تحميل البحث كملف PDF
د. عبد العزيز محمد الخلف – رئيس قسم أصول الدين في أكاديمية باشاك شهير – بإسطنبول
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، أما بعد:
فإنه مما لا شك فيه أن الإعلام المعاصر لعب دروًا بارزًا في صناعة الوعي لدى شريحة واسعة جدًا من المتلقين، حيث أصبحت وسائل الإعلام المعاصرة جزءًا لا يتجزأ من حياة الكثيرين، وأصبح الإنسان يوجَّه عن طريقها إلى ما يريده المرسِل. وما الاهتمام العالمي بوسائل الإعلام والاتصال صناعة وإنتاجًا وتسويقًا ومتابعة إلا دليل بسيطٌ على ما له مـن أهميـة كبرى في التوجيه والتأثير في حياة الأفراد سلبًا وإيجابًا([1]).
وقد ازداد تأثير الإعلام بعد اختراع الأقمار الـصناعية، والبـث المباشر، وزيادة أعداد المحطات الفضائية بشكل كبير، وانتشار شبكة الإنترنت وربطها العالم بشرايين معلوماتية لم تكن متاحة سابقًا، الأمر الـذي جعل من السهل التأثير على جمهور كبير في دول العالم كافة.
ولكن الملاحظ أن هذا الإعلام ليس بريئًا أو محايدًا، بل هو في غالبه موجه لخدمة أهداف وغايات محددة، وكثيرًا ما يدس في العسل سمًا، وهو يرمي إلى تطبيع كثير من القضايا التي لو تناولها مباشرة لوجد صدًّا، ولكنه يمررها تمريرًا غير مباشر حتى تألفها العين ويعتادها القلب فتصبح طبيعية مقبولة، وهي في حقيقتها انحراف وشذوذ.
وسنحاول في هذا المقال تسليط الضوء على دور الإعلام في نشر المفاهيم الخاطئة، ونضرب مثالًا على ذلك بشبكة نتفليكس المشهورة بنشر الأفلام والمسلسلات عبر الإنترنت.
أولًا: مفهوم الإعلام:
الإعلام لغة: الإشهار والإعلان والإخبار بشيء أو عن شيء.
واصطلاحًا: تزويد الناس بالأخبار الصحيحة والمعلومات السليمة والحقائق الثابتة التي تساعدهم في تكوين رأي صائب في واقعة من الوقائع أو مشكلة من المشكلات، بحيث يعبر هذا الرأي تعبيرًا موضوعيًّا عن عقلية الجمهور واتجاهاته وميوله، وهذا التعريف إنما هو للإعلام المحايد. ولا يقتصر دور الإعلام في الواقع على ذلك، ولذلك يرى بعضهم أن الإعلام ليس مجرد إعطاء معلومات وإنما المقصود هو عملية تغيير اتجاهات وتحريك الجماعات للعمل في اتجاه معين لتحقيق الأهداف المرجوة، وهذا هو الإعلام الموجَّه([2]).
ثانيًا: وسائل الإعلام في التأثير:
يعتمد الإعلام في تأثيره على دراسة العقل البشري الذي يميل عمومًا إلى ما يسمى الراحة المعرفية أو التفكير بسرعة، حيث يركن الإنسان لاتخاذ قرارات سريعة مبنية على انطباعات وعواطف بعيدًا عن الضغط المعرفي أو التفكير ببطء، ذلك أن التفكير المعمَّق يتطلب دراسة متعمقة للقضية التي يراد اتخاذ قرار بحقها، وهذا يستلزم تركيزًا ويستدعي جهدًا، بخلاف اتخاذ القرارات بناء على نظرة سطحية سريعة متأثرة غالبًا بعاطفة مغلوطة، وهذا ما يسمح للإعلام أن يؤثر في المتلقين، لأن أغلبهم يتأثر عاطفيًا أكثر من كونه يتعمق في التحليل والتفكير قبل التأثُّر.
ولا يقتصر دور الإعلام على نشر الحقائق وتصوير الأشياء كما هي، وإنما يقوم بلعب دورٍ بارزٍ في تشكيل قيم المجتمعات، بل هو المشكِّل الأول لتلك القيم، ويستخدم في سبيل تأسيس هذه القيم مجموعة من الوسائل منها:
ولذلك بدأت تروَّج كثير من المفاهيم الخاطئة عبر هذه الوسائل الإعلامية، حيث غدت الرذيلة حرية شخصية والإلحاد تنويرا عقليًا والتفاهة ملأ للفراغ، وبدأ المجتمع يتقبل هذه الأفكار ويراها سائغة مقبولة، وينكر على من يستنكرها أو يستهجنها، ويصوره على أنه متخلِّف رجعي يقف أمام عجلة الحياة السائرة.
ثالثًا: دور الإعلام في نشر المفاهيم الخاطئة:
أثبتت الدراسات العلمية وجود علاقة طردية بين ما يشاهده الشباب وبين الانحراف، فقد أثبتت دراسة بحثية على شباب أحداث أن نسبة 16.7% فقط يشاهدون في وسائل الإعلام برامج توجيهية، سواء أكانت برامج دينية أو ثقافية أو علمية، في حين أن نسبة 51% يشاهدون البرامج الرياضية، بينما 64.2% يشاهدون برامج مثيرة كالأفلام والمسلسلات والمسرحيات([3]). ولا شك أن الفرد يتأثر بما يشاهده، ولما يشاهده أثر واضح في سلوكه، يقول براندون سنتروال: إنه لو لم يخترع التلفاز لكان هناك في الولايات المتحدة الأمريكية في هذا العصر انخفاض في الإجرام بنسبة عشرة آلاف جريمة قتل سنويًا، وسبعين ألف جريمة اغتصاب، وسبعمائة ألف جريمة عنيفة، كما لاحظ براندون أن التلفاز دخل أمريكا عام 1945، وأنه في ما بين العامين 1945 والعام 1974 ارتفعت نسبة القتل في أمريكا بنسبة 93%، بينما لاحظ أن جنوب أفريقيا التي حظرت التلفاز في تلك الفترة قد انخفضت فيها نسبة الجريمة بنسبة 7%، بينما ارتفعت النسبة 130% في جنوب أفريقيا ذاتها عام 1987 بعد إدخال جهاز التلفاز([4]).
وبما أن وسائل الإعلام مملوكة في أغلبها لغير المسلمين الذين يسعون جاهدين إلى السيطرة على العقول فإنه من الطبيعي أن يكون لها خططها الرامية إلى نشر أفكار أصحابها وتنحية أفكار غيرهم، لاسيما تلك الأفكار التي تعارِض أهدافهم الكبرى التي يسعون لتحقيقها، والمتمثلة في نشر الإباحية والفساد والإلحاد بين الناس، حتى يصبح الناس عبارة عن دواب تسير على الأرض، همها إرضاء شهوتي البطن والفرج، وهو ما يخدم الشركات العالمية المتحكمة بالسياسة الدولية، ولذلك دأب الإعلام على تقديم الكاسيات العاريات على شواطئ البحار وفي النوادي الليلية والحفلات الراقصة وصالونات المجتمع على أنهن الزمرة الراقية والفئة الكريمة من السيدات ليكن قدوة لبناتنا، وقدمت هذه الوسائل جريمة الجنس والزنا في ثوب زاهٍ، وعرضت قصص الجريمة وعلمت سرقة بيوت الناس، وكيفية الترصد لبنات الجيران، ودافعت عن أدب الفراش والجنس، وحرَّضت المرأة على الاندفاع وراء الرغبات الجنسية غير السوية، وإلى السخرية من القيم الدينية المنضبطة.
وزادت وسائل الإعلام من حربها على القيم، فأعْلَت من شأن الراقصات والمغنيات والممثلات، وبالغت في تكريمهن، وتقديمهن للمجتمع على أنهن نجوم وكواكب وقدوات للجماهير([5]).
“إن من أسوأ آثار التلفزيون أنه يعوِّد على التغاضي عن كثير من الفضائل الاجتماعية ويهدمها، حتى صار المنكر معروفًا والمعروف منكرًا، فصرنا نتقبل أن يحتضن رجلٌ بنتًا شابةً لأنه يمثِّل دور أبيها، وصدَّقنا ذلك ولم ننكره، بل نحن مطالبون بأن نأخذ الأمور بعفوية وطبيعية”([6]).
وكل هذا ليس بريئًا، بل هو يخدم مخطط الشيطان في السيطرة على الإنسان، ذلك الشيطان المتمثل في شكل شركات تجارية همها إفراغ جيوب الناس.
ولنضرب مثالًا آخر على دور الإعلام في نشر الرذيلة، حيث تقول إحدى المقالات التي تبحث في كيفية تعديل عقلية الأمريكيين في تقبل فكرة ممارسة الشذوذ أن (2.7 %) من الأمريكيين يمارسون الشذوذ، وأنه في عام 1996 كانت نسبة المتقبلين لممارسات الشواذ (27%)، بينما أصبحت في عام 2015 (60%)، وكل ذلك بجهود الإعلام والتعليم. بينما انظر إلى قضية زواج الفتاة في سن الخامسة عشرة عند المسلمين، مع بلوغها وقدرة جسمها على التحمل، فإنها مع كونها قضية عادلة إلا أنه ينظر إليها على أنها جريمة، لأن الإعلام يريدها أن تبقى كذلك. بينما يصورون الفتاة الصغيرة التي تمارس الجنس برضاها خارج مؤسسة الزواج على أنه حرية جنسية، ومما يؤكد ذلك الفيلم الذي أنتجته نتفليكس عن فتاة مهاجرة عمرها إحدى عشرة سنة تكره أسلوب حياة أهلها، ثم تبدأ بالتعلم من صديقاتها كيفية الرقص وممارسة الجنس وهي ما زالت طفلة.
في عام 1982 أجريت مقابلة مع روجر مونرو بعنوان (رحلة في عالم الماورائيات) وهو رجل كندي يروي قصة انضمامه إلى جماعة سرية تعبد الشيطان، وبعد أن تركهم كتب عدة مقالات منها هذه التي تحدث فيها عن خيوط المؤامرة، وأنها تقوم على ثلاث ركائز كبرى حتى يحكم الشيطان العالم، وهذه الركائز هي:
رابعًا: شبكة نتفليكس الإعلامية:
ما هي نتفليكس:
نتفليكس بالإنجليزية: (Netflix) هي شركة ترفيهية أمريكية أسسها ريد هاستنغز ومارك راندولف في 29 أغسطس 1997، في كاليفورنيا تتخصص في تزويد خدمة البثّ الحي والفيديو حسب الطلب وتوصيل الأقراص المدمجة عبر البريد.
وفي عام 2013، اتجهت نتفليكس نحو مجال صناعة الأفلام والمسلسلات، وبدأت عرض أول مسلسل أصلي تقدمه الشركة، وبعدها ازدادت عدد البرامج الأصلية التي أنتجتها نتفليكس من الأفلام والمسلسلات والبرامج الوثائقية، والعروض الكوميدية. وقد أطلقت نتفليكس حوالي 126 عملًا أصليًا في عام 2016، وهذا العدد هو أضخم مما أطلقته أي شبكة أو قناة تلفزيونية اعتيادية.
أعلنت شركة نتفليكس في شهر أكتوبر من عام 2018 عن زيادة عدد مشتركي الخدمة ليصل إلى 137 مليون مشترك من جميع أنحاء العالم، من ضمنهم 58 مليون مشترك في الولايات المتحدة([8]). فيما وصل أواخر 2019 إلى 158 مليونًا، أما في 2020 فقد صرَّح مدير الشبكة أن عدد المشتركين تجاوز 195 مليون مشترك.
وإذا علمت أن الشركة تتقاضى اشتراكًا شهريًا بحد أدنى 10 دولارات شهريًا فلك أن تدرك الميزانية الضخمة التي تمتلكها الشبكة، فإذا أضفت إليها الإعلانات التجارية فإن هذه الميزانية ستتضاعف مرات.
على ماذا تركز شبكة نتفليكس الإعلامية؟:
تركز شبكة نتفليكس على الترويج لأسلوب الحياة الغربية، وتجعل من نشر الفاحشة والشذوذ الجنسي والترويج للمثلية الجنسية هدفًا لها، يتضح ذلك من خلال زجها لكثير من المشاهد الجنسية في أكثر أعمالها، حتى غدت هذه المشاهد -التي تزج بدون أي ارتباط بالعمل- طابعًا مميزًا لأعمالها.
وما يؤكد على أن نشر هذا المحتوى الخادش هدف رئيس لها أن نتفليكس لا تقبل مجرد المناقشة في حذف هذه المشاهد من مسلسلاتها وأفلامها، ولو افترضنا أن أحدًا طلب من شبكة نتفليكس حذف شيء من إنتاجها الذي يحتوي على محتوى إباحي فهل تستجيب؟ يجيب عن ذلك مدير شبكة نتفليكس، حيث يسأله صحفي من جريدة نيويورك تايمز؛ بأن هوليود كانت متهمة دائمًا بأنها تصدر قيمها وثقافتها فهل أنتم مثلها؟ يقول مدير الشبكة: لا أرى أن نتفليكس تقدم شيئًا آخر سوى الترفيه، وتعمل على صناعة المحتوى ومشاركته بين الناس، فلما سأله عن إمكانية حذف محتوى عن الشذوذ أو المثلية هل تستجيبون كما استجبتم لطلب إحدى الدول التي طلبت حذف حلقة إخبارية تتحدث عن زعيم عربي؟ أجاب مدير نتفليكس: إذا قيل لي لا تضعوا أو احذفوا محتوى عن الشذوذ أو المثلية فلن أتجاوب معهم، المهم أن تستمر شبكتنا في مشاركة أسلوب الحياة (اللايف ستايل)، وهدفنا الوحيد أن نؤثر في أسلوب الحياة لدى الآخرين([9]).
إن ما تقوم به نتفليكس وأمثالها من الترويج لأسلوب الحياة الغربي وجعْل المتلقين يتأثرون به؛ شكل من أشكال نشر الإلحاد الذي هو سبيل التأسيس لعبادة الشيطان كما ذكرنا. بحيث يصبح هدف الشاب أن يكون له صديقة، مع عدم شعوره بالحرج من شرب الخمر، أو بالغرابة من الشذوذ، حتى يكون جزءا من الحياة الجديدة التي يجري التخطيط لها وصنعها.
ويمكن أن يقال: إن هدف هذه الشبكات هو الربح وحده، فهي تنشر هذا المحتوى المثير للجدل حتى تكسب أكبر عدد من المشاهدات، وليست لها أجندة أو أهداف خارج منظومة الربح. ولكن لو تساءلنا: هل يمكن لمثل هذه الشبكات أن تنشر محتوى قيميًا يرسم صورة إيجابية للمسلمين، أو يتعاطف مع المسلمين؟ مع أن محتوى كهذا سيجلب الكثير من الجدل، وبالتالي الكثير من المشاهدات، وهذا ما لم يفعلوه ولو مرة واحدة.
الحقيقة أنهم ينشرون القضايا الجدلية التي تدر عليهم الربح، ولكن فيما يصب في مصلحة نشر أسلوب الحياة الذي يريدون نشره، وبما يخدم تسريع خروج الدجال الأكبر حسب معتقدهم، أما ما يناقض ذلك فيبتعدون عنه ولو جلب لهم أرباحًا مضاعفة، وهذا ما يدل بوضوح على أنهم يقصدون مع استهداف الربح خدمة قضية أكبر.
كما أن هذه الشبكة تقوم بإنتاج كثير من المسلسلات التي تشجع على المثلية والشذوذ والسحاق وتعليم الجنس وغيرها من الأمور التي تحرف الجيل وتدفعه لترك دينه. ولا يقتصر دورها على البث والنشر وإنما هي في ذلك منتجة مشجعة مروجة. وهي تحاول جاهدة إدراج كثير من المشاهد الإباحية والمثلية والمشاهد الساخرة من الأديان بغرض تطبيعها، لأن كثرة مشاهدتها تجعل الإنسان يراها طبيعية مع مرور الوقت، بل قد يصل الأمر لاستساغتها وتبريرها.
يقول أحد الباحثين: “لا يحتاج المرء أن يكون حاصلًا على الدكتوراه في علم النفس أو خبيرًا بفنون البروباغاندا حتى يستوعب أن الذي يحصل هنا عملية غرس منظم لقيم موجهة، تتمثل بإغراق المشاهد بسيل من اللقطات الصادمة حتى يتطبع عليها، وتتحول من أفكار ومشاهد صادمة إلى غير صادمة، وتواصل التطور فتصبح عادية، ثم تصير بعدها مقبولة، وأخيرًا تنتهي بكونها طبيعية بل ومستحبة”([10]). ويقول أيضًا: “ولو اقتصر الأمر على المسائل المتعلقة بالهوية الجنسية وحدها لنحى النقاش منحنى آخر، ولكن الجانب الأخطر متعلق بغرس الرسائل التشكيكية والتحقيرية من الأديان بشكل أكثر منهجية، وهو بازدياد مع مرور الزمن. لا شك أن ثيمة السخرية من كل ما هو مقدس ومتعلق بالذات الإلهية موجود في الغرب منذ زمن طويل، بل يمكن تتبع هذا إلى فترة الثورة الفرنسية كظاهرة اجتماعية في أوروبا. الجديد هنا هو ازدياد الجراءة على هذا الفعل بالإفراط في إنتاج العروض والثيمات التي تعلي من شأن الشياطين وإبليس وتجبر المشاهد على التعاطف معهم وتفهم موقفهم في حبكات تستدعي القصص الدينية المتعلقة بالخلق وإعادة سردها في أضواء جديدة، وكذلك السخرية المستمرة من الذات الإلهية وإطلاق النكات عليها وتصويرها بطرق ساخرة وباعثة على الازدراء”([11]).
والخلاصة أن هذه المؤسسات ذات التوجه الأيديولوجي البيِّن تحاول القضاء على أي صلة بين الإنسان وربه، لتصل لمرحلة تنعدم فيها الجوانب الروحية للأديان، وتستبدلها بمنتجات بشرية تعلي من شأن المادة وتعظم من القيم والأفكار المضادة لما تدعو إليه الأديان، ولا شك أن شبكة نتفليكس رأس حربة في هذا، رغم أنها ليست الوحيدة في هذا الميدان.
حكم الاشتراك في نتفليكس:
لا شك أن دفع أي قرش في سبيل الاشتراك في هذه الشبكة وأمثالها حرام، لأن ما تدفعه يمول إنتاج هذه البرامج والمسلسلات والأفلام ذات المحتوى الجنسي المحرم، أو تذهب لتمويل الأفلام التي تسخر من الذات الإلهية والأديان، لاسيما إذا عرفنا أن إيرادات نتفليكس الشهرية تتجاوز ملياري دولار شهريًا، فلا شك أن هذه الميزانية الضخمة يأتي جزء كبير منها مما يدفعه المشتركون فيها، فحتى لو ابتعد المشترك عن مشاهدة ما فيها من حرام فإنه يسهم بما يدفعه في تمويل إنتاج هذه المسلسلات والأفلام التي تروج للباطل، والله تعالى يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة:2]. وقد ذكر الفقهاء تحريم كثير من الأمور سدًا للذرائع، يقول ابن دقيق: (وسيلة الطاعة طاعة، ووسيلة المعصية معصية، ويعظم قبح الوسيلة بحسب عظم المفسدة)([12]).
فإذا كان هذا حكم الاشتراك في هذه الشبكة فإنه من باب أولى تحريم شراء أسهم هذه الشبكة، لأنه بذلك يصبح شريكًا في المعصية وليس معينًا عليها فقط، فلا شك بتحريم ذلك، والله أعلم.
([1]) قوة وسائل الإعلام، عبد الله حمد الحقيل، قافلة الزيت، 1402، ص: 42.
([2]) انظر: دور الإعلام في العصر الرقمي، محمد خليل الرفاعي، مجلة جامعة دمشق، المجلد 1، العدد 1، 2011، ص: 705.
([3]) قضاء وقت الفراغ وعلاقته بانحراف الأحداث، عبد الله بن ناصر السدحان، المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، الرياض، ط1، 1994، ص (169).
([4]) أثر الإعلام المعاصر في العقيدة والتربية والسلوك، مي الدين عوير، دار النهضة، 2007، ص (171).
([6]) بصمات على ولدي، طيبة اليحيى، مكتبة المنار الإسلامية، الكويت، ط2، 1989، ص: 11.
([7]) رابط مقابلة روجر مونرو: https://www.youtube.com/watch?v=z91Qc…
([8]) https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D8%AA%D9%81%D9%84%D9%8A%D9%83%D8%B3
([9]) رابط مقابلة مدير شبكة نتفليكس: https://youtu.be/7V6FFeZdFz4
([10]) لماذا ألغيت اشتراكي في نتيفليكس، هاشم الكحلاني، مقال منشور على مدونات الجزيرة: https://www.aljazeera.net/blogs/2020/4/15/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A3%D9%84%D8%BA%D9%8A%D8%AA-%D8%A5%D8%B4%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%83%D9%8A-%D8%A8%D9%86%D8%AA%D9%81%D9%84%D9%8A%D9%83%D8%B3
([12]) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، ابن دقيق العيد، مطبعة السنة المحمدية: (2/266).