط الثاني: مراعاة النسبية الزمانية فيها.

جاء عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في الحديث أنه قال: ((بعثت أنا والساعة كهاتين، وضم السبابة والوسطى))([30]) وجاء في حديث آخر عن الساعة: ((أنها كالحامل المتمّ التي لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادها ليلًا أو نهارًا))([31])، وضرب الأمثال لهذا المعنى كثير في الأحاديث النبوية، فإذا كان عليه الصلاة والسلام قد قال هذا قبل أربعة عشر قرنًا فالأمر نسبيٌّ إذا ما قُورِن بعمر البشر على الأرض وما بقي مقارنة بما مضى، وكل آتٍ قريب كما يقال، وبالأخص الفتن الكبرى كالدجال ويأجوج ومأجوج فهي من هذا القبيل في نسبية الوقت.

الضابط الثالث: اعتبار جميع الصفات.

ما ذُكرت فيه عدة صفات لا يكفي في التنزيل قيام بعضها وانتفاء بعض آخر، فلا بدّ من اجتماعها جميعًا، ومنه قول بعضهم في عمر بن عبد العزيز إنه المهديُّ كما نقل ذلك عن الحسن البصري وسعيد بن المسيب([32])، فقد اجتمعت في عمر بعض الصفات وتخلفت عنه بعض الصفات، فممّا تخلف عنه أنّ اسم المهدي (محمد بن عبدالله) وأنه من ولد فاطمة رضي الله عنها، فهذان لم يتحقّقا فيه، وهذا ما حمل ابن القيّم على القول: (لا ريب أنّه كان راشدًّا مهديًّا، ولكن ليس بالمهديِّ الذي يخرج في آخر الزمان)([33]).

الضابط الرابع: ليس من الضرورة ربط كل فتنة بنص أو البحث لها عن حديث.

عندما تقع حادثة كبيرة يُهرع الناس إلى أحاديث الفتن لعلهم يجدون لها ذكرًا أو إشارة، وهذا لا بأس به لكن إذا لم يجدوا فينبغي ألا يتكلفوا، فليس كل ما حدث أو سيحدث قد أشارت إليه النصوص، وكم من حوادث كبرى مرت على المسلمين ليس لها ذكر في السنة، من ذلك ما فعله القرامطة من قتل الحجيج في مكة واقتلاعهم الحجر الأسود وأخذهم له والحروب الصليبية، فلا يصح التكلُّف في تنزيل النصوص بِلَيّ أعناقها لتخدم حادثة بعينها.

الضابط الخامس: إعطاء كل تنزيل للنصوص حقه من القطع أو الظن.

يمكن للباحث في أحاديث الفتن القطع في أمر حدث وقد استكمل الأوصاف كحديثه عليه الصلاة والسلام عن الحسن رضي الله عنه: ((ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين))([34])، فنحن نقطع أن المراد هو الصلح الذي جرى بين الحسن ومعاوية رضي الله عنهما، وتنازل فيه الحسن رضي الله عنه عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان عام 41هـ، وسُمِّي ذلك العام عام الجماعة، ويمكن القطع بأنّ المقصود من حديث ((أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم فقال: هل ترون ما أرى؟ قالوا: لا، قال: فإني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر)([35]) ما وقع وجرى بين الصحابة رضوان الله عليهم من فتن واقتتال في أواخر خلافة عثمان وفي خلافة علي رضي الله عنهما وما حصل بعد ذلك، قال النووي في شرحه لهذا الحديث: (والتشبيه بمواقع القطر في الكثرة والعموم، أي إنها كثيرة وتعم الناس لا تختص بها طائفة، وهذا إشارة إلى الحروب الجارية بينهم كوقعة الجمل وصفين والحرّة ومقتل عثمان ومقتل الحسين رضي الله عنهما، وهي معجزة ظاهرة له صلى الله عليه وسلم)([36]).

وإذا لم يستكمل الأمر أوصافه وكان محتملًا لهذا الحدث وغيره فلا نقطع به، ويجوز التنزيل على سبيل الظن، مثاله ما صح من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما في قصة مقتل ابنها عبدالله بن الزبير، فقد وقفت وخاطبت الحجاج فقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا فقال: ((إن في ثقيف كذّابًا ومبيرًا، فأمّا الكذاب فرأيناه -وتعني المختار بن أبي عبيد الثقفي- وأما المبير فلا إخالك إلا إياه))([37]) فجزمت في الأول ولم تجزم في الثاني، والمبير: المهلك، وكذلك ظن الصحابة رضي الله عنهم أنّ ابن صياد هو الدجال الذي نعته لهم عليه الصلاة والسلام، ولم يَجزموا في أمره إثباتًا ولا نفيًا([38]).

الضابط السادس: لا يمنع الحديث عن الفتن من باب التحذير، لكن مع عدم الخوض في التنزيل على الواقع.

الأحاديث العامة التي جاءت بأوصاف يمكن أن توجد في كل عصر مع اختلاف نسب وجودها بحيث تصبح ظاهرة عامة في عصر دون عصر ينبغي ذكرها وتحذير الناس من الوقوع في المحظورات التي نصت عليها، فقد جاء في بعض الأحاديث: ((إذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة، فقيل: كيف إضاعتها؟ قال: إذا أسند الأمر إلى غير أهله))([39]) ولكن إذا ترتَّب على التحديث بها سوء فهم أو فتنة أو تكذيب فالأولى الإمساك عن التحديث بها كما قال أبو هريرة رضي الله عنه: ((حفظت من رسول الله جرابين: فأمَّا أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم))([40]) وهكذا فعل حذيفة بن اليمان عندما أومأ إلى الباب الذي يكسر ولا يغلق في الفتنة عندما سأله عمر رضي الله عنه([41])، والذي حمل حذيفة على كتمان بعض ما أخبره به النبيُّ -عليه الصلاة والسلام- ما يترتب على التحديث بذلك من فتن كبيرة، وعلى العموم من أراد تحذير الناس من الفتن ينبغي أن يكون حكيمًا بحيث لا يوقع الناس في اليأس والقنوط؛ فيتركوا العمل.

الضابط السابع: ما أشكل علينا تأويله نكل علمه إلى الله تعالى.

على المسلم ألا يتعجل في إنكار ما ثبت من أحاديث الفتن ثبوتًا صحيحًا، وألا يتكلف تأويله بناء على الواقع الذي يعيشه، فإن الواقع يتطور ومفردات الأشياء التي يتعامل بها البشر تتغير، وفي هذا يقول الإمام الغزالي رحمه الله: (لو سكت من لا يعرف قلَّ الاختلاف، ومن قصر باعه وضاق نظره عن كلام العلماء فما له وللتكلم فيما لا يدريه والدخول فيما لا يعنيه؟)([42])، ومثال ذلك ما ورد في وصف الاقتتال آخر الزمان والأسلحة التي يستعملونها كالسيوف والتروس والرماح والخيول، فقد ورد ذلك في أحاديث صحيحة منها في صحيح مسلم ((وقد علقوا سيوفهم بالزيتون))([43]) فبعضهم يرى أن التقدم الذي عليه البشر سيزول، وستدمر البشرية نفسها ويعود الناس كسابق عهدهم في الحروب وأدواتها، وبعضهم يتأوّل هذه الأوصاف ويجعلها من باب ضرب المثل فتعليق السيوف أي السلاح الفردي مثلًا وهكذا، ونحن نقول: الله أعلم والخوض في هذا لا يقدم ولا يؤخر، فإذا وقع الأمر كان على المسلمين أن يعدوا ما استطاعوا من قوة بحسب عرف ووسائل زمانهم.

الضابط الثامن: لا نعطل الأمر الشرعيَّ تذرعًا بالخبر القدريِّ.

حصل الخلط بين الخبر القدريِّ والأمر الشرعيِّ من كثير من الناس في عصرنا نظرًا للجهل الذي يشيع في طوائف من الناس، فتجد من يعطل الأحكام ويترك العمل انتظارًا للمهدي، وتجد من الناس من خالطه اليأس وترك السعي بحجة أن الأمور تمضي نحو النهاية؛ فلا فائدة من طلاء سفينة آيلة للغرق، متناسيًا قوله عليه الصلاة والسلام: ((إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها))([44])، ومنهم من جلس ينتظر الخوارق والمخلّص البطل، فعطّل دوره ونسي أن الحياة ابتلاء للجميع وأن من بشّر بهم عليه الصلاة والسلام سيولدون ولادة طبيعية، ويمضون وفق السنن الربانيّة ويصنعون قيادة لقاعدة صلبة موجودة ولأمة استكملت شروط النصر وبقي من يقودها إليه، وبعضهم وقع أسير وهْمِ العجز وعدم القدرة على فعل أي شيء في حالة من الجبريَّة القاتلة، وقد تجد بعضهم يعيش عقدة المؤامرة في كل الأمور، فلا ينطلق إلا منها ولا يفسر الأحداث إلا على ضوئها، فتضيق عنده فرجة الأمل في التغيير والتمكين.

وإن من أشكال تجاوز الشرع في ذلك أن يُرتكب المحرم شرعًا بذريعة التوصل بذلك إلى دفع الفتن ومنع أسبابها، وليس ذلك من الشرع في شيء؛ فقد امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل ابن صياد رغم ما كان يعمله، وقد اشتبهوا أنه الدجال فقال عليه الصلاة والسلام لعمر: ((إن يكنه فلن تسلط عليه))([45])، ولم يقتل مسيلمة وقد وفد عليه مع قومه بني حنيفة في آخر حياته عليه الصلاة السلام؛ لأنه لم يفعل ما يوجب قتله وإن علم أنه في المستقبل ستقع على يديه فتنة كبيرة([46])، وقد اعترض على قسمته ذو الخويصرة فقال: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، فلما قفَّى قال عليه الصلاة والسلام: ((يخرج من ضئضئ هذا قوم تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم)) إلى أن قال: ((يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة، والله لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد وإرم))([47]) والمراد بهؤلاء الخوارج، فقد علم عليه الصلاة والسلام فيما علّمه الله أن من نسل هذا ستكون بداية فتنة الخوارج ومع ذلك لم يأمر بقتله، ومن جهلة الشيعة الروافض اليوم من يقتلون الأبرياء بحجة أن المهدي يخرج عند كثرة الهرج والقتل فيكثرون القتل تعجلًا لخروجه، ومنهم من يسمح أو يبرر هجرة اليهود إلى فلسطين بدعوى جمعهم لتقع عليهم الملحمة الكبرى آخر الزمان، وهذا أمر محرم شرعًا ولا يسوِّغه الخبر القدريّ.

أما إذا كانت أسباب دفع الفتن مشروعة فالإتيان بها موضع اجتهاد؛ فقد امتنع عن قتل المنافقين لئلا يقال: إن محمدًا يقتل أصحابه، وحرق مسجد الضِّرار الذي بناه المنافقون.

وليس من الضرورة أن يكون كل وصف أو شرط ذكر في أشراط الساعة شرًّا يتَّقى أو فسادًا يمنع، فقد يكون مجرد علامة، والمعول في ذلك على التحذير مما وراءه، وأما هذا الأمر فيبقى على حكمه الأصليِّ شرعًا، ومثاله حديث ((لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا))([48]) فزراعة الأرض واستصلاحها رغبت فيه الشريعة، فهذا مما يمدح ولا يذم، وذكره هنا مجرد علامة، وكذلك صدق رؤيا المؤمن كما في الحديث ((إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثًا…))([49])، فوقوع الرؤيا في الواقع كما رئيت وعبّرت مما يمدح ولا يذم.

 

 

المناهج المخطئة في التعامل مع أحاديث الفتن

نجد لدى قلة من الأقدمين وكثير من المحدثين نماذج للخطأ في التعامل مع أحاديث الفتن وعلامات الساعة؛ ذلك أنهم استندوا في ذلك إلى قواعد خاطئة، أو حكَّموا العقل فيما لا حكم له فيه أحيانًا، وسأذكر صورًا من تلك الأخطاء ونماذج لها، فمن تلك الأخطاء:

  • تكذيب النصوص الصحيحة أو إنكارها.

مثال ذلك ما فعله ابن خلدون ومن تبعه من المعاصرين من إنكاره لأحاديث المهدي مع أنها صحيحة رواها ما يزيد على ثلاثين صحابيًّا، وهي مرويَّة في صحيحي ابن حبان وابن خزيمة ومستدرك الحاكم، وفي سنن أبي داود وابن ماجة والترمذي والنسائي والدارقطني، وفي المسانيد كمسند أحمد والبزار وأبي يعلى وعبد بن حميد وأبي عوانة، وفي مصنفي ابن أبي شيبة وعبدالرزاق الصنعاني ومعاجم الطبراني الثلاثة، وفي كتب الرجال والسير والتاريخ كتاريخ ابن عساكر وابن الجوزي وطبقات ابن سعد ودلائل النبوة للبيهقي، ورواها ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار، واحتج بها كبار الأئمة من الفقهاء والمحدثين والمفسرين والمؤرخين، بل أفردها بعضهم بالتصنيف كنعيم بن حماد وأبي داود السجستاني وأبي نعيم الأصبهاني وابن كثير وأبي زرعة العراقي والسخاوي والسيوطي وابن حجر الهيتمي والملا علي القاري والبرزنجي والصنعاني والسفاريني والشوكاني ومحمد صديق خان وغيرهم، بل جزم بصحتها كثير منهم كابن تيمية في (منهاج السنة النبوية)، ومثله القاضي عياض في (الشفا)، والقرطبي المفسر وابن حجر في (فتح الباري)، وجزم الشوكاني والبرزنجي والسفاريني والكتاني بتواترها (التواتر المعنوي)، قال الشوكاني: (والأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثًا، فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يصدق وصف التواتر على ما دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول)([50]) وقال المحدث صديق حسن خان القنوجي: (والأحاديث الواردة في المهدي -على اختلاف رواياتها- كثيرة جدًّا تبلغ حدَّ التَّواتر)([51]) ويقول المحدث الكتاني: (الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة)([52]) وليس المجال هنا لسرد هذه الأحاديث ومناقشة المخالفين وبيان الفرق بين مهدي السنة ومهدي الشيعة فهذا يحتاج إلى بحث خاصّ.

  • رد بعض الأحاديث الصحيحة بدعاوى مختلفة.

من ذلك رد حديث الزبير بن عدي: أتينا أنس بن مالك رضي الله عنه فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج فقال: ((اصبروا، فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شرٌّ منه حتى تلقوا ربكم، سمعته من نبيّكم صلى الله عليه وسلم))([53]) فمع أنه حديث صحيح ردَّه بعضهم بحجة أنه يوقع في اليأس والإحباط، وكذلك احتجوا بأنّ الواقع التاريخي يخالفه؛ فقد كان عهد عمر بن عبد العزيز خيرًا من العهد الذي قبله باتّفاق، وسيأتي عهد عيسى عليه السلام والمهدي فيكون خيرًا من زمن الدجال والذي قبله، ولقد أورد هذا الإشكال ابن حجر([54])، فبين أن المقصود بالزمان المذكور عصر الصحابة لأنهم هم المخاطبون بهذا اللفظ ((لا يأتي عليكم))، وهذا ما حمل ابن حبان على القول في صحيحه: إن هذا ليس على عمومه بل هو من العام المخصوص، وحمله الحسن البصري على الأغلب، أو يحمل على المجموع لا الجميع؛ فقد كان في عهد الحجاج جماعة من الصحابة.

  • مصادمة القطعي من النصوص.

من الصور الخاطئة للتعامل مع أحاديث الفتن وأشراط الساعة الاعتماد على روايات تخالف القطعي من أمور ديننا، مثال ذلك حديث أناسٍ عن عمر الدنيا وميعاد قيام الساعة، سواء أكان اعتمادهم على الأحاديث الواهية أو حساب الجمّل أو الرؤى أو التأويل، فهذا البحث مرفوض من أصله لأنه يناقض القطعيّات في الكتاب والسنة ثبوتًا ودلالةً؛ ذلك أن الله استأثر بعلم الساعة ولم يُطلع عليها ملكًا مقرّبًا ولا نبيًّا مرسلًا، قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} [سورة الأعراف: آية 187] وقد استدل البعض لتعيين وقت قيام الساعة بما روي على أنه حديث ((الدنيا سبعة آلاف سنة))، وهو ما بين موضوع وشديد الضعف بلا شك، حتى إن من رواه من المحدثين كالحاكم وغيره نقله على أنه من كلام اليهود وليس من كلامه عليه الصلاة والسلام، ولا تصح مقولتهم تلك لمصادمة القطعيِّ من نصوصنا، وقد وقع بعض أفاضل العلماء في هذا الخطأ كالإمام السيوطي في كتابه (الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف)([55]) فتحدث عن تواريخ لقيام الساعة، وإن مصادمة هكذا مرويّات لقطعيّات الدين من علامات الحُكمِ الظاهر على الرواية بالوضع أو الضعف عند أهل السنة.

  • الاعتماد على الأحاديث الواهية أو الموضوعة.

من الصور الخاطئة لإثبات الفتن وأشراط الساعة الاعتماد على المرويات الواهية والموضوعة في ذلك، ومنها كتاب الفتن للإمام نُعيم بن حمّاد المروزي 229هـ؛ فقد تكلم في ذلك كثير من أهل العلم، قال الإمام الذهبي: (نُعيم من كبار أوعية العلم لكن لا تركن النفس إلى رواياته)([56]) ثم قال: (وقد صنف في الفتن، فأتى بعجائب ومناكير)([57])، وهذا ما حمل كبار المحدثين كالخطيب البغدادي على التحفظ على الكثير مما ورد في الفتن والملاحم وأشراط الساعة فقال: (وليس يصح في ذكر الملاحم المرتقبة والفتن المنتظرة غير أحاديث يسيرة اتصلت أسانيدها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من وجوه مرضيّة وطرق واضحة جليّة)([58]).

  • تحريف دلالات النصوص بالتأويلات البعيدة الفاسدة.

جاء في الحديث الذي ذكره ابن القيم وصححه لتعدد طرقه، ونقل تصحيح أحمد له عن إبراهيم بن عبدالرحمن العذري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين)) قال ابن القيم: (فأخبر أن الغالين يحرفون ما جاء به، والمبطلون ينتحلون بباطلهم غير ما كان عليه، والجاهلون يتأوّلونه على غير تأويله، وفساد الإسلام من هذه الطوائف الثلاثة)([59]) فمن أوّله على وجهه فهو الحقّ، ومن أوّله على غير تأويله فقد افترى على الله ورسوله، فكيف إذا اجتمع مع سوء الفهم والتأويل سوء القصد؟

ومن تلك التفسيرات الفاسدة تأويل الأحاديث التي جاءت في الأعور الدجال بأن المقصود بها المدنية الغربية؛ فهي تنظر إلى الإنسان بعين المادة وتغفل الجانب الروحي فيه، فهي حضارة عمياء…، هذا التأويل مخالف لما أثبتته الأحاديث التي يُحكم عليها بالتواتر المعنويِّ بمجموعها من أن الدجال رجل فرد يغدو ويروح، ويتكلم ويفعل، ويرغِّب ويرهب، ويجادل ويماري، ثم يُقتل بحربة نبيِّ الله عيسى عليه السلام.

ونرى اليوم عشرات من الكتب المعاصرة للحداثيين والعلمانيين التي تَكلَّف أصحابها تنزيل النصوص على الوقائع بتأويلات فاسدة بعيدة، يدفعهم لهذا حبّ الظهور وإشغال الأمة والكسب الماديّ المحرم؛ والمؤسِف أن الكتب التي يؤلفها هؤلاء السفهاء تجد رواجـًا كبيـرًا عند العوام.

ومما يدخل في هذا الباب ما يراه الباحث المسلم في كتب الملاحم والفتن من عجائب الإسرائيليات المنقولة عن كتب اليهود والنصارى، فقد توسع بعض المشتغلين بأخبار الفتن في رواياتها ولم ينضبطوا بضوابط التحديث بها فجمعوا ما هبّ ودبّ، ولم يقف الأمر عند مجرد الاستئناس بها بل صارت مجالًا للاستدلال بها كذلك عند قوم، وهذه آفة قديمة ذمها الخطيب البغدادي فقال: (ونظير ما ذكرناه آنفًا أحاديث الملاحم وما يكون من الحوادث، فإن أكثرها موضوع وجلّها مصنوع كالكتاب المنسوب إلى دانيال)([60]) وبعضهم يعوّل كثيرًا على أسفار كتب النصارى والعهد القديم، ومن الإسرائيليات تفسير دانيال وتفسير أشعيا وتفسير حزقيال.

  • الاعتماد على طرق ليس لها قيمة علمية.

من ذلك الاعتماد على حروف (أبي جاد)، والمراد بها (أبجد هوز…إلخ)، وكانت تستخدم طريقة حسابية للعد، ولو بقي الأمر هكذا فلا غضاضة فيه، فهو عدٌّ اصطلاحي، واستعمله الآراميون والأنباط واليهود، وقد استعمله المسلمون في نظمهم ونثرهم كما قال ابن الجزري في منظومته في التجويد: (أبياتها قاف وزاي في العدد) أي عدد أبياتها مائة وسبعة، فالقاف مائة والزاي سبعة، لكنْ أن تفسر النصوص الدينية بانتقاء بعض كلماتها وعدها على هذا النحو فهذا عدوان على النصوص لا مستند له ولا دليل، وهو من قبيل التفسير الباطني المرفوض، ومنه ما ورد في (الجفر) الذي ينسب زورًا لجعفر الصادق، وهو من وضع هارون بن سعيد العجلي، وهو مشحون بالغيبيات التي يقوم كثير منها على هذه الطريقة الفاسدة، ورووا في ذلك أحاديث منكرة موضوعة في الحث على تعلم طريقة (أبي جاد) واعتمادها في التفسير، وفي ذلك يقول ابن حجر: (هو باطل لا يعتمد عليه، ولا أصل له في الشريعة)([61])، ومنهم من زعم أن الساعة تقوم سنة (1407هـ) بناء على قوله تعالى: {لا تأتيكم إلا بغتة} بناء على حساب حروف كلمة {بغتة} بطريقة عدّ أبي جاد، ومن ذلك تخرص رشاد خليفة (البهائي) باعتباره عام (1710هـ) هو عام قيام الساعة بناء على حساب الجمّل.

وكذلك من الوسائل التي لا تُعد من قواعد العلم ما سلكه بعض الباحثين في الأحاديث التي جاءت لضرب المثل، ومنها الحديث الذي جاء فيه ((إنما أجلكم فيما خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس، وإنما مثلكم ومثل اليهود كمثل رجل استأجر أجراء فقال: من يعمل من غدوة إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟ فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط؟ فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل من العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين قيراطين؟ فأنتم هم))([62])، فأخذ يعمل حسابيًّا على عمر أمة اليهود وعمر أمة النصارى، فتبين له أن عمر أمة الإسلام بناء على هذا الحديث (900سنة)؛ ذلك أنه عدَّ عمر أمة اليهود يعادل مجموع عمر أمتي النصارى والإسلام، فيكون (1500سنة) عمر أمة اليهود – (600سنة) عمر أمة النصارى= (900سنة) عمر أمة الإسلام، ولما لم يتم له ذلك في الواقع أضاف إليه (500 سنة) مستدلًا بما رواه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إني لأرجو ألا تعجز أمتي عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم، فقيل لسعد: كم نصف يوم؟ قال: خمسمائة سنة))([63]) فيكون المجموع (1400سنة) وهذا ما يكذبه الواقع أيضًا، علمًا أن الخطأ وقع في منهج الاستدلال، فقد جزم إمام الحرمين الجويني فقال: (إن الأحكام لا تؤخذ من الأحاديث التي تأتي لضرب الأمثال)([64])، وقال ابن رجب: (وهذا الحديث إنما ساقه النبيُّ صلى الله عليه وسلم مساق ضرب الأمثال، والأمثال مظنة التوسع فيها)([65])، فلا يلزم من التمثيل والتشبيه التسوية من كل جهة، فالمراد هنا كثرة العمل لا المدة الزمنية كما قال ابن حجر: (لا يلزم من كونهم أكثر عملًا أن يكونوا أكثر زمانًا)([66]).

  • التوسع في مسألة الرؤى والمنامات.

من الأخطاء في تفسير أحاديث الفتن وأشراط الساعة اعتماد الرؤى فيها، فقد عوّل كثيرون على المنامات في تنزيل النصوص على الوقائع حتى أخرجوا الرؤى عن الحد الذي حدّها بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ألا وهو البِشارة أو النِّذارة، فأدخلوها في تفسير النصوص وإسقاطها على الواقع، ونتج عن ذلك الإقحام الذي لا يقبله الشرع سفكُ الدماء واستباحةُ الأموال، ولم يعد هناك عند كثيرين ضوابط ولا معايير، فسوَّغوا الظلم والطغيان وخالفوا النصوص القطعيَّة في الأخذ على يد الظالم لرؤيا رأَوْها، ومن جملة ذلك أن كثيرًا ممن زعم المهديَّة في التَّاريخ كان ادعاؤه لها لرؤيا رآها كالمهديِّ السودانيّ.

 

 

 

موقف المسلم زمن الفتن

الاستعاذة بالله من الفتن.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن))([67])، وقد ثبت بالأحاديث الصحيحة استعاذته عليه الصلاة والسلام من بعض الفتن على وجه الخصوص كفتنة الدجال وفتنة المحيا والممات وغيرها، جاء في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام كان يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وعذاب النار، وفتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال))([68]).

الإكثار من العبادة.

إن لجوء المسلمين إلى ربهم وتقربهم إليه بكثرة العبادة من أسباب النجاة من الفتن، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((العبادة في الهرج كهجرة إليّ))([69])، قال النووي: (وسبب فضل كثرة العبادة فيه -أي الهرج- أن الناس يغفلون عنها، ولا يتفرغ لها إلَّا الأفراد)([70]).

الرجوع إلى أهل العلم.

الفتنة يحصل فيها اضطراب واختلاف حتى يصير الحليم فيها حيرانَ، قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: ((ما الخمر صِرفًا بأذهبَ لعقول الرجال من الفتن))([71])، فأهل العلم أقدر الناس على بيان المشتبهات وعلى تقدير المصالح والمفاسد والترجيح بينها، قال تعالى: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} [سورة النساء: آية 83] قال الطبري: (هم العلماء وذو الرأي والحكمة، فترد الأمور إلى أهلها من ذوي الحل والعقد من العلماء)([72]).

وإنّ من أهم محددات المواقف في الفتن مراعاة المآلات والنظر في العواقب ولو بالرجحان وغلبة الظن فضلًا عن اليقين، فقد تُستغل المواقف وتمضي الأمور إلى غير ما قُصد لها، وهذا يدركه الحذّاق والمجرِّبون.

وإن ثبات الربانيين في الفتن كان له دورٌ مهمٌّ في تثبيت الأمة وحفظ الدين، ففي موقف الإمام أحمد يوم فتنة القول بخلق القرآن أجلى مثل على ذلك، كان لموقفه رحمه الله أكبر الأثر في تثبيت الخاصة والعامة، قال علي بن المديني: (أعزّ الله الدين برجلين ليس لهما ثالث: أبو بكر الصديق يوم الردة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة)([73]).

وإن من مخاطر الفتن أن يتكلم (الرويبضة) وهو الرجل التّافه يتكلم في أمر العامة كما جاء في الحديث الصحيح([74])، وكما في الحديث: ((من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر))([75]) وقد أتاحت الوسائل الإعلامية الحديثة الفرصة لهذا النوع من الناس ليدلوا برأيهم في قضايا كبرى.

وإن من مخاطر الفتن الانزلاق خلف علماء السوء، الذين يبيعون دينهم وعلمهم بعرض من الدنيا قليل، وهؤلاء أشبه الناس باليهود المغضوب عليهم؛ لأنهم عرفوا الحق وأعرضوا عنه، قال سفيان بن عيينة رحمه الله: (من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عُبّادنا ففيه شبه من النصارى)([76]).

عدم الاندفاع والاستشراف لها وحفظ اللسان.

من واجب المسلم تجاه الفتنة أن يحفظ لسانه ويبعد نفسه عن الوقوع فيها، وحسـبـنا ما جـاء في الحديث: ((ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن يشرف لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذًا فليعذ به))([77]) وجاء في وصف بعض الفتن أن اللسان فيها كحد السيف كما في الحديث: ((ستكون فتنة صمّاء بكماء عمياء، من أشرف لها استشرفت له، وإشراف اللسان فيها كوقع السيف))([78]).

التحلي بالصبر والمصابرة.

قال تعالى:{وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون} [سورة الفرقان: آية 20] فإذا كان الصبر مطلوبًا وعواقبه محمودة في كل حين ففي زمن الفتن من باب أولى، جاء في الحديث: ((إن السعيد لَمَن جُنّب الفتن، ولَمَن ابتلي فصبر))([79]) فأعظم سلاح أيام الفتن والمحن الصبر والمصابرة.

لزوم جماعة المسلمين على العموم أو العزلة.

جاء في حديث حذيفة رضي الله عنه: (فما تأمرني إن أدركني ذلك؟) قَـالَ: ((تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)) قلتُ: (فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟) قَـالَ: ((فاعتزل تلك الفرق كلها وَلَـوْ أَنْ تعضّ بأصل شجرة حَـتَّى يدركك الموت وَأَنْـتَ على ذلك))([80])، والعزلة قد تكون بدنية أو شعورية، جزئية أو كلية، فلزوم الجماعة واجتماع الكلمة من مقاصد الشريعة الكبرى، ويترك الفاضل للمفضول لأجل اجتماع الكلمة؛ فابن مسعود أتمّ الصلاة في منى خلف عثمان مع أنه كان يروي أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي في منى ركعتين، فلما سئل عن ذلك قال: ((يا هذا! الخلاف شر))([81]) وفي رواية: ((إني لأكره الخلاف))([82])، وقد بين الإمام الشافعي رحمه الله المقصود بلزوم الجماعة فقال: ((إن معنى لزوم الجماعة ليس باجتماع الأبدان لأنه لا يصنع شيئًا، ولكن المعنى لزوم ما عليهم من التحليل والتحريم والطاعة فيهما))([83]).

نسأل الله السلامة من الفتن ما ظهر منها وما بطن والحمد لله رب العالمين.

([1]) ذكر ابن الجوزي في كتابه (نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر) خمسة عشر وجهًا لمعنى الفتنة (477)، وذكر يحيى بن سلّام البصري في كتابه (التصاريف) أحد عشر وجهًا لها (179).

([2]) تفسير ابن كثير (2/321).

([3]) تفسير الرازي (16/68).

([4]) تفسير ابن كثير (4/249).

([5]) تفسير الرازي (21/18).

([6]) فتح القدير (4/414).

([7]) المرجع السابق (4/192).

([8]) فتح الباري (13/30).

([9]) إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة: حمود التويجري (1/353).

([10]) تفسير ابن كثير (3/387).

([11]) متفق عليه عن أبي هريرة: البخاري: كتاب الفتن- باب خروج النار، رقم (6702)، مسلم: كتاب الفتن وأشراط الساعة – باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، رقم (2894).

([12]) أخرجه مسلم عن أبي بن كعب رضي الله عنه، كتاب الفتن وأشراط الساعة – باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، رقم (2895).

([13]) إرشاد الساري ( 10/204).

([14]) أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، كتاب الفتن وأشراط الساعة – باب في الآيات التي تكون قبل الساعة، رقم (2901).

([15]) شرح صحيح مسلم: النووي ( 18/66).

([16]) أخرجه البخاري عن أبي سعيد الخدري، كتاب الجهاد والسير- باب مسح الغبار عن الناس في السبيل، رقم (2657).

([17]) مسند الإمام أحمد -مسند الأنصار، حديث خزيمة بن ثابت رضي الله عنه، رقم (21922)، المستدرك: الحاكم، كتاب معرفة الصحابة رضي الله عنهم- ذكر مناقب خزيمة بن ثابت الأنصاري، رقم (5697).

([18]) أخرجه الترمذي عن أبي سهلة، كتاب المناقب- باب في مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه، رقم (3711).

([19]) أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، كتاب الحج – باب فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة وبيان تحريمها وتحريم صيدها وشجرها وبيان حدود حرمها، رقم (1363).

([20]) أخرجه مسلم عن عمر رضي الله عنه، كتاب الإيمان – باب بيان أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا وإنه يأرز بين المسجدين، رقم (147).

([21]) صحيح ابن حبان، كتاب إخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة – باب الحجاز واليمن وفارس وعمان، رقم (7306)، مستدرك الحاكم، كتاب الفتن والملاحم، رقم (8556).

([22]) متفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنه: مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة – باب الفتنة من المشرق من حيث يطلع قرنا الشيطان، رقم (2905)، البخاري، كتاب الفتن – باب قول النبي صلى الله عليه وسلم (الفتنة من قبل المشرق)، رقم (6679).

([23]) متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه: البخاري في كتاب الجهاد والسير – باب قتال اليهود، رقم (2768)، مسلم بهذا اللفظ في كتاب الفتن وأشراط الساعة – باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء، رقم (2922).

([24]) متفق عليه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: البخاري في كتاب أبواب فضائل المدينة – باب لا يدخل الدجال المدينة، رقم (1783)، ومسلم في باب الفتن وأشراط الساعة – باب في صفة الدجال وتحريم المدينة عليه وقتله المؤمن وإحيائه، رقم (2938).

([25]) أخرجه الحاكم في مستدركه عن عبيد الله بن بشر الغنوي، كتاب الفتن والملاحم، رقم (8300)، وأحمد في مسند الكوفيين – حديث بشر بن سحيم رضي الله عنه، رقم (18977).

([26]) رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه في كتاب الإيمان – باب الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وشرائع الدين والدعاء إليه والسؤال عنه وحفظه وتبليغه من لم يبلغه، رقم (18).

([27]) أخرجه مسلم عن المستورد بن شداد القرشي في كتاب الفتن وأشراط الساعة – باب تقوم الساعة والروم أكثر الناس، رقم (2898).

([28]) أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب الفتن والملاحم، رقم (8385).

([29]) حلية الأولياء للحافظ أبي نعيم ( 7/31).

([30]) متفق عليه عن سهل بن سعد رضي الله عنه: البخاري في كتاب الطلاق – باب اللعان، رقم (4995)، ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة – باب قرب الساعة، رقم (2951).

([31]) أخرجه الحاكم في المستدرك عن ابن مسعود رضي الله عنه، كتاب الفتن والملاحم، رقم (8502)، وأحمد في المسند عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، رقم (3556).

([32]) الطبقات الكبرى، رقم (5/245)، تهذيب التهذيب، رقم (10/350).

([33]) المنار المنيف (ص 150).

([34]) أخرجه البخاري عن أبي بكرة رضي الله عنه، كتاب الصلح – باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما: ((ابني هذا سيد، وسيصلح الله به…))، رقم (2557).

([35]) أخرجه مسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنه، كتاب الفتن وأشراط الساعة – باب نزول الفتن كمواقع القطر، رقم (2885).

([36]) شرح صحيح مسلم: النووي (18/8).

([37]) أخرجه مسلم عن أبي نوفل، كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم – باب ذكر كذاب ثقيف ومبيرها، رقم (2545).

([38]) متفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما: البخاري في كتاب الجنائز – باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه وهل يعرض على الصبي الإسلام؟ رقم (1289)، ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة – باب ذكر ابن الصياد، رقم (2930).

([39]) أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، كتاب الرقاق – باب رفع الأمانة، رقم (6131).

([40]) أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، كتاب العلم – باب حفظ العلم، رقم (120).

([41]) رواه البخاري عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، كتاب الفتن – باب الفتنة التي تموج كموج البحر، رقم (6683).

([42]) الحاوي للفتاوى: السيوطي ( 2/116).

([43]) أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، كتاب الفتن وأشراط الساعة – باب في فتح قسطنطينية وخروج الدجال ونزول عيسى ابن مريم، رقم (2897).

([44]) أخرجه أحمد عن أنس رضي الله عنه، مسند المكثرين من الصحابة – مسند أنس بن مالك، رقم (13004).

([45]) متفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما: رواه البخاري في كتاب الجنائز – باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه؟ وهل يعرض على الصبي الإسلام؟ رقم (1289)، ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة – باب ذكر ابن الصياد، رقم (2930).

([46]) فتح الباري ( 8/94) وما بعدها، وزاد المعاد ( 3/38) وما بعدها.

([47]) متفق عليه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: رواه البخاري في كتاب الأنبياء – باب قول الله عز وجل {وأما عاد…} رقم (3166)، ومسلم في كتاب الزكاة – باب ذكر الخوارج وصفاتهم، رقم (1064).

([48]) أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، كتاب الزكاة – باب الترغيب في الصدقة قبل أن لا يوجد من يقبلها، رقم (157).

([49]) متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه: رواه البخاري في كتاب التعبير – باب القيد في المنام، رقم (6614)، ورواه مسلم في كتاب الرؤيا، رقم (2263 ).

([50]) نقله عنه في كتاب الإذاعة ( 113)، ونقل مثله عن الشوكاني في تحفة الأحوذي ( 6/484).

([51]) الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة ( 112).

([52]) نظم المتناثر من الحديث المتواتر ( 147).

([53]) أخرجه البخاري عن الزبير بن عدي في كتاب الفتن – باب لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه، رقم (6657).

([54]) انظر فتح الباري ( 13/21).

([55]) أورده السيوطي في الحاوي للفتاوى ( 2/86).

([56]) سير أعلام النبلاء ( 10/600).

([57]) سير أعلام النبلاء ( 10/609).

([58]) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: الخطيب البغدادي ( 1/162).

([59]) إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان: ابن القيم ( 1/159).

([60]) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: الخطيب البغدادي ( 2/161).

([61]) فتح الباري ( 8/211).

([62]) أخرجه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما في كتاب الأنبياء – باب ما ذكر عن بني إسرائيل، رقم (3272).

([63]) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة – مسند سعد بن أبي وقاص، رقم (1464)، وأبو داود في كتاب الملاحم – باب قيام الساعة، رقم (4350).

([64]) نقله عنه ابن حجر في فتح الباري ( 2/39).

([65]) فتح الباري لابن رجب ( 4/341).

([66]) فتح الباري لابن حجر ( 2/40).

([67]) أخرجه مسلم عن زيد بن ثابت رضي الله عنه في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها – باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه…، رقم (2867).

([68]) أخرجه النسائي عن أبي هريرة في كتاب الاستعاذة – باب الاستعاذة من فتنة المحيا، رقم (7948)، وأخرجه أحمد عن أبي هريرة، رقم (10778).

([69]) أخرجه مسلم عن معقل بن يسار رضي الله عنه في كتاب الفتن وأشراط الساعة – باب العبادة في الهرج، رقم (2948).

([70]) شرح صحيح مسلم: النووي ( 18/88).

([71]) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف – كتاب الفتن، (8/ 237).

([72]) تفسير الطبري ( 5/182).

([73]) تاريخ بغداد: الخطيب البغدادي ( 4/418)، سير أعلام النبلاء ( 11/196).

([74]) رواه أحمد، مسند المكثرين من الصحابة – مسند أبي هريرة، رقم (7899).

([75])المعجم الكبير للطبراني، مكتبة ابن تيمية ط2 رقم (908)، جامع بيان العلم وفضله: ابن عبد البر، دار ابن الجوزي، ط1، باب حال العلم إذا كان عند الفساق والأرذال، رقم (1051).

([76]) تفسير ابن كثير ( 4/121).

([77]) متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه: رواه البخاري في كتاب المناقب – باب علامات النبوة في الإسلام، رقم (3406)، ورواه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة – باب نزول الفتن كمواقع القطر، رقم (2886).

([78]) أخرجه أبو داود بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه في كتاب الفتن والملاحم – باب كف اللسان، رقم (4264)، وبعضه مروي في الصحاح.

([79]) أخرجه أبو داود عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه في كتاب الفتن والملاحم – باب في النهي عن السعي في الفتنة، رقم (4263).

([80]) متفق عليه عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: رواه البخاري في كتاب الفتن – باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة، رقم (6673)، ومسلم في كتاب الإمارة – باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال، وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة، رقم (1847).

([81]) أخرجه أبو داود عن عبد الرحمن بن يزيد في كتاب المناسك – باب الصلاة بمنى، رقم (1960).

([82]) أخرجه البيهقي عن معاوية بن قرة في كتاب الصلاة – باب السفر الذي تقصر في مثله الصلاة، رقم (564).

([83]) الرسالة ( 475).