د. محمد محمود كالو
أستاذ التفسير وعلوم القرآن في جامعة أديامان التركية
مِن أرقى النعم الكبرى على جميع المخلوقات من إنس وجنٍّ وحيوان نعمةُ الأمن، وقد جعله الله تعالى نعمة جليلة، وتفضل به على خلقه، وبدونها لا استقرار ولا راحة ولا سعادة؛ لذلك تبذل المجتمعات البشرية جميع إمكانياتها لاستتباب الأمن لعلمها أن نعمة الأمن مقدمة على مطالب الحياة كلِّها؛ فالخائف لا يستمتع بغذائه ولباسه ومسكنه من دون توفير الأمن والطمأنينة، لذلك قرن الله تعالى بين الطعام والأمن في معرِض حديثه عن النعم التي أنعم بها على قريش، فقال سبحانه وتعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ. الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} [قريش:3-4] ومن هنا يكون فقد الأمن نقمة ينتقم الله تعالى بها من بعض خلقه من عاصين أو كافرين.
وتحتاج الشعوب والدول إلى ضمان أمنها النفسي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والعسكري فضلًا عن أمنها الخارجي، وما لم يتحقق لها ذلك لن تتمكن من النهوض والتطلع إلى المستقبل بل يظل الخوف مهيمنًا على خطواتها مقيدًا لتطلعاتها، فحين يضطرب نظام الأمن في بلدٍ ما، وتخـتل عوامل السيطرة على تصرفات المجتمع؛ فإن الفوضى ستكون سيدة سائدة، وتُمْنَى الأنفس والأموال والأعراض بالسفك والبطش والهتك، وفي عصرنا الراهن مشاهد حية لاضطراب الأمن في عدة بلدان إسلامية، نسأل الله لها الفرج القريب، وعلينا أن نعلم أن الأمن المطلق لا يتحقق للإنسان في الحياة الدنيا، فالأمن المطلق لا يكون إلا في دار النعيم التي وعد الله بها عباده الصالحين، فقال تعالى: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} [الحجر:46].
ويمكن تعريف الأمن بأنه “شعور الإنسان بالسكينة والطمأنينة على حاجاته الدنيوية والأخروية وبدون تكلفة منه عند توفر أسبابه”([1]) وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: “أن الأمن عند فقهاء المسلمين ما به يطمئن الناس على دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم، ويتجه تفكيرهم إلى ما يرفع شأن مجتمعهم وينهض بأمتهم”([2]).
وقسمت البحث إلى مبحثين وخاتمة شاملة لأهم النتائج:
المبحث الأول: الأمن في القرآن وعلاقته بالإيمان
المطلب الأول: الأمن في القرآن الكريم:
ورد في القرآن الكريم لفظ (أمن) ومشتقاته في ثمانيةٍ وأربعين موضعًا موزعة على ثلاث وأربعين آية، تسع وعشرون منها مكية في واحد وثلاثين موضعًا، وأربع عشرة آية منها مدنية في سبعة عشر موضعًا، وذلك “في أربع وعشرين سورة، سبع منها مدنية، وسبع عشرة سورة مكية، مما يؤكد حاجة العهد المكي إلى مزيد من الأمن المفقود يومئذ للمؤمنين، ولما هاجر المسلمون إلى المدينة المنورة وقامت لهم دولة أصبح الحديث عن الأمن حسب الحاجة والضرورة”([3]). لكن لم يرد لفظ (الأمن) مصدرًا إلا في خمسة مواضع، في ثلاثةٍ منها ورد معرَّفًا:
وورد مرتين مُنَكَّرًا:
1- المرة الأولى في قول الله تعالى: {وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:55].
2- والثانية في قوله سبحانه وتعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة:125].
والمأمن: هو موضع الأمن أو المكان الآمن، ومنه قول الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّـهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ} [التوبة:6].
وورد على غير صورة المصدر بلفظ الماضي أو المضارع أو المشتق كاسم الفاعل المفرد أو الجمع في عشرين صيغة، وهي: (أمِنَ، أمنتكم، أمنتم، أمنوا، أمنكم، تأمَنَّا، تأمنه، يأمن، يأمنوا، يأمنوكم، آمنَّا، آمِنَة، آمنون، آمنين، الأمن، أمنًا، أَمَنَة، مأمنه، مأمون، آمنهم)
واللافت للنظر أن هذا “اللفظ ورد بعدة أشكال لكنه لم يرد مقيدًا بشيء لا بوصف ولا بإضافة، ومعنى ذلك أنه غير قابل للتبعيض، فالأمن شيء كلي شامل لا يقبل التبعيض، فهذه نقطة مهمة وهو أن الأمن نعمة يتنعم بها الناس، إما أن تكون وإما أن لا تكون”([4]).
المطلب الثاني: علاقة الإيمان بالأمن:
هناك علاقة وطيدة بين الإيمان والأمانة والأمن، فهذه الألفاظ الثلاثة تنتمي إلى مادة واحدة؛ لذلك لا يتصور الراغب الأصفهاني أن يكون هناك أمن بدون إيمان، لأن الإيمان هو التصديق الذي معه أمن أي سكينة واطمئنان واستقرار، يقول في مفرداته: (أصل الأَمْن طمأنينة النفس وزوال الخوف، والأَمْنُ والأَمَانَةُ والأَمَانُ في الأصل مصادر، ويجعل الأمان تارة اسمًا للحالة التي يكون عليها الإنسان في الأمن، وتارة اسمًا لما يؤمن عليه الإنسان… و”آمَنَ” إنما يقال على وجهين: أحدهما متعدٍ بنفسه، يقال: آمنته أي جعلت له الأمن، ومنه قيل لله: مؤمن؛ والثاني غير متعدٍّ، ومعناه صار ذا أمن. والإيمان هو التصديق الذي معه أمن، وليس من شأن القلب -ما لم يكن مطبوعًا عليه- أن يطمئن إلى الباطل)([5]).
التصديق الذي يكون معه أمن يكون بالقيام بأداء الأمانات كلها بصفة عامة؛ إذ جعل الشرع الصلاة أمانة والزكاة أمانة وتربية الأولاد أمانة، وكل تكليف من تكاليف الشرع أمانة، ولا إيمان لمن لا أمانة له، فإذا أدى الناس هذه الأمانات تحقق الإيمان وشعروا بالراحة الكاملة نتيجة الإيمان وأداء الأمانة، فالأمن إذًا نتيجةٌ وليس فعلًا يمكن أن نفعله، وإنما هو ثمرة طيبة ونعمة من الله تعالى يتفضل بها علينا إذا آمنا وهو الشرط الأول، وإذا عملنا الصالحات وهو الشرط الثاني، قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:55 ].
إن الإيمان هو الذي يقودنا إلى الأمن والأمان والطمأنينة والسعادة، وقد “وعد الله تبارك وتعالى المؤمنين بالأمن في الدنيا والآخرة، وذلك حين وعدهم بالأمن في الدنيا على أنفسهم وأموالهم ودينهم ومساجدهم، ومنَّ عليهم بالأمن أثناء قتالهم لأعدائهم، ووعدهم بالأمن في الآخرة من فزع يوم القيامة ومن عذاب جهنم، فهم في جنة الله آمنون”([6])، قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَـٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [الأنعام:82].
يقول الدكتور الشاهد البوشيخي: “والفساد الذي يحدث في غير المسلمين هو في الحقيقة بسبب تقصير المسلمين، لأن شرطة الأرض المنظمة للسير في الكرة الأرضية هي الأمة الإسلامية، هذا موقعها لا واقعها، ولكنها للأسف لم ترتقِ الآن إلى الموقع وهي الآن في واقع نعرفه جميعًا؛ ولذلك فإن مفهوم الأمن بالنسبة لهذه الأمة لا يتبعَّض لأن مقره القلب”.
أما الكافرون فلا أمن لهم في الدنيا والآخرة من عذاب الله تعالى ومكره، قال الله سبحانه: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّـهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:99].
المبحث الثاني: أقسام الأمن في القرآن الكريم
المطلب الأول: الأمن النفسي
القرآن الكريم زاخر بالنماذج والتوجيهات الأمنية، ومنها الأمن النفسي، إن الإنسان يعاني في هذا العصر أمراضًا نفسية خطيرة لم تُعرف فيما سلف من الأزمان كمًّا ولا نوعًا، “وعجزت المجتمعات المعاصرة عن إيجاد مجتمع آمن؛ لأن جميع الدراسات الغربية عن علم النفس الإنسانية قامت بمعزل عن الباري جل جلاله وبعيدًا عن الدين، فانحدرت الفضائل، وضاعت القيم والخلاق”([7]).
مما لا شك فيه أن للقرآن الكريم أثرًا عظيمًا في تحقيق الأمن النفسي والطمأنينة القلبية والسكينة؛ فهي نور وروح من الله يسكن إليه الخائف الفزِع، ويطمئن عنده القلِق المضطرِّب، وقد بين القرآن الكريم ما يحدثه الإيمان من أمن وطمأنينة في نفس المؤمن بقول الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّـهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّـهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28] فهو يحقق للمؤمن سكينة النفس وأمنها وطمأنينتها، لأن إيمانه الصادق بالله يمده بالأمل والرجاء في عون الله ورعايته وحمايته، قال الألوسي: “والعدول إلى صيغة المضارع لإفادة دوام الاطمئنان وتجدده حسب تجدد المنزل من الذكر: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ وحده تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ لله دون غيره من الأمور التي تميل إليها النفوس من الدنيا“([8]).
وقد بدأت تظهر حديثًا اتجاهات بعض علماء النفس في العصر الحديث تنادي بأهمية الدين في علاج الأمراض النفسية، وترى أن في الإيمان بالله قوة خارقة تمد الإنسان بطاقة روحية تعينه على تحمل مشاق الحياة، وتجنبه القلق الذي يُصاب به كثير من الناس الذين يعيشون في هذا العصر الذي تغلب عليه الحياة المادية، ومن أولئك العلماء وليم جيمس عالم النفس الأمريكي، يقول: إن أعظم علاج للقلق هو الإيمان”([9]).
ونلمس مثالًا للأمن النفسي في مطلع سورة يوسف -عليه السلام- من خلال نصيحة نبي الله يعقوب لابنه يوسف عليهما السلام، قال الله تعالى حكاية عن يعقوب: {قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [يوسف:5] هذا التوجيه والنصيحة ودعوة الأبِ ابنَه إلى كتم الرؤيا عن إخوته تربيةٌ أمنية خوفًا من زيادة الحسد والكراهية وما يترتب عليهما من غدر ومكر، “فلَا يُشْكِلُ كَيْفَ حَذَّرَ يَعْقُوبُ يُوسُفَ- عَلَيْهِمَا السَّلَامُ- مِنْ كَيْدِ إِخْوَتِهِ، وَلِذَلِكَ عَقَّبَ كَلَامَهُ بِقَوْلِهِ: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} لِيَعْلَمَ أَنَّهُ مَا حَذَّرَهُ إِلَّا مِنْ نَزْغِ الشَّيْطَانِ فِي نُفُوسِ إِخْوَتِهِ”([10]).
وكذلك نلاحظ الأمن النفسي في قول الله تعالى حكاية عن يعقوب عليه السلام: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [يوسف:67] قال القاسمي: “أي لئلا يستلفت دخولهم من باب واحد أنظار من يقف عليه من الجند ومن يعسُّ للحاكم؛ فيريب بهم لأن دخول قوم على شكل واحد وزيٍّ متحد على بلدٍ هم غرباءُ عنه مما يلفت نظر كل راصد، وكانت المدن وقتئذ مبوَّبة لا ينفذ إليها إلا من أبوابها، وعلى كل باب حرسه، وليس دخول الفرد كدخول الجمع في التنبه وإِتْبَاع البصر”([11]). لقد وجه نبي الله يعقوب -عليه السلام- أبناءه توجيهًا أمنيًّا تُؤخذ منه العبرة والعظة، وذلك من خلال أخذ كل وسائل الحيطة والحذر في مثل هذه الأحوال.
أما الأمن النفسي يوم القيامة فإن المؤمن في الجنة سليم الصدر من كل ما يشوب أمنه وطمأنينته واستقراره النفسي، قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} [الحجر:45-46].
المطلب الثاني: الأمن السياسي
هو تحرر المواطنين جميعًا من الخوف والحاجة، وضمان تأمين الحماية من تهديد القمع السياسي، وحمايتهم من الصراعات والحروب والهجرة، فلا استثناء أو تمييز لأنه حقٌّ من الحقوق المكتسبة للإنسان، وقيل: هو احترام حقّ الإنسان في التعبير عن رأيه وحمايته من القمع الذي قد يواجهه.
ويظهر الأمن السياسي في سياق قصة أصحاب الكهف، قال الله تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا} [الكهف: 19] يبين القرآن الكريم حالة فتية استيقظوا من نومهم يوصي بعضهم بعضًا أن يكونوا على حذر لئلا يشعر بهم أحد، ويظهر الأمن السياسي من خلال قولهم {وَلْيَتَلَطَّفْ} أي في خروجه وذهابه وشرائه وإيابه، {وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا} أي: ولا يفعلن ما يؤدي من غير قصد منه إلى العلم بنا والشعور بوجودنا؛ فإن أهل ملتهم إن عرفوا أمرهم قتلوهم بالحجارة أو أعادوهم إلى ملتهم، “وهنا يتبين مفهوم الأمن السياسي، وهو وجود تلك القوة الظالمة التي تتربص بالفتية للقتل بوصفهم خارجين على الدين لأنهم يعبدون إلهًا واحدًا في المدينة المشركة، أو يفتنونهم عن عقيدتهم بالتعذيب؛ لذلك يوصون الرسول أن يكون حذرًا لبقًا”([12]) قال الزمخشري في معنى {وَلْيَتَلَطَّفْ}: “وليتكلف اللطف والنِّيقة([13]) فيما يباشره من أمر المبايعة حتى لا يغبن أو في أمر التخفي حتى لا يعرف”([14]).
ونلاحظ هذا الأمن السياسي أيضًا في قوله تعالى: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص:21] يترقب أي: يلتفت يمينًا وشمالًا، متخذًا في ذلك كل قواعد الحيطة والحذر، قال الفخر الرازي: “أَيْ خَائِفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَنْتَظِرُ هَلْ يَلْحَقُهُ طَلَبٌ فَيُؤْخَذُ، ثُمَّ الْتَجَأَ إِلَى اللَّه تَعَالَى لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا مَلْجَأَ سِوَاهُ فَقَالَ: {رَبِّ نَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ} وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَتْلَهُ لِذَلِكَ الْقِبْطِيِّ لَمْ يَكُنْ ذَنْبًا، وَإِلَّا لَكَانَ هُوَ الظَّالِمَ لَهُمْ وَمَا كَانُوا ظَالِمِينَ لَهُ بِسَبَبِ طَلَبِهِمْ إِيَّاهُ ليقتلوه قصاصًا”([15]).
ومنه قول الله سبحانه وتعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ. فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص:20-21] قال ابن كثير: “وَصَفَهُ بالرّجُولية لِأَنَّهُ خَالَفَ الطَّرِيقَ، فَسَلَكَ طَرِيقًا أَقْرَبَ مِنْ طَرِيقِ الَّذِينَ بُعِثوا وَرَاءَهُ، فَسَبَقَ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ لَهُ: يَا مُوسَى {إِنَّ الْمَلأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ} أَيْ: يَتَشَاوَرُونَ فِيكَ {لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ} أَيْ: مِنَ الْبَلَدِ {إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ}”([16]). والتأكيد بـ (إنَّ واللام) ليناسبَ مقتضى الحال فيجدَ موسى مخرجًا، فالملك وبطانته ورجال دولته يدبرون لك المكائد وينصبون لك الحبائل، فاهرب قبل أن يلقوا القبض عليك وينفذوا ما دبَّروه ويقتلوك -إنه الأمن السياسي- فخرج موسى من مدينة فرعون خائفًا يترقب لحوق الطالبين، ويتلفت يمينًا ويسارًا وينظر أيتبعه أحد، متخذًا جميع قواعد الحيطة والحذر.
إن مفهوم الأمن عمومًا والسياسي خاصةً يُدلِّل على ضرورة البحث والتحري الدائم لأسباب الاستقرار والتماسك المجتمعي والتحرر من الخوف، وهو ما تم تغييبه في سورية إبان حكم حافظ الأسد وتحول إلى مفاهيم أمنية خاصة بالسلطة الحاكمة، فعملت الاستراتيجية الأمنية على نشر فلسفة ابتعاد المجتمع عن السياسة قولًا وممارسة، وأغلقت هذا الباب بحيث أضحى حَكرًا على العائلة الحاكمة وأعوانها، واعتمدت السلطة في سبيل إحكام سيطرتها بواسطة الأجهزة الأمنية على أسلوب توليد العداء وخلق الحالة التنافسية بين جميع الأجهزة الأمنية المختلفة والقائمين عليها، فارتبط مؤشر الأداء الجيد بمعياري الولاء والطاعة المطلقة، وأُطلِقت أيدي الأمن في جميع مفاصل الدولة، فنتج عن ذلك التدخل في أبسط مناحي الحياة ابتداء من رخصة بائع متجول إلى عضوية مجلس الشعب وترفيع ضباط الجيش، وهو ما شكَّل مصدر ثراء فاحش لهم، وتنامت ثقافة الرعب من الأجهزة الأمنية في المجتمع عبر تكريس تركيبة طائفية متناقضة داخل دائرة القرار في كل فرع مع تعميق ثقافة “التقارير” في المجتمع.
المطلب الثالث: الأمن الاجتماعي
لا شك أن الأمن الاجتماعي من العوامل الأساسية في حياة الفرد والمجتمع، فهو نعمة من أعظم النعم الإلهية، ومعناه شعور الفرد بالانتماء للمجتمع، قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة:126] لقد جعل الله عز وجل الأمن من خصائص بيته المحرم الذي له من المنزلة والفضل والمكانة ما ليس لغيره، وكان المطلب الأول في دعوة إبراهيم الخليل -عليه السلام- ربه أن يجعل البيت الحرام آمنًا يأمن فيه الناس على أموالهم ودمائهم وعبادتهم؛ ذلك أن “الأمن هو الأساس والمنطلق للتنمية والتطور، وهو السلاح الفاعل في مواجهة الخوف، وهو الصيانة والوقاية لمنجزات الحاضر والمستقبل”([17]).
ومن الأمن الاجتماعي قوله تعالى حكاية عن أم موسى عليه السلام: {وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} [القصص:11]، “وَقالَتْ لِأُخْتِهِ أي: لمريم أخت موسى، قُصِّيهِ أي: اتبعي أثره حتى تعطي خبره، {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ} أي عن بُعْد، قيل: كانت تمشي جانبًا وتنظره اختلاسًا ترى أنها لا تنظره، {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} أنها أخته وأنها ترقبه”([18]) مخافة أن يكشف أمرها، ففي هذا النص القرآني توجيه أمني تؤخذ منه العبرة والعظة.
ونلمس توجيهًا للأمن الاجتماعي في قصة أصحاب الجنة، فالقصة تضرب مثلًا للقيم الزائلة والقيم الثابتة، وترسم نموذجين واضحين للنفس المعتزة بزينة الحياة الدنيا حيث تذهلها الثروة وتبطرها النعمة، وللنفس المعتزة بإيمانها بالله سبحانه، فهي ترى النعمة دليلًا على المنعم يوجب الحمد والشكر، وكلاهما نموذج إنساني لطائفة من الناس، قال الله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا. كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا. وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا. وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَدًا. وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا. قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا. لَّـٰكِنَّا هُوَ اللَّـهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا. وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا. فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا. أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا. وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا. وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّـهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا. هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّـهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا} [الكهف:32-44].
ترشد هذه القصة إلى أن شكر النعمة سبب لدوامها، ويأمن أصحابها على أنفسهم وأموالهم، وأما كفر النعمة فيسبب زوالها وزوال الأمن عن أصحابها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا)([19]) قال أبو حامد الغزالي: “فلا ينتظم الدين إلا بتحقق الأمن على هذه المهمات الضرورية، وإلا فمن كان جميع أوقاته مستغرقًا بحراسة نفسه من سيوف الظلمة وطلب قوته من وجوه الغلبة، متى يتفرغ للعلم والعمل وهما وسيلتاه إلى سعادة الآخرة؟”([20]).
المطلب الرابع: الأمن الاقتصادي
عرفه أحد الباحثين قائلًا: “هو أن يملك المرء الوسائل المادية التي تُمكنُه من أن يحيا حياة مستقرة ومشبعة”([21])، لكن هذا التعريف جعل الأمن الاقتصادي قاصرًا على أمن الفرد من حيث توفيرُ احتياجاتِه واستقرارِه، بينما يتعدى مفهومُ هذا المصطلح أمنَ الفرد ليشمل أمنَ المجتمع واستقرارَه، قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة:126. جمعت هذه الآية بين الأمن واحتياجات الإنسان الضرورية الداعية لاستقراره كالطعام والشراب، فلا بد لشعور الناس بالأمن من توفر حاجتهم المعيشية وقناعتهم وطمأنينتهم بما يصل لهم؛ فالأمن الاقتصادي شرعًا هو: “تأمينُ المواردِ والاحتياجاتِ التي توفر الاستقرار وتحفظ النفوس، وتأمينُ طرقِ وُصُولِها”([22]).
ويظهر الأمن الاقتصادي جليًّا في قوله تبارك وتعالى: {وَضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّـهِ فَأَذَاقَهَا اللَّـهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل:112]، أي “كان أهلها في أمنٍ واستقرار وسعادة ونعيم {يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ} أي تأتيها الخيرات والأرزاق بسعةٍ وكثرةٍ من كل الجهات {فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله} أي لم يشكروا الله على ما آتاهم من خير وما وهبهم من رزق؛ {فَأَذَاقَهَا الله لِبَاسَ الجوع والخوف} أي سلبهم اللهُ نعمة الأمن والاطمئنان، وأذاقهم آلام الخوف والجوع والحرمان”([23]).
ولكون الأمن ضروريًّا للحياة قرنه الله سبحانه بالطعام والأموال والأولاد في أكثر من موضع، بل قدَّمه عليها في مثل قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة:155] فقد بدأ بضد الأمن وهو الخوف لأن الحياة بدون أمن وأمان لا تطاق، وامتن الله تعالى على قريش قبل بَعثة النبي صلى الله عليه وسلم بأن هيأ لهم الأمن خاصة بعد حادثة الفيل حيث جاء نصر الله على أبرهة وأصحابه، لكن لم يكن بيد قريش لأنهم كانوا يعبدون الأصنام، قال الله تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ. الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} [قريش:3-4] ولهذا جاءت سورة قريش عقب سورة الفيل، فعاشت قريش بعد هذا آمنة مطمئنة في كنف الكعبة، لا ينالها أحد بسوء رغم كثرة النهب والسلب والخوف، بل تعدى الأمن إلى قوافلها التجارية في رحلتي الشتاء والصيف لأنها تجارة أهل البلد الأمين، قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّـهِ يَكْفُرُونَ} [العنكبوت:67] قال الزمخشري: “والتنكير في جُوعٍ وخَوْفٍ لشدتهما يعني: أطعمهم بالرحلتين من جوع شديد كانوا فيه قبلهما، وآمنهم من خوف عظيم؛ وهو خوف أصحاب الفيل أو خوف التخطُّف في بلدهم ومسايرهم”([24]).
أمَّا قريش فقد قابلت تلك النعمة بالكفران قولًا وعملًا، فحولت بيت الله الحرام إلى منتدى للطاغوت، وأحاطت الكعبة بالأصنام، وعبدت من دون الله سبحانه أوثانًا، ولم تكتفِ بذلك بل حاربت عباد الله المؤمنين في البلد الأمين مكة، وسامت الصحابة سوء العذاب، وحولت بلد الأمن والأمان إلى بلد الأشباح والرعب للمؤمنين الصادقين، وأجابت الرسول الكريم بالشرك والكفر بنعمة الله تعالى، قال الله تعالى حكاية عنهم: {وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} [القصص:57]، إنها لخدعة ومغالطة معكوسة، فهي تفصل بين الهدى والأمان مع أنهما متلازمان، فقد احتجت بأنها إن استجابت للرسول صلى الله عليه وسلم واتبعته على ما جاء به من الهدى حاربتها القبائل الأخرى وقاتلتها وأفقدتها هذا الأمن والأمان، لكن جاء الجواب على هذه الدعوى الباطلة سريعًا وقويًّا، فقال الله تعالى: {أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [القصص:57]، أفمن أمَّنهم وهم عصاة يدعهم يُتخطفون وهم مطيعون تقاة؟! بل إنه سبحانه وتعالى أنعم عليهم مع الأمنِ بنعمة الرزق والازدهار الاقتصادي والنشاط التجاري حيث يُجبى إليهم ثمرات كل شيء ومن كل مكان رغمَ أنَّ بلادهم ليست بلادًا زراعيَّة.
دعواهم تلك بأن الإيمان يفقد الأمن ليست منطق قريش فقط؛ بل نجد هذه الأيام من يدعي بأن تطبيقنا للإسلام سيجر علينا الويلات ويفقدنا الأمن والأمان، وسيثير علينا الفتن والاضطرابات والحروب داخليًّا وخارجيًّا، إنه عين ما احتجت به قريش، فهل فقدت قريش أمنها؟ وهل أغارت عليها القبائل؟ ألبتة، بل الواقع كذَّب ذلك؛ فحين اتبعت قريش الهدى رجع إليها أمنها أقوى مما كان، ودخلت القبائل في دين الله أفواجًا، وبسطت سيطرتها على مساحات شاسعة في مشارق الأرض ومغاربها.
يقول الأمريكي برنارد لويس: “إن الدول الإسلامية قد تسقط أو تزول كدولة بالغزو العسكري، ولكن المجتمع يظل في حياته محكومًا بقوانينه الإسلامية في معاملاته وعلاقاته ربما عشرات السنين حتى تقوم الدولة من جديد، وهي تجربة مرت بها الدول الإسلامية التي خضعت للاستعمار عشرات السنين”([25]).
لقد ربط القرآن الكريم الأمن بالاقتصاد لأنه لا اقتصاد بلا أمن ولا أمن بلا تقدم في الاقتصاد؛ لذلك يفر التجار الكبار بأموالهم والمقاولون بأعمالهم وخططهم من الأماكن المضطربة وبلدان الحروب ولا يستثمرون فيها، ومن هنا لما دعا نبي الله إبراهيم -عليه السلام- ربَّه عز وجل ربط أيضًا بين الأمن والاقتصاد، قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة:126] وهذه سنة الله في الذين يكفرون بأنعم الله أن يسلبهم الأمن ويذيقهم لباس الجوع والخوف، قال الله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّـهِ فَأَذَاقَهَا اللَّـهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل:112].
وكفران النعمة أنواعه ثلاثة على رتب متفاوتة، قال الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّـهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [الحجرات:7]:
المطلب الخامس: الأمن العسكري
يعتمد في الأساس على المعلومات وسـريتها ومـدى دقتهـا، لـذلك تسابقت الشعوب منذ القدم على استخدام كل الوسائل والتقنيات للحصول على تلك المعلومـات التي تحفظ أمنها العسكري، وتعد العقيدة العسكرية ركنًا مهمًّا يؤثر في قواعد الإعداد الحربي بنوعيه المعنوي والمادي، هذا ويمكن تقسيم الإعداد المادي العسكري إلى قسمين:
أولًا: إعداد الجنود والضباط بأحدث الطرق والأساليب العالمية.
ثانيًا: توفير كل الإمكانيات العسكرية المتطورة المواكبة لتقنيات العـصر مـن الأسلحة الخفيفة إلى الثقيلة؛ لتمتلك الدولة قدرة ردع دولية قوية، قال الله تعالى: {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً} [النساء:102].
لقد “شرع الإسلام نظامًا شاملًا للحرب يتسم بالرحمة والعدل، ويطبع العقيدة العسكرية التي تستمد منه بطابع سلمي غير عدواني”([26])، قال الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّـهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّـهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ. وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنفال:60-61].
إن المسلم يتحلى بعقيدة عسكرية ثابتة، “فقتاله من أجل الله وفي سبيله، لا يبتغي مغنمًا أو جاهًا أو مكانًا رفيعًا في الدولـة كما لا يقاتل من أجل قومية أو عصبية أو شهرة، فهذه غايات تحبط الأعمـال وتقـدح فـي العقيدة الصحيحة التي غرسها النبي صلى الله عليه وسلم في نفوس أصحابه”([27]).
ورد في القرآن الكريم لفظ (أمَنَة) في موضعين في حديثه عن غزوتين:
أ – في غزوة بدر، حين أنزل الله تعالى النعاس على الصحابة أثناء المعركة، قال سبحانه وتعالى: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} [الأنفال:11].
فبدر كان يُعد موقعًا استراتيجيًّا للترتيبات العـسكرية والإجـراءات الأمنيـة المقدَّمة المتخذة قبل المعركة، فقد أرسل الله سبحانه وتعالى المطر ليلبد الأرض تحت أقـدام المسلمين؛ فساعد في تحرك القوات بشكل سريع حسب الخطة التي وضعها النبـي صـلى الله عليه وسلم.
ب- في غزوة أحد، قال الله تعالى: {ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِّنكُمْ} [آل عمران:154]. كان القرار بالخروج لملاقاة العدو خارج المدينة بالقرب من جبل أحد، وقد اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم التدابير الأمنية العسكرية اللازمة بأعلى درجاتها لحماية كتائب الجيش ومواقع التمركز والانطلاق للعمليات العسكرية المخطط لهـا بحكمة ودقة بالغة، قال الله تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران:121]، قال ابن كثير: “أي: تُبَيّن لهم منازلهم وتجعلهم مَيْمَنة ومَيْسَرة وَحَيْثُ أَمَرْتَهُمْ”([28]).
كان مجلس الشورى الأعلى بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم يسمع من الرسول الأخبار التي ترد تباعـًا مـن جهـاز الاستخبارات بأن حشود الأحزاب بدأت في التجمع لاستئصال المسلمين، وأن الهجمة باتـت قريبة بقوة لا يستهان بها، فأشار سلمان الفارسي رضي الله عنه بضرورة حفر خندق يحيط بشمال المدينـة لأنها منطقة مكشوفة، أمَّا الجهات الأخرى فهي محصنة بالجبال المحيطة بالمدينة، وقد صور الله تعالى ذلك كله على أنه من البلاء الشديد والجوع الديقوع([29]) والحصار الضيق؛ فقال تعالى: {إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّـهِ الظُّنُونَا. هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب:10-11].
وتهتم العقيدة العسكرية الإسلامية بالمقاتل اهتمامًا كبيرًا لقدسية الروح المسلمة عند الله تعالى، قال سبحانه: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّـهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93] “فالقائد المسلم الذي يفرط في تقديم الخسائر بالأرواح عبثًا ليس قائدًا ولا مـسلمًا، فقـد كان القادة المسلمون يحرصون أشد الحرص على أرواح المجاهدين، وغالبًا ما كانوا يستأثرون بالخطر ويؤثرون رجالهم بالأمن”([30])؛ لذلك شرع الباري سبحانه صلاة الخوف في وقت الحرب حتـى لا يؤخذ المسلمون على حين غِرَّة، يقول اللواء محفوظ: “وأخطر ما تتعرض له الأمم في هذا المجال هو المباغتة؛ لـذلك تسعى بأقصى جهدها لكي تمنع العدو من مفاجأتها، وذلك بأن تؤسس اسـتراتيجيتها العـسكرية على استخدام مختلف أجهزة الإنذار المبكر ووسائل الاستطلاع المتقدمة”([31]).
ومن الأمن العسكري مشروعية الاتفاقات والمعاهدات بـين المسلمين وغيرهم؛ لذا أكدت الآيات القرآنية على الوفاء بالعهد وعدم الغدر في ذلك، فقال جل جلاله: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّـهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:7].
الخاتمة:
في ختام هذه الدراسة التي تناولت نعمة أمن الإنسان في ضوء القرآن يمكن استخلاص أهم النتائج:
([1])- التربية الأمنية في ضوء القرآن الكريم – دراسة موضوعية، للدكتور عبد السلام حمدان اللوح، والدكتور محمود هاشم عنبر، بحث منشور في مجلة الجامعة الإسلامية، المجلد الرابع عشر، العدد الأول، يناير، 2006م: 232.
([2])- الموسوعة الفقهية الكويتية، مجموعة من المؤلفين، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، 2012م:6/271.
([3])- التربية الأمنية في ضوء القرآن الكريم: 230.
([4])- نظرات في مفهوم الأمن في القرآن الكريم، ورقة عمل للدكتور الشاهد البوشيخي، ألقيت في الملتقى الثاني للقرآن الكريم بمكناس، المغرب.
([5])- المفردات في غريب القرآن، لأبي القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني، تحقيق: صفوان عدنان الداودي، دار القلم، الدار الشامية، دمشق- بيروت، الطبعة الأولى 1412 هـ: 91.
([6]) – التربية الأمنية في ضوء القرآن الكريم: 230.
([7])- الأمن النفسي في العلاقة مع الله كما يصورها القرآن الكريم، انشراح أحمد توفيق اليبرودي، بحث منشور في المجلة العربية للدراسات الأمنية، المجلد 32، العدد 67، الرياض، 1438 هـ 2016م: 165.
([8])- روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي، تحقيق: علي عبد الباري عطية، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة الأولى، 1415 هـ: 7/141-142.
([9])- الأمن النفسي في العلاقة مع الله كما يصورها القرآن الكريم: 166.
([10])- التحرير والتنوير، محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور، الدار التونسية للنشر – تونس، 1984 هـ: 12/214.
([11])- محاسن التأويل، محمد جمال الدين القاسمي، تحقيق: محمد باسل عيون السود، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1418 هـ، 6/197.
([12])- مشاهد الأمن كما تصورها القصة القرآنية، الدكتورة يسرى أحمد اليبرودي، بحث منشور في المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، مج (12)، ع (4)، 1438ه/2016م: 376.
([13])- النيقة: مشتقة من الأناقة، جاء في لسان العرب: ” قَالَ اللَّيْثُ: النِّيقةُ مِنَ التَّنَوُّق، تَنَوَّق فُلَانٌ فِي مَنْطِقِهِ وَمَلْبَسِهِ وأُموره إِذَا تجوَّد وَبَالَغَ، وتَنَيَّق لُغَةٌ”. [لسان العرب لابن منظور: 10/363].
([14])- الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، للزمخشري: 2/710.
([15])- مفاتيح الغيب (التفسير الكبير)، فخر الدين الرازي، دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة الثالثة، 1420 هـ: 24/587.
([16])- تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة، ط2، 1420هـ – 1999 م: 6/226.
([17])- مسؤولية الأفراد والأجهزة الحكومية في تحقيق الأمن الاجتماعي، ورقة عمل لعبد الستار الهيتي، مقدمة لمؤتمر ” الأمن الاجتماعي تحديات وتطلعات” المنعقد في البحرين لعام 2007م ، ص4.
([18])- لباب التأويل في معاني التنزيل، علاء الدين علي بن محمد، المعروف بالخازن، تصحيح: محمد علي شاهين، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة الأولى، 1415هـ: 3/359.
([19])- رواه البخاري في الأدب المفرد، برقم ( 300 ) 1/ 112، ورواه ابن حبان في صحيحه: 2 /446، والترمذي في سننه، كتاب الزهد، باب في التوكل على الله، برقم (2346)، وقال أبو عيسى: “هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مروان بن معاوية، ج4/ ص5، وابن ماجه في سننه، كتاب الزهد، باب القناعة، برقم (4131).
([20])- الاقتصاد في الاعتقاد، أبو حامد الغزالي، طبعة القاهرة، بدون تاريخ: 2/5.
([21])- التخطيط الاستراتيجي لتحقيق الأمن الاقتصادي، سعيد علي حسن، ورقة بحثية مقدمة لمؤتمر “تقنية المعلومات والأمن الوطني”، الرياض، 2007م: 4.
([22])- وسائل تحقيق الأمن الاقتصادي في الإسلام، الدكتور محمد منصوري، بحث منشور في مجلة الإحياء الجزائرية، العدد 20، لعام 2017م: 451.
([23])- صفوة التفاسير، محمد علي الصابوني، دار الصابوني– القاهرة، ط2، 1417هـ – 1997م: 2/135.
([24])- الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، الزمخشري، دار الكتاب العربي – بيروت، ط3، 1407 هـ: 4/803.
([25])- الأمن في حياة الناس وأهميته في الإسلام، عبد الله بن عبد المحسن التركي، د.ت: 3.
([26])- العسكرية الإسلامية وقادتها العظام، جمال يوسف الخلفات وآخَر، مكتبة المنار، الزرقاء، الأردن، ط2، 1403هـ ـ 1983م: 87.
([27])- الأمن العسكري في السنة النبوية: دراسة موضوعية تحليلية، نهاد يوسف الثلاثيني، الجامعة الإسلامية/غزة، 1428هـ 2007م، 36.
([28])- تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: 2/110.
([29])- الديقوع: الشديد، من الجوع المدقع، قال ابن منظور: “وجُوع دَيْقُوعٌ: شَدِيدٌ”. [لسان العرب:8/90].
([30])- العسكرية العربية الإسلامية، محمود شيت خطاب، مطابع الدوحـة الحديثـة، الطبعة الأولى، 1403هـ:57.
([31])- المدخل إلى العقيدة والاستراتيجية العسكرية الإسلامية، محمد جمال محفـوظ، دار الاعتصام، ط2، 1976م: 170.